أكد اللواء محمد
ابراهيم عضو المجلس المصري للشئون الخارجية أن القضية الفلسطينية تظل القضية العربية
المحورية التي ستكون لها الأولوية على جدول أعمال القمة العربية المقرر انعقادها في
العاصمة السعودية الرياض في منتصف شهر أبريل القادم.
وأشار اللواء محمد
ابراهيم ـ في مقال تحت عنوان (قمة الرياض والقضية الفلسطينية .. رؤية مقترحة) ، نشرته
صحيفة الأهرام اليوم ـ الى أن هذه القمة العربية ستكون لها مواقف واضحة في القضايا
العربية المهمة ، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
وقال إنه من المرتقب
من القادة العرب أنهم سيولون القضية الفلسطينية اهتماما كبيرا ومعالجة شاملة في ظل
ما تشهده من تطورات في المرحلة الأخيرة تفرض على القمة التعامل معها برؤية جديدة ،
لا سيما أن عامل الوقت لم يعد في مصلحة الموقفين العربي والفلسطيني في ظل الإجراءات
الإسرائيلية والقرارات الأمريكية التي تزيد فرص التسوية السياسية تعقيداً.
ونوه بما أنجزته
القمم العربية السابقة في مجال طرح رؤية عربية متقدمة لحل الصراع العربي ـ الإسرائيلي
بصفة عامة والقضية الفلسطينية بصفة خاصة ، وذلك في قمة بيروت 2002 التي شهدت ولادة
المبادرة العربية للسلام التي استندت على مبادئ التسوية التي أقرها المجتمع الدولي
وأهمها الأرض مقابل السلام وحل الدولتين ، ولكن لم ينجح العرب ، لأسباب متعددة ، في
فرض أو تسويق هذه المبادرة مما أفقدها ثقلها وبريقها دون أن يفقدها وجودها ومبادئها.
وأشار الى أن القضية
الفلسطينية تتعرض حاليا الى تحديات خطيرة وغير مسبوقة تعسر من إمكانية التوصل إلى عملية
سلام تؤدى إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود ما قبل الخامس
من يونيو عام 1967 ، ومن ثم يأتي التحدي الذي تواجهه قمة الرياض ، وهو هل ستتعامل القمة
مع القضية الفلسطينية بنفس المواقف العامة التي عبرت عنها القمم السابقة ؟ أم أن الأمر
سيكون مختلفاً وتخرج علينا بمعالجة جديدة للتحرك الفعال من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي؟.
وطرح اللواء محمد
ابراهيم خمس مقترحات إرتآها للقمة العربية ، وهي إعتماد مبادرة السلام العربية المطروحة
في قمة بيروت دون أي تعديلات ، واعتماد خطة السلام التي طرحها الرئيس الفلسطيني محمود
عباس (أبومازن) أمام مجلس الأمن الدولي في العشرين من فبراير الماضي ، والإبتعاد عن
التعرض لما يطلق عليه (صفقة القرن) حتى لا نعطي هذا التعبير أي شرعية
، والتأكيد على
الرفض المطلق لأي مواقف يطرحها أي طرف تؤثر بشكل مسبق على حل قضايا الوضع النهائي ،
ثم إعلان الإستعداد للبدء في مفاوضات سلام إسرائيلية فلسطينية مباشرة بدون شروط مسبقة.
وأضاف اللواء محمد
ابراهيم .. مع قناعتي التامة بالجهود العربية التي تبذل وبمدى مصداقية الزعماء والقادة
العرب الذين سيبحثون بكل جدية ووطنية تطورات هذه القضية المركزية من كل جوانبها ، بما
في ذلك دعم صمود سكان القدس وإنهاء الإنقسام وغيرها من صور الدعم المعروفة ، فإني أجد
لزاماً أن أطرح بكل تواضع بعض المقترحات التي يمكن أن تساعد في بلورة الرؤية العربية
تجاه القضية خلال قمة الرياض ، سواء تم تضمينها في البيان الختامي أو كما يتراءى للسادة
القائمين على أمر القمة ، وفي هذا المجال أعرض المقترحات الخمسة التالية ثم أتبعها
بآلية أخرى مقترحة وهي كما يلي : -
المقترح الأول
: اعتماد مبادرة السلام العربية المطروحة في قمة بيروت دون أي تعديلات أخذاً في الإعتبار
عاملين رئيسيين ، أولهما أن المبادرة تطرقت إلى جميع قضايا الوضع النهائي ووافقت على
التطبيع الكامل مع إسرائيل في مقابل إنسحاب كامل ، والعامل الثاني أن إسرائيل تضغط
من أجل إدخال تعديلات جوهرية على المبادرة ، أهمها أن يسبق التطبيع مع العرب الإنسحاب
من الأراضي المحتلة.
