وصف الدكتور شوقي علام ، مفتي الجمهورية ، مسلك الجماعات المتطرفة والإرهابية بأنه مشين ومهين، أفسد كل شيء، الزرع والحيوان والإنسان، وأدى إلى إزهاق الأرواح وهدم المنازل .
وأضاف في سياق الحوار التليفزيوني اليومي ، أن هذه المجموعات الإرهابية ستحاسب حسابًا عسيرًا مضاعفًا ، لأنها أفسدت في الأرض ، وأساءت لسمعة الإسلام إساءة بالغة ، مسوغين بالفهم المنحرف لأنفسهم قطع الرقاب، وذبح الآدميين بصورة مفعمة بالبطش والفتك، لا يرضاها دين الله ولا يقرها، بل ينكرها أشد الإنكار.
وأشار ردا على الشبهة المثارة بأن النبي "صلى الله عليه وسلم جعل الذبح مسلكًا إسلاميًّا لإجبار الناس على الإسلام قائلًا: "إن هذا الحديث الوارد بلفظ «تَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ» لم يخرجه البخاري ولا مسلم بهذا اللفظ، مؤكدا أن سند الحديث ضعيف وليس بالقوي، ولا يصلح للاستدلال به منفصلًا في قضية خطيرة كهذه.
وأردف مفتي الجمهورية يقول "إنه على فرض الأخذ بصحته، فيجب فهم سياق الحديث والظروف المحيطة به، التي يُفهم منها أنها كانت على سبيل التهديد والتخويف".
وأوضح أن لفظ "الذبح" يمكن أن يستخدم على سبيل المجاز في التهديد والهلاك والتذكية، كما يستخدم أيضًا في التحوُّل كما في قول أبي الدرداء "ذَبحُ الْخَمْر: الْمِلْحُ وَالشَّمْس"؛ أي إن الخمر عندما تتعرض للشمس والملح تتحول وتطهر وتُزال خواصها فتصبح حلالًا كما أحل الذبح الذبيحة.
ولفت فضيلة المفتي النظر إلى عدة مواقف كانت الفرصة فيها سانحة لاستخدام القتل والذبح، ولكن الرسول لم يفعل شيئًا من ذلك، كما في صلح الحديبية وفي فتح مكة، فقد حقن الدماء في الحالتين، بل كان هذا مسلكه في كل موطن، فلم يثبت عنه أنه حُمل إليه رأس إنسان مسلم ولا غير مسلم بعد قطعه، ولا أنه أمر بحزِّ الرءوس، بل إن النصوص الشرعية لم تؤسس لمثل تلك العقيدة التي تنتهجها هذه المجموعات الإرهابية في القتل والذبح والتمثيل، ومنها ما قاله "صلى الله عليه وسلم" «الْيوم يومُ المرحمة» ردًّا على قول أحد الصحابة: "الْيَوْم يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ".
وفنَّد قول القائل بأن الأصل هو استعمال الألفاظ في معناها الحقيقي وهو الذبح بقطع الأوداج بقوله: "لقد وُجد من القرائن ما يصرفه عن هذه الحقيقة، ومنها أن الذبح له موطن واحد فقط، ولا يكون إلا بما يؤكل وهو ذبح الحيوان والطير، أما ذبح الإنسان فهو يُعد من المُثلة المنهي عنها حتى في ميدان الحرب الذي يُعد ميدان شفاء الصدور، ويؤيد ذلك أن مسيرة النبي والصحابة "الكرام " من بعده لا تدل على أنهم أرادوا الحقيقة من هذا القول على فرض صحته".
وأبدى دهشته إزاء تغافل هؤلاء المتطرفين عن أدلة الرحمة والتعايش، ومن التركيز على هذا الموقف المخصوص بفئة معينة وزمان معين ومكان معين وسحبه وتعميمه على مسلك الإسلام ومسيرته، مؤكدا أن تصرفات هؤلاء الإرهابيين لا تكشف إلا عن نفوس مريضةٍ مجرمة، وقلوبٍ قاسيةٍ متحجرةٍ، اتخذت الغلو والوحشية مطية لها في تنفيذ مآربها، وبلوغ مقاصدها.
واختتم مفتي الجمهورية حواره مشددا على أهمية التصدي للفكر المتطرف وحماية الشباب مما يقرؤونه ويسمعونه من هذه المجموعات الإرهابية عبر مواقع "التواصل الاجتماعي " وغيرها، لافتا إلى أن هذه المفاهيم السقيمة مخالفة لقواعد العلماء في الاستنباط ، ومخالفة للدلائل الواردة والمواقف الخالدة لمسيرة الرسول والصحابة .