كأنة مكتوب على جبين المصريين لدهر طويل، أن يظلوا متابعين لأخبار الرئيس المخلوع «حسنى مبارك»، ليصبح السؤال الرئيسى فى شارع تشغله قضايا الحياة اليومية- كسعر الدولار وأزمة «العيش» والتهاب الأسعار- «أين سيقيم المخلوع بعد خروجه من السجن؟».. سؤال يبدو خارج السياق المنطقى للأحداث التى تشغل الناس.. يصحب هذا السؤال نوع من المرارة فى الحلوق.. فالناس باتت تعلم جيداً أن ما تعانيه اليوم من متاعب اقتصادية اجتماعية إنما نتج عن ٣٠ عاماً من حكم مبارك.. ويصحب هذا السؤال أيضاً درجة ملموسة من الفضول، وتلقى الشائعات وتصديقها، فهذه المساحة تبدو مظلمة لا ضوء فيها، إذ إن ثروة مبارك وعائلته سواء السائلة أو التى فى شكل (أصول) لا تزال لغزاً يحتاج إلى تفكيك!
فى هذه المساحات المظلمة يجيد «الإخوان» الإرهابيون اللعب، ويجيدون التهديف أيضاً ! سرعان ما تداولت مواقع إلكترونية شائعات عن أن المخلوع الذى خرج من السجن أول أمس، سوف يسكن فى فيلا محصنة تماماً.. تذكرون (الافيه) الذى تبادله هانى رمزى وحنان ترك فى فيلم «جواز بقرار جمهورى» لخالد يوسف ٢٠٠١؟ إنها (الفيلا اللى عند محطة البنزين) فوق نفق «العروبة» بمصر الجديدة! هذه الفيلا تحديداً استهدفها الإخوان بشائعاتهم الخبيثة.. ووجدوا فى القصص المحيطة بها تربة خصبة لإطلاق الشائعات ليس كراهية فى مبارك.. ولكن محاولة منهم للنيل من سمعة الدولة المصرية وقيادتها الحالية، أو بتعبير أوضح.. لإظهار الدولة متواطئة مع المخلوع!
ماكينات الشائعات الإخوانية، باختصار ووضوح.. أطلقت شائعة تقول إن مبارك لن يسكن فى فيلات أو عقارات يملكها جمال وعلاء- ابناه- وإنما سيذهب إلى (الفيلا القديمة) التى عند محطة البنزين!.
وعلى هذا المنوال ... نسجت مواقع إلكترونية نسيجاً لا أول له ولا آخر.. قصص وشائعات وتفاصيل محبوكة بعناية.. قالوا إن (سوزان مبارك) كانت قد اشترت هذا القصر، من جهة (ما) فى الدولة، ثم اضطرت إلى تركها نتيجة (شبهات) شابت البيع، لا نعرف تحديداً ما الجهة.. ولا كيف تم الشراء.. وهل تنازلت هذه (الجهة) التابعة للدولة لمبارك عن الفيلا، أسوة بتنازل الدولة لأسرة السادات عن فيلا الجيزة الشهيرة عقب رحيله بشهور؟! وإذا كانت هذه القصة التى تتداولها المواقع صحيحة، فما هى هذه الجهة التى تملك القصر إياه؟
تداولت نفس هذه المواقع الإلكترونية، وانتشر ما تداولته على ألسنة بعض الناس، أن (المخابرات العامة) هى الحهة التى تملك هذا القصر! وأنها هى التى تعاقدت مع سوزان مبارك من قبل- التعاقد الذى ذكرناه- عبر إحدى الشركات التى تملكها (المخابرات)! هكذا قالت الشائعات، بينما الحقيقة الساطعة التى لا تقبل الشك ولا التأويل، أن المخابرات العامة لا تهدى ولا تبيع فيلات أو قصوراً لأحد، وصحيح أن مقتضيات عملها تدفع إلى امتلاكها بعض الفيلات، لكن هذه الفيلات ليست أبداً، ولا كانت، ولا ستكون، محلاً للاستثمار بالبيع والشراء.. وقد كانت المخابرات العامة قادرة على إعطاء مبارك هذه الفيلا بعد ٢٥ يناير ٢٠١١، فلماذا لم تعطها له؟ هذه أكذوبة إخوانية بامتياز، للنيل من سمعة المخابرات العامة، الأمر لا يعدو كونه أكذوبة.. ساعد على انتشارها عدم وجود معلومات أخرى (مضادة) قاطعة حول المكان الذى سيسكن فيه المخلوع مع خروجه..!
وبعيداً عن الشائعات المغرضة التى نسجها مطلقو الشائعات من «المحظورة» فإن بعض المعلومات يمكن أن نوردها فى هذا السياق حول قصور وفيللات مبارك وأسرته!.
هناك فيللا خاصة بجمال وعلاء قريبة إلى حد ما من قصر «الاتحادية» بمصر الجديدة، سوزان مبارك كانت مقيمة فيها فى الفترة الماضية، بينما يعيش علاء وجمال فى كل من «التجمع الخامس» و «السادس من أكتوبر» هذه معلومة ، أما (ما يقال) اتصالاً بهذه المعلومة فهو أن الطابق الأرضى من هذه الفيلا مجهز تماماً لا ستقبال (المخلوع) عقب خروجه، ولا نعلم إن كان هذا الأمر صحيحاً أم لا!.
وهناك فيلا (شرم الشيخ) التى قضى فيها مبارك الشهور القليلة التى أعقبت ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وكان قد تم شراؤها من «حسين سالم» عبر شركته (نعمة جولف) على مساحة، ٤ فدادين، وقد سبق لحسين سالم أن باع لمبارك ونجليه ٥ فيللات فى شرم الشيخ «بسعر رمزي» وضع تحت «سعر رمزي» هذه أى عدد من الخطوط تشاء.. فهل ينتقل مبارك إليها عقب خروجه؟ ربما.. وإن كان البعض يستبعد هذا..!
هناك مكان ثالث محتمل.. فقد سبق لجمال مبارك أن اشترى ثلاثة طوابق فى عمارات «الميريلاند» بمصر الجديدة.. وجعلها مقراً له (لا نعلم بكم اشتراها ..الله أعلم!)، فهل يسكن مبارك الأب فى أحد هذه الطوابق ؟!
ويتكلم البعض عن أن هناك نية من «آل مبارك لشراء فيلا خاصة له غير معروفة المكان، ولم لا.. والرجل حجم ثروته غير معروف.. قبل ثلاثة أشهر - فقط - قام المدعى العام السويسرى بتجميد ٤٣٠ مليون فرنك سويسرى يملكها مبارك والمقربون منه، ثم جرى رفع التجميد عن ١٨٠ مليون فرنك تصالح أصحابها مع الحكومة المصرية، فشراء الفيلا- «بفلوس سويسرا» بل بجزء من فلوس سويسرا! - أمر يسير .. وما خفى من شأن المخلوع وأسرته كان أعظم!.