بقلم: د. عاصم الدسوقى
فى الأيام القليلة الماضية ومع التغيير الوزارى الأخير أعلن وزير التربية والتعليم «الجديد» وهو فى طريقه لتولى مسئوليته أنه ضد مجانية التعليم التى أدت إلى تدهوره وعدم كفاءة المتعلمين. وتلاه وزير الصحة الذى قال «إن منظومة الصحة متهاوية بسبب قرار عبدالناصر إن التعليم كالماء والهواء والصحة مجانية لكل فرد، فراح التعليم وراحت الصحة». ثم وزير التعليم العالى «الجديد أيضا» الذى قال «إنه يسعى لإدارة الجامعات الحكومية بفكر اقتصادى يخفف العبء عن كاهل الموازنة العامة للدولة»، وهذا التناغم بين تصريحات الوزراء الثلاثة يشى بأن ثمة توجيها عاما تم إبلاغهم به بطريقة أو بأخرى حتى يتم التخلى عن مجانية التعليم والخدمات الصحية بدعوى إصلاح التعليم وتعظيم شأن الخدمة الصحية، وسواء أنكر هؤلاء الوزراء هذه التصريحات المنسوبة إليهم أم تراجعوا عنها، إلا أن الأيام القادمة سوف تبين حقيقة نياتهم وتوجهاتهم وذلك من واقع القرارات التى سوف يصدرونها، خاصة أن أصحاب المصالح فى مصر لديهم قدرة على تحقيق أهدافهم بأساليب غير مباشرة وغير معلنة تتلخص فى اصطناع مختلف وسائل الالتفاف حول المحظورات.
على أن الربط بين مجانية التعليم والتدهور وعدم الكفاءة يعد نوعا من التفكير الخرافي، الذى يقوم على الربط بين أمرين لا رابطة بينهما أصلا كما يقول لنا فلاسفة الفكر، مثل القول إن الغرض من خلق طائر «الديك» التبشير بالفجر لا لشيء سوى أن الديك يصيح عند انبلاج شعاع الضوء، مع أن العلم أثبت أن الطيور تغمض عيونها عند حلول الظلام وتفتحها عند بزوغ الضوء، ولهذا فإن أصحاب مرابى الدواجن يضيئون الحظائر بالكهرباء طول الليل حتى لا تنام، وتظل تأكل وتأكل حتى يزيد وزنها بسرعة من أجل البيع السريع ومن ثم الربح الكبير.
***
أما تاريخيا فقد بدأ التعليم الحديث فى مصر مجانيا زمن حكم محمد على باشا حين أنشأ المدرسة ودخلها أولاد المصريين بالمجان ابتداءً من عام ١٨١٦ حين أنشأ مدرسة الهندسة ثم مدرسة الطب (١٨٢٧)، ومدرسة الصيدلة (١٩٢٩) ومدرسة المعادن (١٩٣٤)، والألسن (١٩٣٦) والمحاسبة (١٩٣٧)، وأخيرا مدرسة العمليات «الفنون والصنائع» (١٩٣٩)، وهذه المدارس توازى الكليات الجامعية فيما بعد، بل كان يمنح تلاميذ هذه المدارس رواتب شهرية كما يذكر عبد الرحمن الجبرتى من باب التشجيع على تلقى العلم للإفادة منهم فى كل المؤسسات الحكومية. ولقد تولى خريجو هذه المدارس «العالية» التعليم فى المدارس الابتدائية التى أنشأها فى كل أقاليم مصر (٦٦ مدرسة) ودخلها أولاد الفلاحين بالمجان، ثم «المدرسة التجهيزية» فى عام ١٨٢٥ (الثانوية فيما بعد)، التى كان يلتحق بها الحاصلون على الابتدائية وبالمجان أيضا، والتحق خريجو هذه المدارس بالوظائف الحكومية فى مختلف الدواوين، وفى ١٨٣٦ أنشأ محمد على «مجلس شورى المدارس» ملحقا بديوان الجهادية (الجيش) على أساس أن خريجى مدارس العلوم التطبيقية مثل الهندسة والمعادن والطب والصيدلة يلتحقون بوحدات الجيش للنهوض به، وفى العام التالى (١٨٣٧) انفصل مجلس شورى المدارس وأصبح ديوانا مستقلا .. فهل كان التعليم سيئا فى ذلك الزمان لمجانيته..!!
