الثلاثاء 24 سبتمبر 2024

غلاء الأسعار وجشع التُجار والأمية والبطالة.. أزمات تؤرقهم المنيا: ثروات هائلة.. واستثمارات غائبة !

15-3-2017 | 13:07

المنيا: وفاء عبد الرحيم

محافظة المنيا شأنها شأن محافظات الصعيد التى عانت إهمال تنميتها لفترات طويلة من الوقت، رغم امتلاكها ثروات محجرية ومقومات سياحية وصناعية وزراعية، بالإضافة لموقعها المتوسط بين محافظات الصعيد.

وعلى الرغم من وجود عدة مقومات تجعل من المنيا محافظة رائدة فى المجالات التنموية كافة، إلا أنه مازال ٤٠٪ من سكانها يعيشون تحت خط الفقر، كما تشير الإحصائيات لوجود ١٤٩ ألف متعطل بها عن العمل، وتصل نسبة الأمية فيها إلى ٣ ملايين أمي، فيما تنتشر العشوائيات وتمثل ٣٠٪ من مساكنها، كما تحتل المحافظة المركز الأول فى تصدير عمالة الأطفال لأوربا، وتشكل هي وأسيوط وبني سويف مثلت برمودا فى انخفاض المستويين الاقتصادى والاجتماعى بين سكانها، وتردي الأوضاع الصحية من نقص الأجهزة بالمستشفيات وقلة الإمكانات بالوحدات الريفية بالإضافة لعدم استكمال مشروعات الصرف الصحي والرصف والطرق.

سلوى عبد الستار، رئيس مجلس إدارة الجمعية النسائية بالمنيا، قالت إن هناك حالة من عدم الرضا يعيشها مواطنو المنيا نتيجة غلاء الأسعار للسلع الأساسية واللحوم والدواجن، فى الوقت الذى يعانون فيه انخفاض في الدخل وتدني المستوى الاقتصادى، مما يعني عدم قدرتهم على شراء احتياجاتهم الأساسية على الرغم من مجهودات القوات المسلحة والتموين والشرطة في محاولة توفيرها، متسائلين أين الرقابة ومتى ينتهي جشع التجار؟.

وتضيف عبد الستار أن هناك مشكلات أخرى يعانيها الناس مثل أزمة الخبز التي تعيشها المحافظة، وقيام بعض المواطنين بالتجمهر أمام ديوانها العام بسبب امتناع المخابز عن صرف حصتهم المقررة من العيش لفقدانهم لبطاقتهم التموينية والتى وعد المسئولون بحلها، خاتمة كلامها بعبارة: «خلاص الناس تعبت».

وتضيف سحر سيد حسن، محاسب بإحدى الشركات، أن المحافظة تحتاج إلى استكمال العديد من المشروعات، منها مشروعات الصرف الصحي، خاصة مصرف المحيط بإطسا بسمالوط الذى يعد من أكبر الكوارث الصحية والبيئية، وتطالب بسرعة التدخل لتطوير الخدمات الصحية على مستوى المحافظة بالمستشفيات والتي تعانى الإهمال والعجز في الأجهزة، وأيضا عدم كفاءة العاملين بها من أطباء وتمريض بل ونقص أعدادهم ببعض المناطق، بجانب عدم وجود المستلزمات الأساسية لتقديم الخدمة الطبية بالوحدات الصحية الريفية، مما أدى لتردى الوضع الصحي للمحافظة، مشيره للنقص فى عدد الحضانات للأطفال المبتسرين الموجودة بالمستشفيات وأيضا مشكلة ارتفاع الكثافة في الفصول لنقص أعداد المدارس، مطالبة بتفعيل دور قصور الثقافة ومراكز الشباب فى القرى.

وقال الدكتور محمود درويش، أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنيا، إن المنيا من المحافظات قليلة الاستثمار، داعيا إلى الاهتمام بالسياحة والمناطق الأثرية، ووضع المحافظة على الخريطة السياحية؛ لأن بها آثارا لعصور مختلفة فرعونية وقبطية وإسلامية، مما يعني- طبقا لكلامه- إعادة تنشيط السياحة وحلّ جزء كبير من مشكلة البطالة، مطالبا بسرعة تشغيل المتحف الأتونى.

ناصر عبد البديع، من قرية منشآة المغالقة بملوي، قال إن الأهالي يطالبون بإنهاء الاعتمادات المالية اللازمة لبدء أعمال توصيل الصرف الصحي للقرية، بما أنها مدرجة ضمن قرى المرحلة الأولى لتوصيل خدمة الصرف الصحى، وقال إنهم يعانون تلوث مياه الشرب وارتفاع مستوى المياه الجوفية، مما يعرض حياتهم للخطر ويهدد منازلهم بالانهيار.

