الخميس 23 مايو 2024

بالعودة لنظام «السكر والزيت والأرز» «المصيلحى» يُفجر «منظومة حنفى»

22-3-2017 | 12:49

تحقيق: بسمه أبو العزم

لم تكد تهدأ أزمة «الكارت الذهبى» التى أشعلها وزير التموين والتجارة الداخلية، د.على المصيلحى، إلا وكان الشارع المصرى على موعد مع قرار ثان يستحق أن يوضع فى خانة «القرارات الصعبة»، وهو القرار المتعلق بعودة ربط المواطنين بثلاث سلع أساسية فقط (الزيت والسكر والأرز) على بطاقة التموين بدلا من ٥٦ سلعة، مع الإبقاء على حرية الاختيار فى سلع فارق نقاط الخبز بداية إبريل المقبل.

قرار «عودة الربط»، أجمعت الآراء على أهميته، والدور الذى سيلعبه فى القضاء على ظاهرة «تلاعب البقالين» وحجبهم للسلع عن مستحقى الدعم وطرحها بالسوق الحر للاستفادة بفارق الدعم, كذلك عدم تكرار الاختناقات بالسلع الأساسية, إلا أن التخوف من ردة فعل المواطن الذى اعتاد على الاختيار خاصة الإجبار على الأرز الهندى الذى يرفضه المصريون ليظل نجاح منظومة «المصيلحى» الجديدة مرهون بمدى توافر السلع والرقابة عليها، حتى لا يستغل ذوو النفوس الضعيفة الشعب لتهييجه ضد نظام الربط لتتكرر مأساة كروت الخبز الذهبية.

جاء نص التوجيه الوزارى رقم ٨ لسنة ٢٠١٧ بأن تقوم مديريات التموين بمتابعة فروع الجملة للتأكد من توفير السلع التموينية التى يتم توزيعها على المواطنين بموجب البطاقات التموينية طبقا لعدد المستفيدين من البطاقات التموينية بكل محافظة، بواقع»كيلو سكر , وكيلو أرز , وزجاجة زيت عبوة ٨٠٠ جرام لكل فرد من أفراد البطاقة, كما يتم صرف هذه السلع فى حدود الدعم المقرر لكل فرد وهو ٢١ جنيها وفى حالة زيادةالمشتريات عن قيمة الدعم يتم تحصيل الفارق من المواطن نقدا وتوريد المبيعات النقدية لفروع الجملة, على أن تقوم الوزارة ومديريات التموين والجهات الرقابية التابعة ومباحث التموين بتشديد الرقابة على فروع الجملة والبدالين التموينيين لضمان صرف المقررات التموينية للمواطنين وبالأسعار المحددة.

منظومة «المصيلحى» الجديدة تقضى بحصول الفرد على الحصص سابقة الذكر مقابل دفع خمسة جنيهات ونصف الجنيه، لتكون بداية النهاية لعصر حرية الاختيار من السلع, وبالرغم من هدفها السامى فى وصول الدعم لمستحقيه إلا أن أصحاب المصالح من شأنهم تهييج المواطنين لإجهاض النظام الجديد لاستمرار حجبهم للسلع التموينية والإتجار بها فى السوق السوداء، الأمر الذى يؤكد أن الوزير الجديد مطالب بالعمل على توفير كافة الاحتياجات داخل محال البقالة بجودة عالية، إلى جانب تشديد الرقابة منعا لحدوث أى تلاعب.

وفى تعقيبه على قرار «المنظومة الجديدة»، قال وليد الشيخ، نقيب البقالين: القرار جرىء فتم الدمج بين إلزام المواطنين بالسلع الأساسية على بطاقة التموين وإعطائهم حرية الاختيار فى فارق نقاط الخبز، وبالتالى الحكومة ألزمت نفسها بتوفير هذه السلع مهما حدثت أزمات، وفى النهاية المواطن هو الحكم، ومع بداية التطبيق إبريل القادم سنكتشف مدى رضا المواطنين عنها.

«الشيخ» أكمل بقوله: المنظومة القديمة كانت تتيح لكل فرد اثنين كيلو أرز, اثنين كيلو سكر , وكيلو ونصف زيت مقابل ٢٠ جنيها، وبالتالى كانت هناك حصص محددة شهريا مطلوب توفيرها، وكان وقتها احتياج البطاقات التموينية شهريا ١١٥ ألف طن سكر، كذلك نفس الكمية من الأرز ونحو ١٣٥ ألف طن زيت, أما حاليا فنظرا لانخفاض حصة المواطن من السلع الأساسية بسبب ارتفاع أسعارها بعد قرار تحرير سعر الصرف، فالحصة الشهرية التى ستوفرها الوزارة ستنخفض هى الأخرى، وبالتالى لن تواجه الوزارة أى مشكلة فى توافر السلع الأساسية، خاصة أنها توفر مخزونًا استراتيجيًا من السلع لا يقل عن ٤٥ يومًا.

