طالب مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، المجتمع الدولي باتخاذ جميع التدابير لضمان امتثال إسرائيل لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان؛ والسعي بجهد لتأمين الحماية الدولية - بما في ذلك الحلول الدائمة - لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وخاصة حقهم في العودة وحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير؛ وضمان آلية تمويل منتظم للأونروا لضمان توفير المساعدات الإنسانية والحماية الدولية لجميع الفلسطينيين المهجرين قسرا.
وذكر المجلس - في بيان اليوم الجمعة بمناسبة الذكرى الـ(70) للنكبة الفلسطينية - "أن 70 عاما من النكبة تعني للفلسطينيين سبعة عقود من القمع والإخضاع لسياسات الفصل العنصري الإسرائيلي وممارساته الاستعمارية، وهي تمثل سبعة عقود من تقاعس المجتمع الدولي وفشله في الوفاء بالتزاماته ومسئولياته، وغياب المساءلة والحماية، ورغم السنوات السبعين؛ فإنه لا يزال الشعب الفلسطيني حازما في مطالبته بحقوقه الأساسية وفي مقدمتها حق العودة للاجئين والمهجرين إلى ديارهم الأصلية وحقه في تقرير مصيره".
وأشار البيان إلى أن عدد اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين يبلغ اليوم نحو 8.26 مليون من بين 12.7 مليون فلسطيني، أي ما يقارب ثلثي الشعب الفلسطيني، تم تهجيرهم قسرا وتشتيتهم في جميع أنحاء العالم نتيجة لسياسات إسرائيل المستمرة في التهجير والضم والاستعمار، فضلا عن استمرار إسرائيل في التنكر لحق اللاجئين في جبر ما لحق بهم من أضرار عبر حرمانهم من حقهم في العودة إلى ديارهم التي هجروا منها في عام 1948، واستعادة ممتلكاتهم وتعويضهم، والالتزام بعدم تكرار الانتهاكات، بالإضافة إلى تعرض الثلث المتبقي من الفلسطينيين المتواجدين في فلسطين التاريخية لخطر التهجير القسري نتيجةً للسياسات التي تتبعها إسرائيل.
ولفت البيان إلى تصاعد شدة الحملة التي تقودها إسرائيل والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، لإنهاء عمل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وهي الهيئة الدولية المكلفة بتقديم المساعدات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين؛ ما يتسبب في أزمة مالية حادة تؤثر تأثيرا كبيرا على قدرة الوكالة على توفير أبسط الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين.
وتابع البيان: "لم تكن هذه المحاولة الأولى من جانب إسرائيل لنزع الشرعية عن الأونروا، كما أنها ليست المرة الأولى التي توقف فيها الإدارة الأمريكية التمويل أو تهدد بالقيام بذلك، وبما أن تمويل الأونروا هو طوعي بطبيعته، فإن ذلك جعل من توافر خدماتها مرهوناً باستعداد المانحين لتمويلها، وبالتالي فإن هذه التبعية جعلت الوكالة عرضة للضغط والتدخل السياسي، وفي الواقع، يكشف التحليل التاريخي لمحاولات إسرائيل وسلوك الإدارة الأمريكية منذ بداية عملية أوسلو للسلام، عن وجود استراتيجية منظمة ومدروسة تهدف إلى القضاء على الحقوق الأساسية للفلسطينيين بشكل عام، وحقوق اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين بشكل خاص، حيث تهدف هذه الاستراتيجية إلى إلغاء الأونروا باعتبارها الشاهد الرئيس على فشل المجتمع الدولي في إيجاد حل لأكبر وأطول قضية لجوء وتهجير قسري في العالم".
وأشار البيان إلى إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 6 ديسمبر 2017 اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، وكانت الولايات المتحدة بذلك أول دولة في العالم تفعل ذلك، وتعترف بضم إسرائيل غير القانوني للمدينة، لطالما رفض المجتمع الدولي على مدى العقود السبعة الماضية الادعاءات الإسرائيلية بحقها في السيادة على مدينة القدس، وطالما ندد بالتدابير الإسرائيلية التي سعت إلى تغيير طابع المدينة واعتبر أنها لا تتمتع بأي شرعية أو صلاحية قانونية، وذلك من خلال إعادة التأكيد على عشرات قرارات الأمم المتحدة بهذا الشأن.
