الخميس 23 مايو 2024

نشأة وتطور جبهة التحرير الوطنى

20-3-2017 | 13:56

بقلم –  د. رضوى زكريا

عرفت الجزائر مقاومة عسكرية طويلة الأمد ضد الاحتلال الفرنسى منذ بدايته عام ١٨٣٠، بقيادة كل من الأمير عبد القادر الجزائرى فى الغرب، وإلياس الحاج أحمد فى الشرق. تلتها بعد ذلك انتفاضات شعبية، على إثرها قامت فرنسا بتنظيم إدارتها فى الجزائر بحيث تستطيع القضاء على كل ما له علاقة بأصالة الشعب وثقافته ولغته وتقاليده، إلا أن إصرار الشعب الجزائرى على التمسك بهذه المقومات أفشل خطة الاستيطان الفرنسي. وتجلى هذا التمسك من خلال المطالب الاجتماعية التى رفعها الأعيان والجمعيات والأحزاب السياسية إلى السلطة الفرنسية، التى رفضت حكوماتها المتعاقبة الحوار معها، سواء كانت معتدلة أو متطرفة، بل راحت ترد على هذه المطالب بأساليب شتى من القمع والقتل والسجن والنفى والتضييق على الحريات وتزوير الانتخابات. وأمام هذا الواقع وجدت الحركة الوطنية الجزائرية نفسها أمام خيار واحد لاسترجاع الحرية والاستقلال وهو الكفاح المسلح.

فى فترة ما قبل الثورة كان هناك ٣ مؤسسات سياسية رئيسية، جميعها كانت تحت المراقبة المكثفة من قبل الحكومة الفرنسية، وهى: حزب انتصار الحريات الديمقراطية، والذى يقوده مصالى الحاج ، والذى أسسه فور عودته من المنفى. والحزب الثانى العلماء، وكان مؤسسه هو الشيخ بن باديس، والحزب الثالث هو الاتحاد الديمقراطى للبيان الجزائري، وكان مؤسسه فرحات عباس.

مع اشتعال الحرب العالمية الثانية وانهيار فرنسا أمام ألمانيا، بدأت هيبة فرنسا تكسر أمام الشعوب المستعمرة، لذا تقدموا ببيان إلى السلطات الفرنسية يطالبون فيه بحق تقرير المصير- تقدم به فرحات عباس- رئيس حزب اتحاد الشعب الجزائري، ورفضت فرنسا قبول البيان كأساس للمحادثات، فأحدث ذلك رد فعل عنيف عند الجزائريين الذين أصروا على تمسكهم بالبيان والتزامهم به. ففرض الجنرال كاترو الحاكم العام فى الجزائر الإقامة الجبرية على فرحات عباس وغيره من الزعماء الجزائريين، وأسس فرحات عباس حركة أحباب البيان والحرية فى مارس ١٩٤٤ وكان يدعو إلى قيام جمهورية جزائرية مستقلة ذاتياً ومتحدة مع فرنسا، وهو ما سبب خلافاً بينه وبين مصالى الحاج الذى نصحه بقوله».. إن فرنسا لن تعطيك شيئاً، ولن ترضخ إلا بالقوة، ولن تعطى إلا ما تستطيع انتزاعه منها».

كانت لمجازر ٥ مايو ١٩٤٥ والتى قامت بها فرنسا فى الجزائر والتى راح ضحيتها ما يقارب ٤٥ ألف شهيد جزائرى الأثر الواضح بالنسبة للعلاقة بين الجزائريين والاستعمار الفرنسي، وهذا ما أدى إلى خلق روح الانتقام لدى الجزائريين، وضرورة بداية العمل المسلح وتجلى ذلك فى إنشاء المنظمة الخاصة، التى ظهرت إلى الوجود إثر انعقاد المؤتمر الثانى لحركة انتصار الحريات الديمقراطية فى عام ١٩٤٧ فى بلكور. ولقد منحت هذه المنظمة طابعا شبه عسكرى يتولى الإعداد للثورة المسلحة. وأسندت مهمة إنشائها وتنظيمها إلى محمد بلوزداد والذى باشر إلى تأسيسها وفق مبدأين، اختيار المناضلين من الحزب لتجنيدهم وانخراطهم فى المنظمة، والفصل التام بين المنظمة الخاصة والمنظمات الأخرى التابعة للحزب محافظة على السرية، ولقد حققت المنظمة نجاحاً باهراً فى تدريب المتطوعين على حرب العصابات واستخدام الأسلحة وصنع القنابل حيث أصبح فى إمكانها الشروع فى العمل المسلح. ولكن اكتشفت أمرها السلطات الاستعمارية فى مارس ١٩٥٠ وتم اعتقال العديد من أعضائها.

