أظهر تقرير اقتصادي حول أداء الاقتصاد التركي أنه "على الرغم من الهيمنة الكبيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الحياة السياسية، إلا أن الوضع الإقتصادي المتدهور بالبلاد يعد تهديدا كبيرا لسلطته الحالية".
واوضح التقرير أن أردوغان اتخذ مؤخرا مجموعة من القرارات الاقتصادية التي أثارت قلق الأسواق العالمية من ابرزها إلغاء فترة تعيين محافظ البنك المركزي من رئيس الوزراء لمدة 5 سنوات ..ووفقا لمرسوم رئاسي جديد، أضاف أردوغان لنفسه حق تعيين محافظ البنك المركزي ونوابه، وأعضاء اللجنة السياسية المالية، وتعد هذه القرارات بمثابة استكمال لإجراءات تسييس المصرف التركي الذي كان يحظى بالاستقلالية فى الماضى .
كما عين أردوغان صهره في منصب وزير مالية البلاد ، والذي أعلن في تصريحات خلال الأسبوع الماضي أن التكهنات بشأن استقلالية آليات صنع القرار في البنك المركزي "غير مقبولة".
وعلى صعيد المؤشرات الاقتصادية الكلية، كشفت بيانات البنك المركزى التركي في الأسبوع الماضي عن ارتفاع عجز الحساب الجاري إلى مستوى 5.89 مليار دولار في شهر مايو الماضي، مقابل مستوى 5.45 مليار دولار في شهر أبريل الماضى ، وهو ما انعكس بشكل سلبى على الأصول التركية، حيث هبطت الليرة التركية عند أدنى مستوى في تاريخها، يوم الخميس الماضي، لتصل إلى مستوى 4.9743 ليرة ، لتصبح أسوأ عملات الأسواق الناشئة من حيث الأداء.
أما العائد على سندات الخزانة التركية ، فقفز إلى أعلى مستوى في تاريخه حيث سجل مستوى 19.07 % في الأسبوع الماضي .
وبالنسبة لأداء مؤشر البورصة التركية "بي .أي.إس.تي 100 "فعلى الرغم من ارتفاعه الآن بنحو 0.3 %إلى 89.853 الف نقطة، إلا أنه منذ بداية الأسبوع الماضي فقد نحو 9 آلاف نقطة .
واشار التقرير الى ان تلك الأحداث الاقتصادية المتسارعة أدت إلى تزايد القلق لدى المستثمرين حول وضع الاقتصاد التركي بعد أن توقع أردوغان انخفاض أسعار الفائدة.
ويخشي المستثمرون من أن يصبح لاردوغان دور أكبر في السياسة النقدية والاقتصادية في ظل النظام الرئاسي الجديد في البلاد، وبعد تعيين صهره وزيرا للمالية.
وذكرت وكالات دولية منها "بلومبرج" أن تركيا أصبحت غير جاذبة للاستثمارات تحت رئاسة أردوغان، وأضافت أنه أعطى المستثمرين كل الأسباب التي تدعوهم للانسحاب من السوق.
كما أفاد المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني، ”تشاتام هاوس“، فى تقرير له، أن الدولة التركية، في عهد أردوغان الرئاسي الجديد، تسير بخطى ثابتة نحو أزمة اقتصادية حادة .
وتحوم حالة من الشك حول مدى كفاءة صهر أردوغان في تهدئة الأسواق المالية المضطربة والمستثمرين الأجانب، ومن المؤكد حسب التقرير أن أردوغان ”سوف يلجأ إلى تحقيق نمو على المدى القصير على حساب الاستقرار الاقتصادي للبلاد “.
وأضاف التقرير: ”ان المطلوب من تركيا الآن، وقف رفع أسعار الفوائد الكبيرة؛ للسيطرة على حجم التضخم في الاقتصاد التركي، ويستلزم الوضع الحالي تخفيف القيود المالية المفروضة، وتبنى مشاريع البنية التحتية الضخمة، بالإضافة إلى إيجاد سبل لدعم الليرة التى تراجعت بنحو 20 %منذ بداية العام الجاري".
وبحسب التقرير، "يبدو أن أردوغان غير مقدر لوضع الاقتصاد التركي الذي يظهر بحاجة ماسة لعمل اصلاح شامل، للحاق بركب الاقتصادات المتقدمة عالميا التى تعتمد على بنية تحتية قوية، ومشاريع البناء الممولة من تدفقات السوق المالي، بدلا من الإعتماد على المشاريع الاستثمارية الخاصة والصادرات".
وذكر أنه ”نتيجة لسياسات أردوغان؛ قفزت ديون العملات الأجنبية لقطاع الشركات إلى 328 مليار دولار في نهاية عام 2017 ، وعلى الرغم من تخفيضها ، إلا أن الوضع لا يزال مثيرا للقلق، حيث وصلت قيمة الدين العام إلى مبلغ 214 مليار دولار.
واضطرت بعض الشركات التركية الكبرى إلى التفاوض مع أصحاب السندات المالية؛ لاعادة هيكلة ديون القروض الأجنبية، نظرا للعبء الاقتصادي الذي يفرضه الانهيار المستمر لليرة ، وقد يتسبب تخلف عدد كبير من الشركات التركية عن سداد الالتزامات الخارجية، في عمل صدى ضخم في الاقتصاد التركي وإحداث ذعر كبير بين المستهلكين، بالإضافة إلى اهتزاز ثقة الأسواق المالية العالمية في قدرة الاقتصاد التركي، وهو الأمر الذي يؤدي إلى أزمة في النظام الاقتصادي التركي من خلال فترة ركود طويلة الأمد.