وطالب عماد عبيد، مزارع، وزير الزراعة بتوضيح رؤيته في تصحيح السياسات الزراعية التى أدت لإفقار الفلاح وتحويل الريف من منتج لمستهلك، وأيضا موقف الوزارة من السياسة التعاقدية الخاصة بالمحاصيل الاستراتيجية التى تلعب دورا فى الأمن القومي، على أن تقدم الوزارة الدعم الكافى لتعويض الفلاح وتشجيعه على زراعتها لتحقيق نسبة عالية من الاكتفاء الذاتي، كما طالب بزيادة سعر القمح لأنه محصول مهم للحياة والخبز، وفتح جميع الشون التابعة للجمعيات الزراعية بالقرى لاستلام القمح من الفلاحين ورفع معاناة النقل والمواصلات عنهم، نظرا لارتفاع تكلفة مستلزمات الإنتاج.

عادل أنور، مهندس زراعي، ومسئول برامج تنمية صغار الفلاحين بمؤسسة الحياة الأفضل، أشار من جانبه لعدة مطالب للفلاحين والمزارعين، منها إعادة توزيع حصص المياه تبعا للزراعات الواقعية، وأن يكون هناك عدالة في التوزيع لأنه يوجد أراض زراعية تم بناؤها، ومع ذلك تأخذ نصيبها من المياه، وهناك أراضٍ زراعية بالفعل تحتاج إلى المياه ولا تجدها، مع ضرورة تفعيل قانون يلزم المالك بإعطاء عقود إيجارية للفلاح المستأجر محدد المدة، حتى يستطيع الفلاح استخراج حيازة زراعية إيجارية يستطيع من خلالها صرف مستلزمات الإنتاج من الجمعيات الزراعية بالسعر الذى تحدده الدولة، وتوزيع الأسمدة للذى يزرع الأرض وليس مالكها، والإسراع فى إصدار بطاقات التأمين الصحي للفلاحين، مُلاك ومستأجرين، مع ضم الفلاحين لمنظومة التضامن.

ويطالب محمد سيد عبد الغنى، أمين عام نقابة عمال المحاجر بالمنيا، بضرورة النظر فى قانون الثروة التعدينية بما يتناسب مع فئات ومحاجر وأوضاع المنيا وأسعار بيع المنتج وتسويقه بها؛ حيث إن الفترة الماضية شهدت توقفا تاما لمحاجر المنيا والتي يصل عددها نحو ألفين، ولم يعد يعمل بها سوى ٣٠٠ محجر، مما أثّر على ٥٠ ألف عامل، مشيرا إلى مشكلة كبرى بقرية الديابة التابعة لمجلس قروي بنى حسن والتى يقطنها ٤٥٦٥ نسمة والتى يعمل معظم سكانها بالمحاجر والتي يستغيثون فيها من تزايد لجوء الأطفال إلى ترك التعليم وممارسة العمل بالمحاجر والمناجم، تلك الأعمال الأكثر خطورة، وتغافل المسئولين بمحافظة المنيا وبمركز أبو قرقاص عن الخدمات التعليمية بالقرية، حتى إن الأوضاع التعليمية بها صارت في تدنٍ شديد، وكل يوم يزداد الوضع بالقرية سوءا، فالفقر والأمية أصبحا عنوانها الرسمي، حيث يوجد بالقرية مدرسة واحدة للتعليم الأساسي، وهى تعانى نقصا شديدا في المعلمين، مما جعل المدرسة خط إنتاج دائما لعمال المحاجر من الأطفال، لذا تطالب نقابة عمال محاجر المنيا واتحاد عمال المحاجر والمناجم بتشكيل لجنة مستقلة من الوزارة للوقوف على جميع ما يحدث من تجاوزات بحق الأطفال والإسراع في هذا الإجراء لإصلاح الوضع التعليمي بقرية الديابة قبل أن يتعرض لفشل ذريع بسبب الإدارة وسوء توزيع المعلمين وسد العجز بالمدرسة.

ويؤكد شمس الدين نور الدين، رئيس جمعية رجال الأعمال، عضو الاتحاد العربي للمشروعات الصغيرة، أن محافظة المنيا منتجة داعمة للناتج القومي موفرة لفرص عمل لشباب، لكن لابد من النظر لمعوقات الاستثمار الزراعي خاصة في الأراضي الصحراوية المزورعة والتى تواجه الكثير من المشكلات المتعلقة بالكهرباء والأسمدة، مطالبا بوجود مجلس استشارى للاستثمار بالمنيا، وتفعيل منظومة الشباك الواحد وتسهيل الإجراءات البنكية المعقدة لمنح قروض المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر، مع الاهتمام بالتعليم الفني الصناعي ليكون مصدرا لتخريج العمالة الفنية المتدربة، بالإضافة لوضع خريطة تنموية بمحافظة المنيا تحدد فيها أدوار كل المشاركين لتحقيق تنمية حقيقية خاصة في مجال الاستثمار الزراعي والصناعي والتجاري.

المهندس نبيل صموئيل، خبير تنموي، قال إن المنيا تتميز بأن بها مصادر طبيعية، أولها الزراعة.