وفى عام ١٩٥٣ نشبت أزمة حادة داخل حزب حركة الانتصار للحريات الديمقراطية بين الرئيس مصالى الحاج الذى طالب بمنحه صلاحيات مطلقة فى تسيير شئون الحزب وبين أعضاء اللجنة المركزية الذين أصروا على تطبيق مبدأ القيادة الجماعية، وعلى إثر هذه الأزمة جرت عدة إصلاحات فى مقدمتها إنشاء اللجنة الثورية للوحدة والعمل فى ٢٣ مارس ١٩٥٤، وكان الغرض من إنشاء هذه المنظمة، المحافظة على وحدة الحزب وذلك بالسعى للإصلاح ما بين الطرفين، ومنح اللجنة قيادة ثورية مستقلة عاقدة العزم على مباشرة العمل، ودعوة كل مناضلى الحزب بعدم تبنى نزاعات القيادة وأخذ موقف الحياد من المصاليين والمركزيين.

لقد شعر أعضاء اللجنة الثورية بأن بقاء الوضع على حالة سيدفن المشروع الثورى وكل المكاسب التى حققتها الحركة الوطنية، وتم الاتصال بين أعضاء اللجنة واتفقوا على عقد اجتماع يكون بعيدا كل البعد عن المصاليين والمركزيين، كان ذلك قراراً نابعاً من القيادة وإعلان بانفصال اللجنة الثورية للوحدة والعمل عن الفريقين المتنازعين، والقيام بأول خطوة نحو الكفاح المسلح وذلك بالدعوة إلى اجتماع الـ ٢٢ الشهير الذى يعتبر من أهم محطات النضال الوطنى الثوري. وكان المشاركون فى الاجتماع من قدماء المنظمة الخاصة وهم المناضلون الحياديون.

تم الاجتماع فى ٢٥/٥/١٩٥٤ وسمى باجتماع الـ ٢٢ نسبة إلى عدد المشاركين فيه، وأوصى هذا الاجتماع بالانتقال إلى العمل المسلح فوراً. وتم اختيار لجنة مكونة من خمسة مناضلين كقيادة لتحديد موعد قيام الثورة، وبانضمام كريم بلقاس أصبحوا ستة فى مجملهم وهم، محمد بوضياف، ديدوش مراد، مصطفى بن بولعيد، كريم بلقاسم، محمد العرب بن المهيدي، رابح بيطاط. وهى تسمى بلجنة الستة وهى النواة التى شكلت قيادة الثورة فى الداخل. بعد تشكيل اللجنة التى تولت مهمة قيادة الثوار، تم تأسيس لجنة ممتدة لها هى لجنة التاريخيين التسعة، ويعود الفضل لهذه اللجنة فى بناء أول هيكل سياسى لجبهة التحرير وتتكون من آيت أحمد وبن بيلا ومحمد خيضر إضافة إلى أعضاء اللجنة الستة. ويعتبر هؤلاء الثلاثة الوفد الخارجى وكلف بوضياف بالتنسيق بين مجموعتى الداخل والخارج، عقدت عدة اجتماعات للقادة آخرها ٢٣ أكتوبر ١٩٥٤ وتقرر فى هذا الاجتماع تسمية الواجهة السياسية لهم جبهة التحرير الوطني، والواجهة العسكرية جيش التحرير الوطني، وكان من أهم أهداف جبهة التحرير الوطني، تدويل القضية الجزائرية، تحقيق وحدة شمال إفريقيا فى إطارها العربى والمسلم، تأمين التعاطف داخل الأمم المتحدة نحو القضية الجزائرية.

