السبت 23 نوفمبر 2024

«اوعى البنطلون»

  • 22-3-2017 | 11:46

طباعة

بقلم – عبد اللطيف حامد

يبدو أننا على أعتاب معركة حامية الوطيس بين «البنطلونات المقطعة» وبين النقاب، وسنجد مؤيدين ومعارضين من كل فريق، ومبارزة بالكلمات اللاذعة، والإشارات الخارجة، وكما يقول المثل الشعبى «اللى ما يشترى يتفرج»، ويا خوفى ليكون الهشتاج الأعلى تداولا أو الإفيه المسيطر خلال الفترة المقبلة «يا مقطع يا بنطلون».

الموضوع بجد مش هزار، ولا نكتة بايخة، أصل الحكاية أن النائب عبد الكريم زكريا عضو اللجنة الدينية بمجلس النواب أعلن عزمه التقدم بمشروع قانون يلزم الجامعات والمدارس بتحديد زى موحد لارتدائه لمواجهة ظاهرة الملابس غير اللائقة بالجامعات وعلى رأسها «البنطلونات المقطعة»، وبدل ما يسارع باقى الأعضاء إلى تهدئة أعصاب سيادة النائب المتوترة من ساعة ما شاف «الركبة»أو «السمانة» أو إيه تانى يا حفيظ فى الجامعة، أو يخلوا طبيب المجلس يمنعه من دخولها حتى لو كان أستاذا فيها لفترة مؤقتة على سبيل العلاج، للأسف الغالبية وافقت صمتا، بحكم أن «لسكوت علامة الرضا» والبعض الآخر رفع سلاح الحرب على «تقطيع البنطلونات”.

بصراحة اللى قطع بى، وكمان أحرجنى أن الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة وعضو مجلس النواب دخلت على خط البنطلون، وما كان لها أن تقع فى المطب، وطالبت بمنع دخول الطالبات إلى الحرم الجامعى والمدرجات مرتديات «بناطيل مقطعة».

ويا ريت قالت الكلام فى العموم، والحدق يفهم، بل ورطت د.جابر نصار رئيس جامعة القاهرة، ووضعته فى مواجهة سهام فريق النقاب عندما وجهت له نداءً بأن يقف بقوة لتنفيذ دعوة حصار «البنطلون المقطع» بقرار إدارى من الجامعة كما فعل فى قضية حظر النقاب.

د.نصار يا ولداه أصبح فى موقف لا يحسد عليه، وبين نارين لأنه لو قال: الجامعة لن تجرم البنطلونات سواء سليمة أو مقطعة، سيكون عرضة لقذائف حلف النقاب حتى داخل مجلس النواب، وفى مقدمتهم النائب صاحب قانون البنطلون، ثم د.آمنة بحكم تضامنها، وبالتأكيد نواب السلفيين، وثلة من ائتلاف دعم مصر، مع رشة احتجاجات ومظاهرات للطالبات والطلاب تنطلق من كلية دار العلوم جنوبا إلى كلية الآداب شمالا، وسيكون لها أصداء فى كلية الهندسة ذما فى الانحياز لـ»البنطلون المقطع والفيزون»، وإقصاء النقاب، وزاد الطين بلة أن الشيخ إسلام النواوى عضو المكتب الفنى لوزير الأوقاف وعضو لجنة الشباب لتجديد الخطاب الدينى، عجبته الحكاية، وصال وجال فى معركة «البناطيل المقطعة» داخل دور العلم.

وفى حالة تأمين د.نصار على مبادرة «خيطى البنطلون» سيصطدم بجبهة التعدى على الحريات الشخصية، وهجوم جمعيات حقوق المرأة، وخد عندك تلقيح كلام من عينة «الهوس بالنص التحتانى»، و»العلم فى الراس مش فى البنطلون»، وطبعا هتبقى القصة موضوع الساعة فى برامج التوك شو، وكل مذيع أو مقدم برنامج وذوقه فى البنطلونات، ويا ترى بيحب المقطوع ولا الموصول، والخوف بقى من اللى بيفضلوا الجيبة أكتر، وما أدراك بـ»السوشيال ميديا»، وأدمن «أساحبى» وغرهم يطلقون الكوميكس وراء التانى، من الأفلام العربية قديمة وحديثة إلى الكاريكتير، وكمان أغانى مصرية وخليجية، وكله يشير فى صحة «البنطلون المقطع»، د.جابر نفض إيده من دم الضحية سواء البنطلون أو النقاب، وألقى بالكرة فى ملعب النواب ليشرعوا قانونا، وسيلتزم به.

أظن ـ وليس كل الظن إثما ـ أن بعض السادة النواب عليهم أن يتخلصوا من هواية البحث عن موضوعات تافهة لا تسمن ولا تغنى من جوع من أجل»الشو الإعلامى»، لأن أضرارها أكثر من منافعها، ويكفى أنها تشق صف الناس، وتهدر أوقاتهم، وطاقتهم دون فائدة على المستويين القريب و البعيد، وحتى لا يتهمنى البعض بمناصرة البنطلون المزموم على حساب النقاب المستحب، أطالبهم أن يعالجوا المرض لا العرض، فالأهم دعم صناعة الملابس الجاهزة الوطنية لتجد البنات والسيدات مختلف الأذواق وفقا للتقاليد والعادات المصرية، فالواحدة منهن تلف كعب داير على المولات، والمحلات لشراء أزياء حشمة، سواء جيبات أو بنطلونات واسعة فلا يجدن؛ لأن السوق المصرى يستقبل منتجات من مختلف الدول على رأسها تركيا، والصين، وماليزيا، وهلم جر، فى حين أن مصانعنا أغلقت أو شبح الإغلاق يطاردها.

مطلوب نظرة ودعم من نواب البرلمان لتقوية شوكة صناعة الملابس المحلية؛ لأن مشاكلها تفاقمت بسبب الغزو الصيني والملابس المهربة، وأغلق ٢٤٠٠ مصنع أبوابه من إجمالى ١٢ ألف مصنع، وتحول أصحابها لمستوردين، بعيدا من معركة «البنطلونات المقطعة أو المحزقة»، والله أعلم.

 

    الاكثر قراءة