المقترح الثاني
: اعتماد خطة السلام التي طرحها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) أمام مجلس الأمن
في العشرين من فبراير الماضي لأنها خطة متكاملة اشتملت على مبادئ وثوابت ومرونات ومقترحات
وقبول باستئناف المفاوضات على أن يتم تحقيق قدر من التكامل بين المبادرة العربية وخطة
أبو مازن.
المقترح الثالث
: الابتعاد تماما عن التعرض لما يطلق عليه (صفقة القرن) حتى لا نعطي هذا التعبير أي
شرعية ، مع الإكتفاء بالتأكيد على عدم قبول الجانب العربي أي خطط سلام مطروحة من أي
طرف لا تتماشى مع المطالب العربية والثوابت الفلسطينية.
المقترح الرابع
: التأكيد على الرفض المطلق لأي مواقف يطرحها أي طرف تؤثر بشكل مسبق على حل قضايا الوضع
النهائي المطروحة على مائدة المفاوضات وخاصة قضيتي القدس واللاجئين.
المقترح الخامس
: إعلان الاستعداد للبدء فوراً في مفاوضات سلام إسرائيلية فلسطينية مباشرة بدون شروط
مسبقة على أن تتم هذه المفاوضات في إطار آلية مقبولة ودون استبعاد أي طرف إقليمي أو
دولي على الأقل في مرحلة إطلاق المفاوضات التي يجب أن تؤدي في النهاية إلى تطبيق حل
الدولتين.
ورأى اللواء محمد
ابراهيم أنه حتى يكون الأمر أكثر جدية فإن قمة الرياض عليها ألا تعيد طرح مبادرة السلام
العربية فقط ، وإنما يجب عليها تشكيل لجنة عربية مصغرة تكون مهمتها ترجمة المبادرة
إلى آليات واقعية قابلة للتنفيذ في كل البنود التي تضمنتها ، على أن تقدم اللجنة مقترحاتها
خلال أسبوعين من موعد انتهاء القمة ، ثم يلي ذلك تنفيذ الخطوة التالية وهي التحرك الخارجي
المرشد لتسويق المبادرة وآلياتها في فترة لا تتجاوز شهرا من الموافقة على آليات التنفيذ
، وعقب انتهاء هذه التحركات تتم دراسة نتائجها وتقييمها بهدف تحديد مسار الخطوات المقبلة
، وفي رأيي يجب التركيز على مسألة استئناف المفاوضات بما لا يتجاوز شهر يوليو
2018.
وأضاف أنه لا شك
أن الهدف الرئيسي من تفعيل المبادرة العربية بهذا الشكل يتمثل في أن يعي المجتمع الدولي
أن العرب يمتلكون رؤية شاملة للسلام ، وأنهم على إستعداد لتنفيذها من خلال مفاوضات
حقيقية ، وهو أمر بات مطلوباً بقوة أكثر من أي وقت مضى حتى لا تصبح الساحة السياسية
خالية ترتع فيها إسرائيل كما تشاء ، وتصبح الفرصة سانحة أمام أطراف أخرى لطرح خطط سلام
لا تلبي الحد الأدنى من المطالب العربية والفلسطينية.
واختتم اللواء
محمد ابراهيم مقاله بالقول .. وفي كل الأحوال ، علينا أن نؤكد أن عام 2018 إن لم يكن
هو عام إقامة الدولة الفلسطينية فعلى الأقل يجب أن يكون هو عام البدء في ترتيبات إقامة
هذه الدولة التي طال أمد انتظارها.