من جهته، أبدى يحيى كاسب، رئيس شعبة تجار المواد الغذائية بغرفة الجيزة التجارية، تخوفه من ردة فعل المواطنين على النظام الجديد، وقال: عندما انخفضت حصة الكروت الذهبية للمخابز لم يعترض أصحاب المخابز لكن خرج المواطنون فى مظاهرات واعترضوا على القرار , وبالتالى الأهم موقف المواطنين بعد التطبيق، فبعد اعتيادهم على الحصول على السلع بشكل مجانى أصبح كل فرد مطلوبًا منه دفع خمسة جنيهات ونصف، وبالتالى الأسرة البسيطة المكونة من خمسة أفراد مطلوب منها ٢٧,٥ جنيها، أيضا هناك كميات كبيرة من الأرز الهندى سيضطر المستهلكون لشرائها الشهر المقبل، فى حين كانوا يرفضون شراءها مؤخرا، وبالتالى السلعة الوحيدة التى نتوقع تسببها فىى حدوث أزمة خلال الأسابيع المقبلة هى الأرز.

«كاسب»، أعرب عن استياء البقالين التموينيين من تبرير وزارة التموين للقرار بأنه يهدف للقضاء على تلاعب البقالين، حيث قال: نحن نسعى لإرضاء المواطنين ونقدم أفضل سلع لاكتفائنا بهوامش الربح المحددة مسبقا.

من جانبه قال د. محمد أبو شادى، وزير التموين الأسبق: ربط السلع الأساسية يضمن للطبقات الأكثر فقرا، خاصة أهالى الريف والصعيد توافر السلع فهم المطحونون والأكثر عرضة خلال الشهور الماضية للأزمات السلعية، فحينما حدثت أزمة فى السكر طرحت الوزارة كميات كبيرة عبر السيارات المتنقلة بالميادين فى المدن الكبرى، أما سكان الأقاليم وخاصة القرى محرومون من تلك الخدمات، حتى حصتهم على بطاقات التموين كانت عرضة لتلاعب البقالين، لكن حاليا كل مواطن يعرف حقه ويقضى على فرص تلاعب البقالين بحجب السلع عن المواطنين وبيعها بالسوق الحر .

الوزير الأسبق، تابع حديثه قائلا: النظام الجديد سيجبر الدولة على عمل مخزون استراتيجى من تلك السلع لن يقل عن ثلاثة أشهر، وبالتالى تزيد جاهزية الدولة فى مواجهة الأزمات والاختناقات العاجلة فى أى سلعة، ورغم تأييدى للقرار، لكننى كنت أرى أنه من الأفضل استطلاع رأى المواطنين عبر توزيع استمارات على البقالين التموينيين، وتقديم أكثر من اختيار لمستحقى الدعم تمهيدا لتجميعها وإرسالها لمديريات التموين، وتطبيق النظام الذى يحوذ على الأغلبية، فللأسف التجارب الكثيرة الماضية أضرت بالمستهلك، وآن الأوان لتحرير المواطنين ومنحهم الحرية فى اختيار المنظومة التى تخدمهم.

وحول توقعاته بنجاح المنظومة الجديدة، قال: نجاح تطبيق القرار مرهون بعدة عوامل، أهمها الحفاظ على توفير المخزون الاستراتيجى من السلع، مع مراعاة جودة السلع، فلا يصح أن تجبر الحكومة المواطن على سلع رديئة, إضافة إلى تمييز السلع المدعمة بعبوات مختلفة لضمان عدم تسربها للسوق السوداء, أيضا يجب العمل على تكليف أجهزة مباحث التموين والأجهزة الرقابية بمتابعة مدى توافر السلع بالمنافذ التموينية وعدم وجود أى اختناقات، إلى جانب تفعيل دور جهاز حماية المستهلك بفحص شكاوى المواطنين من النظام الحديث وسرعة حلها.

أما د. رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، فقد أوضح أن «منظومة السلع التموينية الاختيارية التى وضعها خالد حنفى وزير التموين الأسبق ضحت بالمواطن لصالح التاجر، الذى استغل تعطش الفقراء لوجبة من الدجاج يحصل عليها بشكل اختيارى تاركا السلع الأساسية من زيت وأرز وسكر ليفاجأ بارتفاع أسعارها فى السوق الحر ويشعر بالأزمة طوال الشهر , ونظام الربط الجديد يمكن القول أن يضع النقاط فوق الأحرف، كما أن الدولة لن تجامل التجار على حساب الفقراء.

