على أعتاب منطقة المنيب بمحافظة الجيزة يقع سوق السمك الحافل بالبائعين، حيث يعد من اكبر الأسواق التى تشتهر بيبع السمك داخل المحافظة، ويتوافد إليه الناس من كل الفئات لشراء حاجتهم من الأسماك، ولكن خلال الثلاثة أشهر الماضية، بات السوق خاويا من الزبائن وفى حالة من الكساد لم يشهدها من قبل، حيث يعانى السوق العديد من المشاكل والديون التى أصبحت عبئا كبيرا على كاهل تجار السمك الذين طالتهم خسائر مادية ضخمة غير قادرين على تحملها.
كساد وديون
أمام دكان صغير تحوطه طاولات محملة بالأسماك بكل الأنواع والأشكال يجلس الحاج "ابراهيم درويش" على مقعد خشبي مرتدياً جلبابه الصعيدي شارداً فى حال السوق المتردي، والذي حدثناً قائلاً" انا فى السوق بقالي 13 سنة ببيع سمك ، وعمري ما شفت الحال وقف كده مفيش زبائن ، والبياعين بيخسروا الجلد والسقط وعلينا ديون كتيرة"، مشيراً إلى ان مصروفاته اليومية تصل الى 300 جنيه، حيث يقوم بمنح العمال أجرا يوميا يصل إلى 60 جنيها، علاوة على وضع ألواح ثلجية للحفاظ على الأسماك، حيث يقوم بوضع 14 لوحا ثلجيا تصل قيمة اللوح الواحد الى 12 جنيها، مما يزيد من أعبائه المادية فى ظل حالة الكساد الذي يعيشه السوق.
أسعار الأسماك
ويوضح ان هناك بعض البائعين تصل مديونيتهم لتجار السمك الى 100 ألف جنيه، لعدم قدرتهم على سداد ثمن البضاعة التى يقوم بشرائها من كبار التجار بسوق العبور الذين تصل إليهم الأسماك من كل المحافظات، لافتاً إلى ان أسعار الأسماك تضاعفت بشكل مهول حيث وصل كيلو البلطي إلى 30 جنيها بعد ان كان بـ 15 جنيها، ووصل سعر سمك المكرونة الى 100 جنيه بعد ان كان 35 جنيها للكيلو، اما بالنسبة للجمبري فأصبح أكلة أصحاب القدرات المادية العالية حيث يصل سعر كيلو الجمبري الى 200 جنيه بعد ان كان 70 جنيها للكيلو، والسردين المجمد يصل الى 35 جنيها، مما اضعف الإقبال على شراء الأسماك لغلاء أسعارها.
الغلاء هو السبب
فيما يشير فهمي مصطفى بائع بسوق السمك الى، ان سبب ارتفاع الأسعار يرجع الى عدة اسباب اولها غلاء أعلاف الأسماك داخل المزارع حيث وصل طن العلف إلى 12 الف جنيه بعد ان كان سعره 4000 جنيه للطن حيث يتم استيراد تلك الأعلاف من الخارج بقيمة عالية نتيجة زيادة سعر الدولار، علاوة على تصدير اغلب الثروة السمكية الى الدول العربية كالسعودية والإمارات، حيث تصل حصيلة تصدير الأسماك الى 3 أطنان فى اليوم، بسعر يصل الى 10 دراهم للكيلو الواحد ما يوازي 60 جنيها لكيلو السمك البلطي تحديداً، مما زاد من قلة المعروض بالسوق وتضاعف الأسعار بشكل كبير.
التهديد بالحبس
ويضيف أن السوق به أكثر من 300 بائع وعامل يعانون من تلك الأزمة التى جعلت البعض يغلق محله لعدم قدرتهم على سداد الديون، لافتاً الى انه يتم تأجير المحال من قبل حي الجيزة ولا يستطيع اغلب البائعين فى السوق ان يدفعوا القيمة الإيجارية بسبب الزيادة المتواصلة التى يفرضها الحي، مما يعرض البعض إلى الحبس وآخرين إلى رفع قضية لتخفيض مديونية الإيجار، مطالباً الرئيس السيسي بالنظر الى السوق وتخفيف المديونيات عليهم حتى يتمكنوا من المواصلة فى السوق دون التعرض الى الحبس.
التعبئة والإحصاء
والجدير بالذكر ان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء افاد بأن إجمالى الواردات من اللحوم والأسماك، خلال شهر مايو الماضى، بلغت 1.3 مليار جنيه، مقابل 1.1 مليار جنيه خلال نفس الشهر العام الماضى، موضحاً أن إجمالى واردات مصر من اللحوم بلغ 861.3 مليون جنيه مقابل 756.3 مليون جنيه خلال نفس الشهر العام الماضى بنسبة ارتفاع 13.9%، وارتفع إجمالي واردات الأسماك بما فيها المحفوظة إلى 502.5 مليون جنيه مقابل 399.1 مليون جنيه بنسبة ارتفاع 26.1%.
بقايا الأسماك
وبأحد الدكاكين الصغيرة تقف " خديجة احمد" حاملة سكين لتنظيف الأسماك استعداداً لبيعها فى السوق، والتى حدثتنا قائلة" انا بصرف على 6 عيال و بسترزق من بيع السمك ، بس للأسف زى ما بفرش السمك زي ما بشيله أخر النهار مفيش شراء ولا بيع"، لافتة الى ان هناك بعض يقومون بانتشال بواقي الأسماك من القمامة لتناولها لعدم قدرتهم على الشراء فى مشهد مؤثر يصعب تحمله.