الخميس 23 مايو 2024

د. صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: المناخ الآن مهيئ لانتشار الشائعات .. ولا بد من خطاب إعلامى يشرح للناس ما يحدث!

22-3-2017 | 11:07

حوار: أحمد جمعة

«الإعلام المصرى.. غير قادر علي مواجهة الشائْعات، عبارة أكدها الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة فى حواره لـ»المصور»، مضيفاً: أنه لا يوجد خطاب إعلامى يشرح للناس ما حدث بعد تعويم الجنيه.. وتهجير الأقباط كان يحتاج لخطاب إعلامى مدروس وممنهج؛ لأنه يتم تعميم القضية فى الخارج.

«د. العالم» قال إن استخدام تنظيم «داعش» الإرهابى للوسائل الإعلامية المُتنوعة، ساهم فى تمدد التنظيم على الأرض، بما مكّنه من جذب عناصر جديدة تحت رايته، موضحًا أن جماعة الإخوان الإرهابية تُحاول استغلال الأزمة الاقتصادية التى تمر بها مصر لخلق بلبلة لدى الرأى العام، عبر نشر أكبر قدر من الشائعات، مؤكداً أن الجماعة تنقل أفكارها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومؤخراً أصبحت تنقل المكالمات المُسربة لكبار الشخصيات فى الدولة.

ما حجم تأثير وسائل الإعلام التابعة لأنصار تنظيم «داعش»؟

إعلام «داعش» يختص بتغطية العمليات العسكرية فى المناطق التى يسيطر عليها التنظيم فى سوريا والعراق، ووسائل الإعلام الخاصة بالتنظيم تعتمد عادة على التواصل الإلكتروني، والتصوير المتطوّر، وتنوع فى هذه الوسائل الأساليب حتى يظهر التنظيم أمام الآخرين بأنه الأقوى بدنياً، وهذا يعطى صورة ذهنية بالقدرة على السيطرة.. كما يهتم «داعش» بالتواصل مع فئات الشباب، وتستخدم مواقع التواصل لجلب متطوعين جدد، وهذه قضيّة مهمة، لأنه لولا إمداد التنظيم بالعناصر الجديدة بشكل دائم ومستمر من بلاد غربية وإسلامية، لما استطاع التنظيم أن يمتد هذا الامتداد ويسيطر فى أماكن مختلفة. فالتنظيم يستخدم رسالة إعلامية لها استمالات إقناعية تحرص من خلالها على خلق دوافع الشباب للمشاركة فى العمليات الانتحارية على أساس أن ذلك جهاد فى سبيل الله.

إذن أنت تتحدث عن أن استخدام «داعش» لوسائل الإعلام ساهم فى انتشار التنظيم؟

بالفعل، هم لديهم وزير خاص بالإعلام، ومهتمون بشكل كبير بالتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويهتمون بكل تكنولوجيا الاتصال فى التصوير والتغطية لعملياتهم الإرهابية.

ننتقل للشأن الداخلي.. ما تقييمك لأداء وسائل الإعلام التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية؟

جماعة الإخوان تتمركز معظمها فى تركيا وفى بعض المناطق الأخرى، واستفادت من الكوادر الإعلامية التى خرجت من مصر بعد ثورة «٣٠ يونيو» فى مرحلة ما بعد التحول، واشتروا عدة قنوات تبث إرسالها من اسطنبول، كما أن الجماعات الإلكترونية التابعة لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تتداخل فى كل المناقشات، وهناك علاقات كانت موجودة بينهم وبين أفراد عاديين، وتستغل أى موقف فيه معاناة لأفراد الشعب، أو أحكام قضائية، أو غلاء فى الأسعار، وانتقاد الأوضاع القائمة فى مصر.. كما يقومون بتوجيه الدعاية المضادة لكبار المسئولين، وكشف بعض السلبيات الموجودة فى الحياة، كما يقومون بتغطية بعض العمليات العسكرية فى سيناء، وخلق ادعاءات مضادة لفكرة التلاحم بين المسلمين والمسيحيين، ورصد برامج «التوك شو» وتوجيه الدعاية المضادة لما يُثار فى هذه البرامج.

