قال الدكتور أحمد أبوزيد الباحث في إدارة الأزمات والأمن الاقليمي ان الدعوة الأمريكية لتشكيل ما يسمى "ناتو عربي"، دعوة ليست جديدة ولكنها لا تزال غامضة وغير واضحة ومحاطة بكثير من المحاذير، وذلك بعد أن كشفت "رويترز" نقلا عن مسؤولين أمريكيين وعرب إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تمضي قدما خفية في مساع لتشكيل تحالف أمني وسياسي جديد مع دول الخليج العربية ومصر والأردن بهدف التصدي للتوسع الإيراني في المنطقة.
واستعرض "أبوزيد" خلال مداخلة بالنشرة الإخبارية الرئيسية على قناة "اليوم" السورية، مساء اليوم الأحد، التجارب السابقة لتشكيل مظلة أمنية إقليمية جديدة او تحالف عسكري لمجابهة التهديدات الامنية والارهاب وتهديدات ايران، مؤكدا ان أكثر هذه الدعوات جدية كانت دعوة مصر التي اطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي أمام الزعماء العرب خلال القمة العربية في شرم الشيخ مارس 2015، والتي عُقدت بالفعل عدة اجتماعات عسكرية ودبلوماسية رفيعة المستوى لتنفيذها واقرار بروتوكول تشكيلها ولكنها جمدت بطلب سعودي لمزيد من التشاور وحتى الان لازالت حبيسة الأدراج. واوضح ان الدعوات الاخرى تمثلت في تشكيل تحالف دعم الشرعية في اليمن وهو يواجه ايران بشكل غير مباشر ولكن ازمة اليمن لازالت مستمرة، وكذلك دعوة السعودية لتشكيل التحالف العسكري الإسلامي، لم تشارك به ايران، وخرج بصورة مربكة وغير منسقة ولم يتم تفعيله سوى في بعض التمارين العسكرية المشتركة ومنها مناورات درع الخليج المشترك بمشاركة 23 دولة في حفر الباطن في السعودية قبل عدة اشهر، وكذلك ودعوة "ترامب" لوجود تحالف اقليمي في المنطقة ضد ايران بعد القمة العربية الاسلامية الأمريكية في مايو 2017، وكذا الدعوة الأمريكية لتدخل قوات عربية أمريكية في سوريا وغيرها.
وأكد الباحث في إدارة الأزمات والأمن الاقليمي، أن تقييم الدعوة الراهنة التي لازالت مجرد تسريبات اعلامية، يمكن النظر لها من عدة زوايا، واولها تقييم الدعوات السابقة، ومقارنتها بها، وهل ستلقى نفس المصير، حيث كانت الدعوات السابقة تتسم بالغموض وعدم الجدية، ولذلك قد تكون الدعوة الحالية مجرد بالونة اختبار لتهديد ايران وتعديل سلوكها، اي مجرد حرب كلامية او نفسية.
ونبه "أبوزيد" إلى ضرورة توضيح اطراف مثل هذا التحالف، سواء المعلنين والاطراف الخافية، فهل سيكون مظلة لتنسيق امني موسع مع إسرائيل على اعتبار ان عدو عدوي صديقي وما علاقة هذا الترتيب الاقليمية الجديد بما يسمى صفقة القرن؟.. كما ان مدى نجاح هذا التحالف في مواجهة ايران سيعتمد على مدى وحدة رؤية وإدراك تلك الدول للتهديد الايراني، خاصة ان دول الخليج ومصر والاردن ليست على درجة واحدة من الخصومة والعداء مع ايران فهي اولوية اولى للسعودية ولكنها ليست اولوية اولى لمصر والأردن وليس هناك اتفاق على مواجهتها عسكريا، كما ان الكويت لديها علاقات متوازنة مع ايران واكيد قطر وهي دولة في مجلس التعاون الخليجي خارج المنظومة حاليا ما يعني ضرورة حل الازمة لضمان وقوفها مع الاصطفاف الجديد.
واعتبر "أبوزيد" أيضا أن مثل هذا النوع من الدعوات الامريكية يعد شكل من اشكال تحميل العبء لطرف اخر، والتخلص منه ووضعه على عاتق دول المنطقة، وفي نفس الوقت لا يراعي وجود لاعب رئيس جديد في المنطقة وهو روسيا وهي بالتأكيد ليست ضد ايران، وتساءل هل سيؤدي ذلك لصراع سني-شيعي يدمر المنطقة تماما وهل سيساهم ذلك في تعديل السلوك الإيراني وهو هدف أعلنه البيت الابيض والبنتاجون قبل يومين.. ام سيزيد تشددها؟، معتبرا ان هذه الدعوة ان كانت بالفعل جادة وستتم بالتنسيق والتشاور الكامل مع دول المنطقة فإنها ستكون مفيدة في تقليم اظافر إيران بعد توسع سلوكها الميليشياوي في المنطقة وتهديدها للملاحة البحرية من خلال الحوثيين في باب المندب.