ولقد استمر التعليم مجانا فى مصر حتى احتل الإنجليز البلاد (سبتمبر ١٨٨٢) وسيطروا على مفاصلها وعملوا على إعادة تنظيم الإدارة فيها لكى تكون تابعة لبلادهم. وكانت أولى خطواتهم فى هذا الشأن إلغاء مجانية التعليم بعد عامين من الاحتلال (١٨٨٤) وجعله برسوم مالية، فبدأ الفرز الطبقى فى مصر وأصبح التعليم مقصورا على القادر ماليا، وعلى هذا لم يعد أمام الفقراء إلا العمل فى الزراعة مع الأسرة أو فى الورش الصناعية التى بدأت تنتشر مع قدوم الأجانب لمصر. ولمواجهة هذا المأزق قام بعض المثقفين بتكوين الجمعيات الأهلية القائمة على التبرع من القادرين بحيث تقوم الجمعية بإنشاء مدرسة وتخصيص نسبة ٨-١٠٪ من تلاميذها للتعلم بالمجان والباقى برسوم أقل من المدارس الحكومية.
وهكذا ظل غالبية أولاد الفقراء محرومين من التعليم، وهو وضع كان مثار قلق بعض المثقفين فى مصر فلما تشكلت لجنة لوضع دستور لمصر فى ١٩٢٢ تم النص فى الدستور (صدر فى مارس ١٩٢٣) على أن التعليم الأولى إلزامى للمصريين من بنين وبنات وهو مجانى فى المكاتب العامة (مادة ١٩ من الباب الثانى فى حقوق المصريين وواجباتهم). على أن هذا الاتجاه لم يكن مريحا للطبقة الرأسمالية الحاكمة الذين استراحوا مع سياسة سلطة الاحتلال بفرض رسوم على التعليم حتى لا يتعلم الفقراء وتنقلب الموازين، وقد أثبتت الأيام هذا الموقف بعد عشر سنوات من صدور الدستور، ففى مايو ١٩٣٣ تقدم أحد أعضاء مجلس النواب باقتراح بزيادة ميزانية التعليم الإلزامى (الأولي) لمواجهة زيادة عدد أولاد الفلاحين، وهنا انتفض المجلس الذى كان يضم طبقة أصحاب رأس المال وقال أحدهم (وهيب دوس) «إن تعليم أولاد الفلاحين يعد طفرة كبرى لأنه خطر اجتماعى هائل لا يمكن تصور مداه؛ لأن ذلك لن يؤدى إلى زيادة عدد المتعلمين العاطلين، بل يؤدى إلى زيادة عدد المتعلمين العاطلين ويؤدى إلى ثورات نفسية حين يتعلم ابن الصراف وابن الساعي»، وطالب بأن «يقصر التعليم على أبناء القادرين الموسرين من أهل القرية حتى إذا بقيت أمكنة خالية ملأناها بأبناء غيرهم من الفقراء» (جلسة ٢٣ مايو ١٩٣٣). وفى ذات الجلسة اقترح النائب محمد عزيز أباظة أن يكون لوزارة المعارف «حق السيطرة والرقابة على الأطفال فى النصف الثانى من اليوم (أى بعد انتهاء اليوم المدرسي) حتى لا يعتاد هؤلاء الأطفال على حياة المدينة فى النصف الثانى من اليوم»، ويقول إنه «شاهد بعض الفلاحين يخرجون إلى حقولهم «بالبلاطى والجوارب والأحذية ويحملون أدوات العمل على أكتافهم وهم ركوب فوق الدراجات.. فإذا استمر الحال على ذلك سيأتى بعدهم قوم يركبون السيارات لا يزعهم وازع ولا يدفعم إلى حقولهم دافع». وعلى هذا تم رفض المشروع.