اتفقت لجنة الستة على الإعلان للثورة بتاريخ ١٥/١٠/١٩٥٤، إلا أن هذا التاريخ سرعان ما تغير بسبب تسرب الخبر، فتم تأجيله إلى ١ نوفمبر وذلك خلال آخر اجتماع أقيم للجنة الستة فى ٢٣/١٠/١٩٥٤. وتم تكليف محمد بوضياف للسفر للقاهرة لإبلاغ الوفد الخارجى بساعة الصفر، ولقد كان اختيار هذا التاريخ يخضع لمعطيات تكتيكية عسكرية، منها وجود عدد كبير من جنود وضباط جيش الاحتلال فى عطلة نهاية الأسبوع يليها انشغالهم بعيد القديسين، وضرورة إدخال عامل المباغتة، وكانت بداية الثورة بمشاركة ١٢٠٠ مجاهد بحوزتهم ٤٠٠ قطعة سلاح وبضعة قنابل تقليدية فقط، كانت الهجمات تستهدف مراكز الدرك والثكنات العسكرية ومخازن الأسلحة ومصالح استراتيجية أخرى

ولقد جاء البيان الأول للثورة توضيحاً لأهداف الثورة، ومنها إقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة، احترام جميع الحريات الأساسية دون تمييز عرقى أو ديني، التطهير السياسى بإعادة الحركة الوطنية إلى المسار الصحيح، بالإضافة لتدويل القضية الجزائرية وتحقيق وحدة شمال إفريقيا.

وخلال العام الأول من الثورة ازداد التفاف الجزائريين حولها، وازداد قمع السلطات الفرنسية، وتم استشهاد العديد من قيادات المناضلين فى الهجمات المتتالية فى الجزائر، وشهدت الثورة فى عامها الثانى ١٩٥٦ تطورا ملحوظا، حيث انضم إليها عدد من الأفراد المهمين فى اللجنة المركزية لحزب حركة انتصار الحريات الديمقراطية، وحزب الاتحاد الديمقراطى وجمعية العلماء المسلمين.

تم عقد مؤتمر الصومال نتيجة ما تعانيه البلاد من الفوضى، وكان المؤتمر نتيجة حتمية فرضتها الظروف الخاصة مع ازدياد المواجهة مع المستعمر وتفاقم مشكلة التسليح، واستشهاد أحد أبرز قادة الثورة الجزائرية مصطفى بن بولعيد. انعقد المؤتمر فى ١٤ اغسطس ١٩٥٦، وبنهاية المؤتمر أكد أن الكفاح المسلح يجب أن يبقى مستمراً، وأن كل الطاقات الوطنية يجب أن تعبأ بتدعيمه، ومن أهم قرارات المؤتمر تدعيم النظام العسكرى وفق تقسيم هيكلى ووظيفى للجيش.

موقف الدول العربية والأجنبية:

لقد وجدت جبهة التحرير نفسها أمام مهمة شاقة تتمثل فى إذابة الجليد الذى يفصل الشعب الجزائرى عن بقية العالم، وإثارة الرأى العالم الدولى بالقضية التى حمل الشعب السلاح من أجلها. ولقد أدركت الجبهة منذ البداية أن مساندة الدول الشقيقة العلنية تتوقف أولا وقبل كل شيء على قدرات جبهة التحرير الوطنى فى مواجهة قوات العدو فى الداخل وباستمرار، وعليه فالقضية الجزائرية مرهونة بمدى قدرة جبهة التحرير على توجيه الأمور بمهارة فائقة فى الداخل والخارج.

موقف العراق من الثورة، أكدت العراق فى مؤتمر باندونج دعمها اللامشروط للقضية الجزائرية، وبعد ثورة العراق عام ١٩٥٨ أصبح الموقف العراقى حكومة وشعباً منسجماً وأكثر فاعلية بجانب الثورة الجزائرية.

بالنسبة للموقف السوري، فقد تميز بالتأييد المطلق للثورة الجزائرية، وعلى اعتبار أن سوريا كانت عضوا فى جامعة الدول العربية، فإنها من خلال هذه الهيئة عبرت عن دعمها اللامحدود لقضية الشعب الجزائري، وهو ما ظهر جلياً فى الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورة أعمالها عام ١٩٥٥ حيث اعتبر مندوب سوريا أن هدف فرنسا هو عزل الجزائر عن شقيقاتها العربية.

