أفريقيا هي العمق الاستراتيجي لمصر ومحور اهتمام القيادة السياسية التي حددت رؤية مستقبلية خاصة للعلاقات المصرية بدول القارة..ولدى الرئيس عبد الفتاح السيسي في هذا الصدد رؤية تؤكد الاهتمام بقضايا ومشاكل القارة السمراء، وتعكس عزم مصر على تعزيز التعاون البناء والمثمر مع دولها فى المحافل الدولية وفي المجالات الاقتصادية والسياسية والتجارية، وزيادة الروابط للتصدي ومواجهة التحديات المشتركة، والتوصل لحلول للمشكلات التي تجمع الشركاء .
رؤية الرئيس السيسي تستند إلى منظومة الوحدة الحضارية، وما تحتضنه من تعدد وتنوع روابط وعلاقات مصر بمحيطها الأفريقي على كافة المستويات، ومحاورها التشاور المستمر الهادف إلى تعزيز الاستقرار، وتحقيق السلم والأمن في القارة الأفريقية، والتنسيق تجاه مختلف القضايا الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، والاهتمام بتعزيز حجم التبادل التجاري، وزيادة الاستثمارات المشتركة، والعمل على تعزيز العلاقات الثنائية المشتركة، والهدف الأسمى هو استعادة مصر مكانتها الريادية، والعودة إلى الحوار والتشاور مع كافة الدول الأفريقية، بالإضافة إلى فتح السوق الأفريقية أمام تحقيق التكامل الاقتصادي والتجاري بين دولها لما يمثلة من مناخ خصب للتنمية وما تضمه بين طياتها ثروات ضخمة .
رؤية عبرت عنها زيارات متعددة قام بها الرئيس للدول الأفريقية ولقاءات مستمرة مع قادتها (وأحدثها كانت زيارته للسودان قبل يومين)، وتصب تلك الزيارات في صالح المرحلة الجديدة للإدارة المصرية والاهتمام بأفريقيا، وخطة الرئيس في القارة تركز على استشراف آفاق أوسع للتعاون والتشاور والتنسيق في مختلف المجالات والقضايا، تشمل شتى الاتجاهات "غربا وشرقا"، وتأكيد الحرص على مواصلة مصر العمل مع الدول الأفريقية الشقيقة، لضمان توافر الموارد اللازمة لتنفيذ برامج ومشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يؤكد عودة مصر للقارة وتولى القيادة والريادة مرة أخرى للصالح العام للشعوب الأفريقية.
ويؤكد الخطاب السياسي للرئيس عبد الفتاح السيسي على المستويين الداخلى والخارجي اعتزاز مصر بانتمائها الأفريقي، وإعلاء شأن انتماء مصر الأفريقي، والاعتزاز بهويتها الأفريقية، انطلاقا من أن انتماءها لمحيطها الأفريقي يعد مكونا رئيسيا من مكونات "الهوية" المصرية على مر العصور، وعنصرا محوريا في تشكيل المعالم الثقافية للشخصية المصرية، وهو الأمر الذي أكدته نصوص وديباجة دستور 2014، والأهمية التاريخية والإستراتيجية لعلاقات مصر بدول القارة، ويكشف عن عزم مصر العودة إلى مكانتها والإسهام الفاعل مع بقية دول القارة في مواجهة التحديات المتربصة بالقارة، ولا سيما الإرهاب والجريمة المنظمة والأوبئة وتدهور البيئة.
فمنذ توليه الرئاسة قبل 5 أعوام، يعمل السيسي على انفتاح مصر على القارة الأفريقية، فحرص على أن تكون أولى زياراته الخارجية في ولايته الرئاسية الأولى للجزائر الشقيقة، مسجلا بذلك أول زيارة لرئيس مصري منذ 5 سنوات، حيث أكد على خصوصية العلاقات بين البلدين، ومرة أخرى ومع بداية فترة رئاسية ثانية بدأ زياراته الخارجية بزيارة رسمية للسودان الشقيق، بمايؤكد مواصلة تعزيز علاقات مصر بالدول الأفريقية في كافة المجالات، وتكثيف التواصل والتنسيق معها، بما يرسخ مكانتها كإحدى أهم دوائر السياسة الخارجية المصرية .
إعادة تنشيط العلاقات المصرية الأفريقية، واستعادة صداقات مصر القديمة وتحالفاتها باتت مقومات المنهج المصري في المحافل الدولية، الذي يشمل الأمن والتنمية والتكامل الإقليمي وإعلاء مبادئ التعاون الإقليمي، والنظر بثقة وتفاؤل نحو مستقبل يلبي تطلعات الشعوب الأفريقية نحو تحقيق تنمية شاملة ومستدامة، وتبني دور فعال في مجال التنمية البشرية والاقتصادية .
وضع الرئيس السيسي، أفريقيا على رأس أولويات الأجندة السياسية المصرية، ولم يدخر جهدا فى السعى والمشاركة في تحقيق التنمية المستدامة لدولها من خلال تعميق العلاقات المشتركة والعمل على إقامة المشروعات، وترتب على ذلك أن العلاقات المصرية الأفريقية شهدت نقطة تحول جذرى، بنجاح الرئيس تدريجيا في بناء جسور الثقة والاحترام مع الدول الأفريقية عن قناعة بأن المتغيرات الدولية تركت آثارها على تلك العلاقات التاريخية، وأن التطور"السياسى والاقتصادي والثقافي" بهذه الدول يحتاج إلى آليات غير تقليدية للتعامل معها .
تسير علاقات القاهرة مع أفريقيا حاليا بشكل متوازن مع جميع الدول دون استثناء، وذلك بعد فراغ تركته مصر في العهود السابقة، والذي استغلته بعض الدول للعبث بالعلاقات مع الأشقاء في القارة، ولكن الموقف مختلف الآن فرصيد الدولة المصرية في أفريقيا بات كبيرا وراسخا .