وهل مازال تأثير تلك الوسائل المضادة للدولة كبيرًا فى الفترة الأخيرة؟

بلاشك هم ينقلون أفكارهم على مواقع التواصل التى تشهد إقبالًا يوميًا من المواطنين، وفى الأشهر الأخيرة أصبحت تُنقل من خلالها المكالمات المُسربة لكبار الشخصيات فى الدولة سواء كانت حقيقية أو مفبركة، وهذه التسريبات تطرح تساؤلات كثيرة، حول جدواها ومن الذى يقوم بها، وآلية توظيفها بشكل أو آخر، وإذا كانت الشخصيات المسئولة يتم تسريب لقاءاتها وحواراتها، فهذا يُحدث وقيعة دبلوماسية بين مصر ودول كثيرة، خاصة إذا كان شخص بحجم وزير مثلا.. وتأثير إعلام الإخوان مُتباين، خصوصًا أن الإعلام المصرى حالياً إعلام أحادى الجانب، ولا يسمح بالرأى والرأى الآخر، ويتناول جزءا أحادى المنظور، ومنذ تحرير سعر الصرف، أحدث نوعًا من التزايد المنفلت فى أسعار جميع السلع والخدمات بما لا يتلاءم مع دخول المصريين، فى الوقت الذى لم تقدم فيه الدولة خطابًا إعلامياً اقتصادياً يبرر ويشرح ويفسر أسباب حدوث القرار، بل نجد بعض التصريحات غير الدقيقة من قيادات البنك المركزي، لا تتناسب مع حجم القرار.. هذه الصعوبات مادة دعائية خصبة، يمكن من خلالها توجيه الدعاية المضادة.

جزء من الترويج الإعلامى للإخوان «الشائعات».. هل نحن قادرون على المواجهة؟

الإعلام العام أحادى الجانب، ولا توجد متابعة دقيقة لما يُشاع من شائعات، ومناخ ارتفاع الأسعار يهيئ الناس لانتشار الشائعات، ويتم استغلال صعوبات المواطن، فى الوقت التى تطالب فيها الحكومة الناس بالصبر، فى حين يجدون فئات أخرى تعيش فى مستويات جيدة ولم تتأثر بتلك الأوضاع الاقتصادية.

وماذا عن دور مركز معلومات مجلس الوزراء ورصده الدائم للشائعات الأسبوعية؟

الشائعة نتيجة معادلة «الأهمية فى الغموض»، ونحن فى مناخ مهيأ لانتشار الشائعات، مع الإعلام الأحادى وارتفاع الأسعار، ومع افتقاد الثقة فى الأداء الحكومي، وأداء مجلس النواب.. فلا يوجد خطاب إعلامى يشرح للناس ما يحدث، وأطالب الرئيس عبد الفتاح السيسى بأن يُشكل فريقًا من كل التخصصات قريبا منه، يضع له خطابه السياسى والاقتصادى بشكل مدروس وممنهج. فأحيانًا يتم استغلال بعض الجمل والمداخلات التى يقولها الرئيس فى لقاءاته مع القطاعات المختلفة واجتماعاته بشكل سلبي، ويتم توظيفها بعكس مقصدها وتُحدث تأثيرًا معاكسا.. نحن فى حرب حقيقية، من قطاعات كبيرة فى الداخل والخارج، وآخرها استغلال تهجير عشرات الأسر القبطية المصرية خارج العريش.