الموقف السعودي، تجلى دوره فى الوقوف إلى جانب الثورة الجزائرية منذ بداية الكفاح المسلح فى الميدان المادى والسياسى والدبلوماسي، كما خصصت السعودية ٢٥٠ ألف جنيه سنوياً لحرب التحرير الجزائرية تسلم إلى جامعة الدول العربية، وكانت السعودية لها دور كبير فى تدويل القضية الجزائرية، فبعد شهرين من بداية الثورة وفى يناير ١٩٥٥ طالبت السعودية بإدراج القضية الجزائرية فى منظمة الأمم المتحدة.

الموقف المغربي، أخذت المغرب تعمل منذ البداية داخل الأمم المتحدة على تدويل القضية الجزائرية، وكانت تسمح بالنشاطات السياسية والدبلوماسية لجبهة التحرير الوطنى داخل التراب المغربى والتنسيق معها، وكانت هناك أيضاً معسكرات تدريبية للجزائريين بالمغرب.

الموقف التونسي، تميز موقف الحكومة التونسية تجاه حرب التحرير خلال السنتين الأوليين بالليونة مع فرنسا، ويرجع ذلك أساساً لحركة الاستقلال التونسية بقيادة الرئيس بورقيبة والتى تميزت بأسلوب المفاوضات والليونة. ومن ثم تحول الموقف التونسى ليصبح أكثر إيجابية، ولم يكن هذا التغيير نابعاً من قناعة الحكومة التونسية، ولكن من تأثير حرب التحرير الوطنية على تعبئة الشعب التونسى للوقوف إلى جانب الثورة الجزائرية.

الموقف الليبي، كان للنظام الملكى الليبى موقف متميز وإيجابى من الثورة الجزائرية، ولعب الموقف الجماهيرى الليبى دوراً أساسياً فى تدعيم موقف الحكومة الليبية الإيجابي. وكانت ليبيا تتعامل مع القضية الجزائرية منذ البداية بأسلوب ثورى لدرجة تقديم انتقاد للاتحاد السوفيتى نتيجة موقفه السلبى تجاه الثورة. كانت ليبيا منطقة عبور للمساعدات العسكرية الآتية من المشرق العربى وخاصة مصر، وكانت أحد مراكز تدريب الجيش الجزائرى الثوري، وشكلت أيضاً مقراً أساسياً للعمل والنشاط السياسى لجبهة التحرير الوطنى بموافقة الحكومة الليبية.

الموقف الأمريكي، تدخلت الولايات المتحدة عقب اندلاع الثورة لدى حكومة مصر بهدف إيقاف الدعاية ضد فرنسا فى الجزائر، كما أنها ضمنت لفرنسا حق استخدام عتاد الحلف الأطلسى فى معركتها مع الجزائر. وعملت أمريكا جاهدة لكسب الصف العربى إلى جانب فرنسا على حساب الثورة الجزائرية. كانت أمريكا تؤيد السياسة الفرنسية تأييدا مطلقاً، حيث إنها عارضت تسجيل قضية الجزائر فى هيئة الأمم المتحدة وأمدت فرنسا بطائرات عسكرية عمودية. صوتت الولايات المتحدة لسحب إدراج القضية الجزائرية من جدول أعمال الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة فى دورة سبتمبر ١٩٥٥. وساعدت فرنسا عسكريا.

الموقف السويسري، كان موقفها موقف الحياد الفعال تمثل فى النشاطات التى كانت تقوم بها عبر المنظمات والهيئات الدولية على غرار هيئة الصليب الأحمر الدولي. كما تجسد دورها الحيادى فى دور الوسيط بين الطرفين الجزائرى والفرنسي.

بالنسبة للصين، مع قيام الثورة الجزائرية كانت الصين مؤيدة لها وظهر ذلك فى استقبال الوفود الجزائريين، ومن خلال الرسائل والبرقيات المؤيدة للكفاح الجزائرى والمناهض للبطش الاستعماري. ففى ٣٠ مارس ١٩٥٨ استقبلت الصين الشعبية فى بكين ممثلا عن جبهة التحرير الوطنى وأقيم مهرجان كبير بهذه المناسبة وأذيع فى كل قنوات بكين الإذاعية وكذلك الصحف معبرة عن تضامنها مع الشعب الجزائري.

