الأربعاء 29 مايو 2024

المتطفلــــون

19-3-2017 | 10:40

بقلم : عاطف بشاي

ما من مرة ذهبت إلى الميكانيكي لإصلاح سيارتي حتى حام حولها رجل ما يلبث أن يدس رأسه في (الكبوت المفتوح) باهتمام وشغف وأسرع بتشخيص الداء قبل أن ينطق الأسطى كاشفاً عن العيب .. ويدخل معه في جدل حول العلاج الواجب اتخاذه .. فأتصور في أول الأمر أن الرجل ربما يكون زميلاً له أو مساعداً .. أو زبوناً يعمل مهندساً ميكانيكياً .. لكن اكتشف في النهاية أنه ليس سوى عابر سبيل متنطع لا علاقة له بالمهنة ولا يملك حتى سيارة يكتسب من خلال استخدامها خبرات لفك شفراتها .. إنه مجرد هاو متطفل على المهنة وعلى الميكانيكي وعلى الزبون .. يذكرك بذلك الرجل الذي ظهر في مسرحية عادل إمام"شاهد ما شفش حاجه" وتدخل في معنى سؤال سأله القاضي "لعادل" ولم يفهم فحواه .. فشرح له هو المعنى وإذا به ليس محامياً له مثلاً ولا له أي علاقة بالقضية ..

ويذكرني ذلك أيضاً بموقف حدث أثناء وجودي مع الفنان الكبير "فريد شوقي" بحجرة مكتبه في فيللته نتناقش في تفاصيل سيناريو مسلسل أكتب له السيناريو والحوار ويقوم هو ببطولته وإنتاجه .. حيث كان هناك من يصلح له أحد أجهزة التليفون مدعياً أنه مهندس إلكترونيات .. أمضى أكثر من ساعتين وفشل في إصلاح التليفون بل أنه أفسد كل أجهزة التليفون بالمنزل .. كظم الفنان "فريد شوقي" غيظه وحكى له أنه عرض عليه من قبل منتج دوراً في سيناريو فيلم فلما قرأه .. أعجبه جداً فلما طلب منه المنتج توقيع العقد رفض فلما أبدى المنتج دهشته وسأله عن سبب الرفض طالما أن السيناريو والدور لقيا قبولاً لديه .. أخبره الفنان أن "عادل أدهم" يصلح للقيام بالدور خيراً منه .. ونصحة في النهاية ألا يتطفل على مهن الغير أو يدعي المعرفة وهو جاهل بها .. والحقيقة أن صفة التطفل اعتماداً على "الفهلوة" والانتهازية وعدم التخصص بناء على "إحنا اللي خرمنا التعريفة" و"احنا اللي دهنا الهوا دوكو" هذه الصفة القبيحة انتشرت انتشاراً كبيراً في مجتمعنا وأصبحت تشكل ظاهرة ذميمه .. وليس أدل على ذلك من ذلك العدد الكبير من كتاب السيناريو والحوار الشباب للسينما والتلفزيون .. الذين انفجروا في السنوات الأخيرة في وجوهنا على الشاشتين دون موهبة أو علم أو ثقافة فأغلبهم لم يدرس بالمعهد العالي للسينما أو له أي علاقة بالثقافة السينمائية والدرامية من أي مصدر .. بل أني أزعم أن معظمهم لم يكمل تعليمه وتوقف عند الشهادة الإعدادية على الأكثر ومن ثم فإن السيناريوهات التي يكتبونها تحفل بالأخطاء الإملائية واللغوية الفادحة .. والنتيجة هي ما نراه على الشاشتين من أفلام أو مسلسلات هابطة ومسفة ومتدنية ..

ويذكرك حالهم البائس بحال ذلك الحمار الذي ذهب إلى الأسد ملك الغابة طالباً تغيير اسمه لضيقه الشديد من مناداة الحيوانات له بالحمار بنوع من الاحتقار والإساءة والسخرية .. فسأله الأسد بأي اسم تريد منهم أن ينادوك به .. قال له باسم طائر .. وليكن عصفور .. فلما سأله هل تجيد الطيران .. فرد عليه الحمار بالنفي فبادره مؤكداً إذاً أنت حمار..