وهل مازلنا نُعانى من مشكلة تصحيح صورة مصر فى الخارج؟

الهيئة العامة للاستعلامات كمؤسسة إعلامية، تواجه مشكلة، ولا أعرف من قرر أن يتولى رئاسة الهيئة أحد الدبلوماسيين يقضى داخلها فترة من فترات خدمته، فليس كل الدبلوماسيين دارسين للإعلام، وتخطيط الهيئة يحتاج إلى رؤية واستراتيجية إعلامية متكاملة، كما أن قيادات الهيئة مؤقتة.. واتفق مع الدكتور عبد المنعم سعيد فى طرحه لتطوير دور الإعلام، لكن أن نلغى أجهزة قديمة ويتم استحداث أجهزة جديدة، فلن تجدى نفعا لأنها تحتاج إلى وقت وميزانية، بل يجب أن نُعدل فى الإدارة ونضع حوافز وتدريبا للقائمين على هذه المؤسسات حتى تستعيد قوتها بشكل أو آخر.. فكُتب الإعلام مملوءة، ومصر بها مُتخصصون فى كل المجالات، وتمد الدول العربية بخبرات متنوعة، والكل يتحدث فيما لا يعلم، وهناك معلومات تفتقد إلى الدقة. فضلا عن أن مركزية الإعلام فى عصر الفضائيات ليست مطلوبة، وأى عملية تحدث ويمر عليها أكثر من ٦ دقائق فإنها ستصبح مادة للشائعات، ما لم يخرج بيان يشرح الموقف، وبالتالى فالإعلام الحديث يحتاج إلى سرعة ومرونة وفورية ومهنية.

مثلاً؛ المشروعات الكبرى تحتاج إلى مادة تسجيلية تروى وقائعها وتبرز أحداثها، وتعرضها على الناس، وتطمئن الرأى العام بأن هناك أملا من وراء هذه المشروعات، وتوثق هذه الأنشطة، ورؤية متكاملة؛ لأن هذه المشروعات محط شائعات كثيرة، ويجب الرد على هذه الدعاية المضادة.

وأين دور الإعلام الرسمى من هذه القضايا؟

لا مانع من وجود قنوات إعلامية تابعة للدولة، لكى تقوم بالدور، و»ماسبيرو» به كوادر، وحتى سنوات قليلة كان قلعة إعلام متنوعة وقوية ومؤثرة، ويجب الاستفادة من هذه الخبرات، ومنح الجميع الفرصة.. وفى عصر تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، فنحن بحاجة إلى تنوع وتعدد قنوات الإعلام. والأمر الثاني؛ فمسألة «دولاب العمل بماسبيرو» يخلق خللًا بإدارة العمل هناك، ويجب ألا نتعامل مع «ماسبيرو» كقضية مادية؛ لأنه يخدم على كل قطاعات الدولة، صحيًا وتعليميًا وتوعوياً، وكل هذه المؤسسات تحتاج إلى نشاط إعلامى وتوعوي.

وهل تُساهم المؤسسات والهيئات الإعلامية فى ضبط العملية الإعلامية؟

منذ عامين كنت أحد أعضاء لجنة وضع التشريعات الإعلامية، وقمنا بوضع ضوابط المجلس الأعلى للإعلام، والمجلس الوطنى للصحافة، والمجلس الوطنى للإعلام السمعى والمرئي.. فأين تشكيل هذه المجالس على أرض الواقع لتنظيم وإدارة ومتابعة الأنشطة الإعلامية.

وما رؤيتك لمواجهة إعلام «الشائعات»؟

لابد أن يكون هناك خطاب مخطط من مؤسسة الرئاسة وراءه أيديولوجية فكرية تبرر ما يحدث اقتصاديًا وسياسيًا وفكريًا واجتماعيًا، فضلا عن فتح الباب لكل قنوات الاتصال والإعلام، وأن تكون هناك خطط إعلامية لمتابعة المشروعات الكبرى، وأن يكون الأداء من الحكومة بشكل أسرع.. بجانب ذلك إتاحة الفرصة للرأى والرأى الآخر، والاستفادة من كوادر الوطن فى كل المجالات، وأن يهتم الإعلام باحترام عقول المشاهدين، وألا يترك عبء الإعلام على شخص الرئيس وحده، وأن تكون منظومة الأداء الإعلامى متكاملة، بما فى ذلك الاستمالات الإقناعية، والتخويف للإرهابيين، والاستمالات المنطقية، واستمالات البناء والتنمية.. وأن يتم توظيف لقاءات الشباب بما يحقق آمال جموع الشباب، وأن يتم وضع خطاب أيديولوجى لمصر فى هذه المرحلة.