موقف تشيكوسلوفاكيا، ساهمت فى دعم الجزائر مادياً ومعنوياً بعدما تأكدت من مبادئ الثورة الجزائرية وأنها ثورة شرعية قام بها الشعب نتيجة العنف الاستعمارى الذى قامت به فرنسا. بالنسبة ليوغسلافيا، فبعد التجربة المريرة التى خاضتها يوغسلافيا الثورية، فإنها أدركت معنى الكفاح من أجل الاستقلال، وكان الشعب اليوغسلافى يتابع الكفاح الجزائرى ويؤيده. ولم يتخلَ الثوار اليوغوسلاف بخبرتهم عن الثورة. بالنسبة للاتحاد السوفيتي، كانت تؤيد الثورة وكفاح الجزائريين ضد الاستعمار، ولكنه تأييد حذر فى البداية، ولكنها ساعدت الثوار فيما بعد وأمدتهم بالأسلحة اللازمة لهم.

أسبانيا كانت معادية للثورة منذ اندلاعها للترابط الأيديولوجى بين فرنسا وأسبانيا، ولكنها ساهمت فى تموين الثورة بالأسلحة على الرغم من أنها غير شرعية، لأن الحكومة الأسبانية كانت معادية للثورة الجزائرية وموالية لفرنسا، إلا أن قادة الثورة وفقوا فى تأمين السلاح وإدخاله عبر الحدود الأسبانية.

ألمانيا الغربية تعتبر من الدول الرأسمالية المساندة لفرنسا، وكانت حكومتها ضد نضال الشعب الجزائري، إلا أن الصحف الألمانية المعارضة لسياسة بلادها قد لعبت دوراً كبيراً فى التنويه بالقضية الجزائرية، بالنسبة لإيطاليا أيضاً كانت من الدول الموالية لفرنسا ضد ثورة التحرير الجزائرية.

موقف الرئيس جمال عبد الناصر

قام قادة ثورة يوليو وعلى رأسهم الرئيس جمال عبد الناصر بدور هام وبطولى فى بداية ثورة الجزائر، حيث تحملوا مسئولية التخطيط وباشروا تفجير الثورة فى ظروف صعبة، إيماناً بحق الشعب الجزائرى المشروع فى مباشرة نضاله من أجل تحرير أرضه وإرادة أبنائه.

كان للرئيس جمال عبد الناصر اليد الأولى فى مساعدة المناضلين الجزائريين فى التحضير لتفجير الثورة، حيث كان وجود بن بيلا المناضل الجزائرى فى القاهرة قد ساهم فى إيصال الخطة الجزائرية لتفجير الثورة إلى الرئيس جمال عبد الناصر ودراستها والموافقة عليها ودعمها من قبل الرئيس. وخرج بن بيلا بعد موافقة الرئيس عبد الناصر على الخطة من القاهرة إلى بيرن بسويسرا، فى اجتماع مع كل من مصطفى بولعيد، ديدوش مراد، كريم بلقاسم، بن مهيدى العربي، محمد بوضياف، بيطاط أحمد، لإبلاغهم بموافقة الرئيس عبد الناصر على دعم كفاحهم مادياً وأدبياً، كما أنهم ناقشوا فى الاجتماع خطة بدء الكفاح على ضوء المناقشة التى تمت فى القاهرة، ووافقوا بالإجماع على خطة بدء الكفاح، ثم عاد بن بيلا مرة أخرى للقاهرة فى ٩ أكتوبر ١٩٥٤.

عرضت هذه الخطة بتفاصيلها على الرئيس جمال عبد الناصر وبارك الخطة منتظراً تحديد وقت التنفيذ، وتم الاتفاق مع بن بيلا إلى السفر إلى ليبيا لدراسة إمكانيات تهريب السلاح إلى الجزائر عبر ليبيا. ثم عاد إلى القاهرة فى ٢٢ أكتوبر ليبلغ القيادة فى مصر أنه تقرر وبموافقة قادة الكفاح الوطنى فى الجزائر أن تبدأ ساعة تفجر الكفاح فى ساعات الصباح الأولى من يوم ١ نوفمبر ١٩٥٤. ومع بداية الثورة فى ١ نوفمبر أعطيت الإشارة لإذاعة صوت العرب لتثير حماس المناضلين الجزائريين، وتطالب الشعب الجزائرى بمساندة أبنائه المناضلين، والقيام بإثارة حمية الجماهير العربية لمساندة الثورة. وبدأ التحضير لإمداد الثورة بالسلاح والذخيرة بناء على تعليمات الرئيس جمال عبد الناصر.