«د.رشاد»، واصل حديثه قائلا: خبراء التغذية كشفوا مؤخرا عن تخوفهم من زيادة معدلات التقزم بسبب سوء التغذية للمصريين بعد ارتفاع الأسعار، لكن بتغيير منظومة السلع التموينية، نكون قد ضمنا وصول جزء من السلع الأساسية لمستحقى الدعم, فما يحدث حاليا تصويب لمسار منظومة السلع التموينية، بالرغم من دفع المواطن خمسة جنيهات ونصف، لأن البديل بالسوق الحر أعلى بكثير .

من جهته، قال محمود العسقلانى، رئيس جمعية مواطنون ضد الغلاء: وجبة أبناء الفقراء الأساسية البطاطس المحمرة، وبالتالى الزيت سلعة أساسية فى مطبخ الغلابة، أيضا السكر لا يمكن الاستغناء عنه، أيضا الأرز لا يمكن الاستغناء عنه، وبالتالى مع تكرار الأزمات فى السلع الأساسية مؤخرا تأكد المواطن أنه بحاجه لكيلو السكر أكثر من التونة والشامبو , ولهذا أرى أن القرار يعيد الأمور إلى نصابها الصحيح، كما أنه لم يقض على حرية الاختيار بشكل نهائى فلا يزال من حق المواطن الاختيار داخل نقاط الخبز .

«العسقلانى» - فى سياق حديثه - شدد على أن نجاح المنظومة مرهون برقابة قوية من قطاع الرقابة والتوزيع ومباحث التموين بعمل حملات مستمرة لرصد حالات العجز، ومحاسبة المسئولين عنها منعا لتهييج المواطنين، خاصة مع بداية التطبيق.

وحول الاستعدادات التى اتخذتها الوزارة لتطبيق النظام الجديد قال إبراهيم الخياط، مدير مديرية تموين الدقهلية: وزير التموين والتجارة الداخلية أعطى تعليمات إلى الشركة العامة لتجارة الجملة، والشركة القابضة للصناعات الغذائية بتوفير احتياجات كل محافظة من السلع الأساسية وفقا لعدد البطاقات التموينية بها، فتم ربط حصص للمحافظات، وهناك توجيه بوصول السلع قبل بداية الشهر القادم بفترة كافية لتوزيع السلع على البقالين منعا لوجود أى اختناقات.

وأضاف: إعطاء المواطن حق الاختيار أتاح الفرصة لأصحاب النفوس الضعيفة من البقالين لحجب السلع عن المواطنين والإتجار بها فى السوق السوداء للاستفادة بفارق السعر، وبالفعل حررنا عشرات المحاضر، وأغلقنا العديد من محال البقالة لمخالفتها، فخلال الشهر الماضى حررنا ألف و٧٠٠ مخالفة على مستوى المحافظة والنسبة الأكبر منها للبقالين، لكن حاليا كل مواطن له حصة محددة ومن الصعب التلاعب, ولضمان تفعيل مزيد من الرقابة يجب عودة ربط كل مواطن بإدارته التموينية فى الصرف بدلا من إتاحة الصرف على مستوى المحافظة.

استكمالا للحديث ذاته، قال مصدر مسئول بوزارة التموين والتجارة الداخلية: الدولة مسئوليتها الأساسية دعم السلع الأساسية وليست الرفاهية مثل النسكافية والمياه المعدنية، وبالتالى مع تكرار أزمات السلع، تبين أن العودة إلى نظام ربط السلع للمواطنين أفضل حل لأزمات نقص السلع بالأسواق، ويضمن استقرار الأسعار لمحدودى الدخل، كما أنه يقضى على أى فرصة للتصرف فى السلع المدعمه لصالح بعض البقالين الجشعين.

تجدر الإشارة هنا إلى أن المنظومة الجديدة تستلزم شهريا توفير نحو ٧٠ ألف طن أرز , و٧٠ ألف طن سكر ونحو ٧٠ مليون زجاجة زيت لتغطية احتياجات ٧٠ مليون مواطن مسجلا على البطاقات التمويني وبالطبع هناك مخزون استراتيجى كاف من السلع الأساسية التى أعلنت الوزارة عنها يكفى لأكثر من ثلاثة أشهر حتى أزمة الأرز انتهت فتم التعاقد مع ٥٠ مضربًا بالقطاع الخاص لتوريد كميات تتراوح بين ٦٠ ألف و٧٥ ألف طن شهريا أرز أبيض لصالح البطاقات, أيضا بدأ إنتاج الموسم الجديد من قصب السكر بخلاف الكميات المستوردة، بالتالى المخزون آمن ولن يتبقى سوى رضاء المواطن.