السبت 29 يونيو 2024

تصريح يستلزم التوضيح

22-3-2017 | 13:13

بقلم: فريدة الشوباشى

من الصعوبة أن يتصور أحد أن أصداء تصريح وزير الصحة الدكتور أحمد عماد لم تصل إلى مسامع رئيس الحكومة.

المهندس شريف إسماعيل، ومن شبه المستحيل أن تكون الحكومة عاجزة عن قراءة ردود الفعل التى أثارها التصريح قراءة صحيحة وإلا فنحن نكون أمام خطر حقيقى.. لقد نفى السيد الوزير ما نُسب إليه من اتهام الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بأنه "المسئول!؟" عن تردى حالة التعليم والصحة، من جراء إقراره مجانية الخدمتين، أى أن الوزير استنكر قرارات عبد الناصر بإتاحة التعليم، وكذلك العلاج للغلابة، الذين هم الأغلبية الساحقة من المواطنين الذين طحنتهم سنوات الاحتلال البريطانى البغيض وسيطرة الإقطاع والرأسمالية المستغلة فى العصر الملكى.. وإذا كان رئيس الوزراء لم يعر الأمر اهتماما أو قد يكون من رأى وزيره، فتلك مأساة بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ،

 

حيث لا يخفى على أى مسئول فى الدولة أنه ما جاء إلى هذا الموقع إلا بعد ثورة المصريين على نظام لم ينصفهم ويتحمل المسئولية كاملة عما آلت إليه أحوال التعليم والصحة وكل ما يتصل بحياة المواطنين، على الصعيدين الداخلى والخارجي، وبلغ صوت جماهير الثورة عنان السماء، حتى ينصت الجميع إلى أن مطالبهم هى:عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية..فأى كرامة تكون لمن لا يملك قوت يومه ومن لا يجد تعليما ولا علاجا، لضيق ذات اليد.. وواضح أن الوزير لا يعرف أن التعليم والعلاج على نفقة الدولة فى أرقى البلاد وأكثرها ثراءً.. وعلى سبيل المثال لا الحصر، فى السويد وفرنسا وألمانيا.. كنت أنتظر وأعتقد أننى لست وحدي، أن يبادر رئيس الحكومة بمطالبة الوزير بشرح موقفه من أهم قضيتين، ليس بالنسبة لمصر فحسب، بل لأى دولة فى العالم، التعليم والعلاج.. لكن المهندس شريف إسماعيل التزم الصمت كعادته مما ترك الحبل على الغارب للتكهنات والقلق والمخاوف..وكلما التقيت أحدا، سألنى إذا ما كان هدف هذه الحكومة هو الارتقاء بأحوال الفقراء، لا سيما بعد كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسى بأن هذا الشعب لم يجد من يحنو عليه، أم أنها حكومة تنحاز للأثرياء، الذين يلحقون أبناءهم بالمدارس والجامعات الخاصة وبمقدورهم العلاج فى أرقى المستشفيات وبتكاليفها الباهظة، أو حتى فى أوربا والولايات المتحدة، ولمن يسمونهم برجال الأعمال، ونشاط معظمهم يقتصر على الاستيراد وليس فى إقامة الصناعات الصغيرة والمتوسطة، كما كان يأمل المواطنون بعد ثورتين تاريخيتين..كان لتصريح الوزير وقع القنبلة، ولا أتصور أن يجهل أى إنسان عادي، فما بالك بمسئول كبير، مكانة عبد الناصر فى مصر والوطن العربى بل وعلى مستوى العالم..هل عرف الوزير أن نلسون مانديلا، وهو أشهر سجين ثم أول رئيس لجنوب إفريقيا بعد إسقاط نظام الفصل العنصري، قد لقب عبد الناصر بأنه زعيم زعماء إفريقيا؟..هل يعرف الوزير أن صور عبد الناصر التى ارتفعت خلال ثورتى يناير ويونيه فى مصر، ترفعها الجماهير العربية فى كل معركة لتحقيق حلم الحرية فى كل بلد عربي؟..هل سمع الوزير أن الرئيس الأمريكى الأسبق، دويت ايزنهاور، ذهب هو إلى عبد الناصر فى مقر إقامته إبان زيارته للأمم المتحدة فى نيويورك؟.. هل يعلم الوزير أن أكبر قامات فنية وشعرية فى الوطن العربى دبجت أروع القصائد وصاغت أجمل الأعمال الأبدية لتخليد عصر عبد الناصر، وكلها إشادة بعدالة الزعيم وانحيازه للفقراء ومساعدة مصر، فى عهده، لكل الشعوب المتطلعة إلى الحرية ؟..والسؤال الذى من حقنا أن نطرحه وأن نتلقى إجابة عليه، هو لماذا يتفانى البعض فى تشويه رموزنا الوطنية وخاصة عبد الناصر، الذى حقق لنا رصيدا، كنا أول من أهدره، فانعكس ذلك علينا نحن المواطنين، ؟..هل سمع الوزير أو قرأ أن جنازة عبد الناصر هى أكبر جنازة فى التاريخ، حتى الآن..والأهم، هل صادف الوزير" مسئولا !" يشغل وزارة أو إدارة، يلقى بمسئولية تردى الأحوال فى موقعه على رجل فى رحاب الله منذ خمسة وأربعين عاما، ولا يجرؤ على التفوه ولو بكلمة عتاب رقيق، على من حكموا مصر بعد رحيل الزعيم؟..إن صمت الحكومة على ما نُسب للوزير أمر شديد الخطورة، حيث يؤكد شكوك المصريين أنها حكومة تكره الفقراء وتتربص بهم ..وأثق أن الرئيس السيسى يدرك مدى الخسارة الفادحة التى ألحقها وزير الصحة بالنظام ككل..وأنه سوف يطمئن من أزعجهم تصريح الوزير بأن النظام على وعى كامل بأن من أتى به هم الفقراء أساسا، وان التعليم والعلاج المجانى من الحقوق غير القابلة لأى انتقاص..

لقد جرح وزير الصحة ملايين المصريين الذين ينتظرون من يطمئنهم بأن كلام الوزير هو رأيه الشخصى بكل أسف.