وأضاف البيان: "أن إعلان الرئيس الأمريكي ترامب هذا لا ينتهك القانون الدولي فحسب، بل إنه يرسخ عملية ضم إسرائيل غير القانونية للقدس والمشاريع الاستعمارية غير القانونية في المدينة وحولها، فضلا عن وجود تغيير خطير في السياسة الأمريكية ذات العلاقة بقضايا الوضع النهائي والتي تؤثر بشكل مباشر على الصراع، وبالتالي فإن سياسات الولايات المتحدة الأخيرة تجاه اللاجئين الفلسطينيين والأونروا والقدس تظهر تحيزا واضحا لإسرائيل، مما يفقدها أهليتها للعب دور الوساطة في جهود السلام".
وأوضح البيان أنه ردا على إنكار حقوقهم في الحصول على حلول عادلة ومنصفة ودائمة، بدأ الفلسطينيون منذ منتصف التسعينيات بتنظيم فعاليات ومسيرات "العودة" ففي عام 1998، حيث نظم المهجرون أولى مسيرات العودة إلى إحدى القرى المهجرة في العام 1948، وأصبحت منذ ذلك الوقت مسيرة العودة تنظم سنويا بمشاركة متزايدة من الشباب الفلسطيني بجميع أطيافه، موضحا أن مسيرة العودة الكبرى التي ما زالت متواصلة حتى اليوم في قطاع غزة والتي يشارك فيها عشرات آلاف الفلسطينيين انطلقت من أجل تحقيق الحقوق الأساسية ومن أجل إنهاء 11 عاما من الحصار المفروض على القطاع.
وتابع البيان: أن "قوات الاحتلال الإسرائيلي ردت على مسيرة العودة الكبرى السلمية بالعنف المفرط وبالقوة القاتلة، فمنذ أن بدأت المسيرة في 30 مارس 2018، استشهد 47 فلسطينيا، من ضمنهم خمسة أطفال، وصحفيان، وفلسطينيان من ذوي الاحتياجات الخاصة، كما أصيب تقريبا 4000 من المشاركين بينهم 2000 بالرصاص الحي"، موضحا أن عمليات القتل المتعمد وغير القانونية التي تقوم بها إسرائيل بحق المتظاهرين المدنيين العزل على حدود القطاع تشكل انتهاكا سافرا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وانتهاكا جسيما لاتفاقية جنيف الرابعة، كما تشكل جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، كما أن هذه الممارسات تظهر استمرار الهيمنة الإسرائيلية وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من قمع لإخضاعه؛ ما يستوجب على ضرورة محاسبة إسرائيل وتستوجب ضمان توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني بموجب قواعد القانون الدولي".
وأكد البيان أن الفشل في إيجاد حلول عادلة ودائمة لقضية اللاجئين الفلسطينيين له تأثير كبير في سياق الصراعات التي تعيشها بعض الدول العربية اليوم، التي أدت إلى موجات تهجير ثانوي لاحق للاجئين الفلسطينيين المتواجدين فيها، فخلال الأزمة الحالية في سوريا، من بين 560 ألف لاجئ فلسطيني تواجدوا في البلاد قبل بدء الأزمة، نزح ما يقارب 400 ألف لاجئ، منهم 120 ألفا تم تهجيرهم إلى خارج سوريا، و280 ألفا تم تهجيرهم داخلها، ومعظمهم يحتاجون إلى مساعدات إنسانية فورية.
وشدد البيان على أن عدم استجابة المجتمع الدولي لاحتياجات الفلسطينيين كشعب لا تؤثر فقط على الأشخاص الذين هجروا قسريا، ولكنها تشجع أيضا على استمرار إسرائيل في مواصلة تهجير الفلسطينيين بسبب تمتعها بحصانة الإفلات التام من العقاب جراء انتهاكاتها الخطيرة للقانون الدولي.
واختتم مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية بيانه "أنه من المستحيل التوصل إلى حل عادل ودائم دون تبني استراتيجية قائمة على العدالة والقانون الدولي والقرارات الدولية ذات الصلة، لا سيما قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 237 لعام 1967".