وجه الكاتب الصحفي كرم جبر رئيس الهيئة
الوطنية للصحافة تحذيرا لكل الأطراف المتنازعة في سوريا أو على الأصح على سوريا من
استمرار مسلسل الخراب والنزيف على أرضها.
وتساءل جبر لماذا كان بشار الأسد ونظامه
الأقرب في توجيه الاتهام باستخدام السلاح الكيماوي ألا يكون مطروحا أن تم بفعل
فاعل فبشار ليس وحده من يملك ذلك السلاح فإن التنظيمات المأجورة كداعش وغيره
يمتلكها وهو الوحيد ومن يسانده المستفيد من كسر سيطرة الجيش السوري على مساحات من
أرضه ليتمدد ويستمر.
وأضاف: من مصلحة تحالف الغرب أن تبقى أرض
سوريا مسرحا لاختبار الأسلحة والإرادات ليستمر تهريب السلاح ويبقى تدفق الأموال
على قوته.
وهنا نقل جبر التعجب إلى معسكر الأصوات
المطالبة بتدمير بشار والجيش السوري المساند له مؤكدا أن ذلك ليس من مصلحتكم
وتذكروا يوم أن سقط صدام حسين حيث استبيحت أرضكم وتمددت إيران.
وبعيدا عن هؤلاء وأولئك يسلط رئيس الهيئة
الوطنية للصحافة الضوء على وجوه أطفال سوريا التي تطل لاعنة الجميع مذكرا بتحذيرات
مصر المتكررة وموقفها الواضح من مساندة الشعب السوري واختياراته وكيف أن مصر لم
تضمر يوما شرا حتى لأعدائها.
إلى نص المقال:
الكيماوي والأطفال وداعش وبشار !*
من
فعل ذلك بأطفال سوريا، يستحق الإعدام ألف مرة، فالمشهد مرعب لأطفال عمر عام
وعامين، لا يستطيعون التنفس وينازعون الموت بين أيدي ذويهم، من الكيماوي السام
الذي لم تتحمله أجسادهم الضعيفة، ويسكبون فوق رءوسهم الماء، لعل وعسى تعود إليهم
الحياة.. إنها حرب العار التي لن يمحوها الزمن من جبين البشرية.
إذا
كان بشار الأسد هو الذي فعل ذلك، فيستحق أكثر من مصير "صدام"، وأن تتم
محاكمته وحبسه في قفص حديدي، وإعدامه صباح العيد جزاء لجريمته الشنعاء.. وسيظل
العار يلاحقه في جهنم، ولن ترحمه لعنات الأطفال المفزوعين.
ولكن
.. لماذا لا يكون الكيماوي "بفعل فاعل"، حتى يتم التخلص من بشار وتدمير
بقية سوريا وتمزيقها وتقطيعها وتوزيعها على اللئام؟.. وإذا كان بشار يمتلك
الكيماوي، فهو ليس وحده وإنما داعش سبقته وسائر التنظيمات الإرهابية في سوريا،
كلهم يستخدمون الكيماوي لسهولة تصنيعه وفداحة خسائره، وتأثيره الرهيب في الرأي
العام العالمي، لأنه من أسوأ الأسلحة في تاريخ البشرية.
من
مصلحة داعش والتنظيمات الإرهابية، أن تعود إلى السيطرة وفرض النفوذ، ولن يتحقق لها
ذلك إلا إذا تخلصت من الجيش السوري وبشار، ولن تستطيع التخلص منه إلا بحرب دولية
تكسر شوكة الروس، وتعيد السيطرة إلى التحالف الدولي، الذي أوجدها على قيد الحياة،
وأسهل طريق هو الكيماوي، وتعليقه في رقبة النظام السوري، وإيقاظ ضمير الرأي العام
العالمي، الذي يشبه قطعة الإسفنج المبللة بالمياه.
ومن
مصلحة دول التحالف الإجهاز على سوريا، فهي مسرح لتجريب الأسلحة وكسب الأموال،
والاستمتاع بسحر الشرق على أنغام الدانات والصواريخ، وأنهار الدماء وأنَّات
المعذبين في الأرض.. وكأنه من أفلام الرعب التي تحقق ملايين الدولارات، وتكسب
ملايين المشاهدات، ويتابعها جمهور مريض يفرِّغ إحباطاته في آلام الآخرين.
ولكن
ليس من مصلحة العرب استمرار النزيف، وأولهم السعودية ودول الخليج، الذين أدركوا أن
قطع رقبة صدام، ستعقبه رقاب أخرى، والعبرة والعظة "صدام"، فبعد التهليل
والتكبير ومشاعر الفرح لإعدامه، عربدت إيران واستباحت بوابة العرب الشرقية، التي
كان يقف عليها صدام.
وليس
من مصلحة روسيا أن تنكسر شوكتها ويدق عنقها في المستنقع السوري، لا حباً في بشار
ولكن كرهاً في الاختباء مرة أخرى في جليد سيبيريا، وقد يعرض موقفها الرافض المنطقة
إلى حرب عالمية ساخنة، إذا نفذت أمريكا تهديدها بضرب سوريا، سواء وافق مجلس الأمن
أو لم يوافق.. وربنا يستر.
وظهرت
تركيا على مسرح وليمة الذئاب بوجهها القبيح، واستضافت 16 ألف مقاتل من جيش الإسلام
على حدودها مع سوريا، لتجعلهم شوكة في ظهر "بشار"، وتحركهم لاستكمال
مسلسل الفوضى والخراب.. وهو نفس موقف إسرائيل، التي جاملت في الفرح بهجومين
بالصواريخ على سوريا، يعني العاقبة عندكم في المصائب والملمات.
ومن
أحشاء تلك الصورة الظلامية السوداء، تظهر وجوه أطفال سوريا الأبرياء، الذين
يصارعون البقاء لاستنشاق جرعة هواء، وتقول للجميع: لعنكم الله في الدنيا والآخرة،
أيها القتلة المجرمون.. أعداء الحياة.
مصر
.. حماها الله ورعاها .. لم تتورط في إطلاق رصاصة واحدة في أرض الشام، ولم تتلوث
يديها بقطرة دماء واحدة، وحذرت من المأساة قبل تفاقمها، وناشدت الجميع بالحفاظ على
كيان الدولة السورية، وإقرار حق شعبها في اختيار نظام الحكم الذي يريده، واتخاذ
الإجراءات الكفيلة بعودة المهاجرين إلى ديارهم ووطنهم.
مصر الأبية الشريفة، التي تضع العروبة في قلبها، ولم تضمر يوماً
شراً حتى لمن أراد بها شراً.. لذا يحميها الله ويرعاها، كما تحمي وترعى الأشقاء
السوريين في أرضها.