قال رئيس "أكاديمية الأقصى للوقف والتراث"، ورئيس قسم المخطوطات والتراث في المسجد الأقصى المبارك، الدكتور ناجح بكيرات، إن طواقم الاحتلال وضعت اليوم الأسوار الحديدية في محيط قبور مقبرة باب الرحمة الواقعة عند السور الشرقي للمسجد الأقصى، ما يعني مصادرة مساحة مهمة من المقبرة، لافتا إلى أنه من الواضح تماما أننا نسلك نفس طريق ما جرى مع مقبرة "مأمن الله".
وأوضح بكيرات، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، أن الاحتلال في الماضي قام بخنق مقبرة "مأمن الله" وصادر أكبر جزء منها، إلى أن تمكن من تغيير ملامحها عبر إنشاء مجمع تجاري يعرف حاليا باسم مجمع "ماميلا" التجاري، مشيرا إلى أنه هذه المرة تجري المصادرة في مقبرة باب الرحمة لصالح إنشاء قاعدة للقطار الخفيف الهوائي، مؤكدا أن مقبرة باب الرحمة ستؤكل يوما بعد يوم كما أكلت مقبرة مأمن الله.
جاء تصريحات بكيرات، في الوقت الذي تواصل فيه طواقم تابعة لما تسمى بـ"سلطة الطبيعة" التابعة للاحتلال الإسرائيلي، تحرسها قوة عسكرية، اليوم الاثنين، العمل في اقتطاع جزء من مقبرة باب الرحمة الملاصقة للجدار الشرقي للمسجد الأقصى لصالح مشاريع تهويدية.
ولفت إلى أن الأوقاف الإسلامية ومعها أهل بلدة سلوان المتاخمة للأقصى، بل وأهل القدس جميعا يرفضون انتهاكات الاحتلال، مشيرا إلى أن هناك محاولة لرفع قضية في اليونسكو من خلال الأردن، وأن الأوقاف تسير في الإجراءات القانونية عن طريق الحكومة الأردنية خصوصا وأن المقبرة مسجلة في اليونسكو من ضمن المواقع الإسلامية.
وشدد على أن الأمور بلغت حدا لا يمكن السكوت عليه في كافة مناحي القدس، فالانتهاكات اليومية تزداد شراسة في كل مكان فيها لاسيما بعد قرار ترامب نقل السفارة، واقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى متزايدة رغم أننا في شهر رمضان المبارك، والانتهاكات في منطقة باب العامود (أحد أبواب البلدة القديمة المؤدية إلى الأقصى) من اعتقالات ومضايقات وتضييق على رواد الأقصى تخنق المنطقة يوما بعد يوم، مشيرا إلى أن القدس تمر بمرحلة خطيرة من التهويد وتغيير ملامحها الشرقية الإسلامية.
واختتم تصريحاته متسائلا، "ماذا يمكن لشعب أعزل أن يفعل غير أن يرابط ويحتج؟"، معربا عن أمله أن تكون هناك حاضنة عربية تستطيع أن تقف أمام تغول الاحتلال الإسرائيلي.
وتعد مقبرة باب الرحمة من أقدم المقابر الاسلامية في فلسطين، وفيها دفن مئات الشهداء والأولياء ووجهاء المدينة المقدسة، إضافة إلى دفن عدد من الصحابة فيها أبرزهم شداد بن أوس، وعبادة بن الصامت.. أما مقبرة مأمن الله - والتي تبعد حوالي كيلومترين اثنين عن باب الخليل. بمساحة 200 دونم (كيلومتر مربع) وكانت تضم أيضا رفات وأضرحة أعلام وصحابة وشهداء وتابعين مسلمين كثيرين- فقد خضعت منذ احتلال القدس عام 1948م للعديد من المخططات الإسرائيلية لطمس معالمها وتحويلها إلى مشاريع عدة، وقد تم تنفيذ عدد منها، حيث تحول جزء كبير منها إلى حديقة عامة؛ يقام فيها المهرجانات والاحتفالات اليهودية، وتم شق الطرق فيها.. وفي الآونة الأخيرة بدأ العمل لإقامة العديد من المشاريع؛ منها مجمع "ماميلا" التجاري وإقامة "متحف التسامح"؛ حيث تم جرف جزء كبير من المقبرة ونبش قبورها أيضا، وتقوم الحكومة الإسرائيلية بشكل تدريجي بتنفيذ هذه المشاريع التي تشكل جزءا من تهويد مدينة القدس وذلك لإخفاء معالمها الإسلامية العريقة.