***
فلما تشكلت حكومة حزب الوفد (فبراير ١٩٤٢-أكتوبر ١٩٤٤) تولى أحمد نجيب الهلالى باشا وزارة المعارف فاختار طه حسين مستشارا فنيا للوزارة، وكان طه حسين قد لفت نظر الهلالى حين كان يعلق على رفض مجلس النواب زيادة ميزانية التعليم الإلزامى كما سبقت الإشارة عاليه قائلا: إن اعتراض المجلس على زيادة ميزانية التعليم الإلزامى يبدو منه أن انتشار التعليم فى نظر المعترضين يمثل خطرا اجتماعيا ويساعد على قيام الشيوعية، وتقدم طه حسن بتقرير فى ١٩٤٣ عن «إصلاح التعليم تمت مناقشته فى مجلس النواب (يناير ١٩٤٤) لإتاحة الفرصة لتعليم الفقراء فى مصر»، فتقررت مجانية التعليم الابتدائى فقط (١٩٤٤)، وكانت رسوم الالتحاق بالابتدائى عشرة جنيهات سنويا وعشرين جنيها للثانوي، وهى رسوم عالية جدا فى ضوء أسعار الزمن.
ولما أصبح طه حسين وزيرا للمعارف فى حكومة الوفد (يناير ١٩٥٠-يناير ١٩٥٢)، وهو لم يكن وفديا، صاح صيحته الشهيرة «إن التعليم كالماء والهواء حق لكل إنسان» وطالب الحكومة بمد مظلة المجانية لتشمل التعليم الثانوي. ولكن، لأن قوام حكومة الوفد شأن كل حكومات مصر منذ الاحتلال البريطانى من أصحاب رأس المال الزراعي–الصناعي- التجاري، أو ممن يكونون فى خدمتهم، لم توافق على تعميم المجانية وقصرتها على مرحلة التعليم الابتدائي، وفى هذا ينسب للملك فاروق قوله إن مجانية التعليم تعنى الشيوعية. وقامت ثورة يوليو بقيادة عبد الناصر بتعميم المجانية فى مرحلة التعليم الثانوي، ثم دخل التعليم الجامعى دائرة المجانية عام ١٩٦٢ فى ضوء دور الدولة الكفيلة مع إنشاء القطاع العام.
وقبل أن ينشئ محمد على باشا التعليم المجانى فى المدرسة، كان التعليم فى الأزهر مجانا وكذا الإعاشة فى الأروقة دون رسوم ويتم الصرف على هذا النشاط التعليمى من الأوقاف الموقوفة على الأزهر، على أن استمرار مجانية التعليم فى الأزهر مع فرض الرسوم على التعليم المدنى مع الاحتلال البريطانى أدى إلى زيادة نسبة الملتحقين بالأزهر من الفقراء.
***
على أن الربط بين سوء التعليم والمجانية لم يحدث إلا مع منهج «الخصخصة» الذى وضع السادات لبناته استجابة لشروط أمريكا والبنك الدولى ثم صندوق النقد الدولي، وبدا ذلك المنهج من خلال التوسع فى إنشاء المدارس والجامعات الخاصة برسوم عالية ابتداء من مطلع تسعينيات القرن الماضى تحت شعار تحسين الخدمة وتحقيق الجودة التعليمية، ولكى تقوم الدولة بمساعدة أصحاب هذه المشروعات فى الربح والكسب السريع، قامت بتقليل نسبة الالتحاق بالجامعات الحكومية حتى تدفع باقى الطلاب إلى الجامعات الخاصة، مع أن التعليم فى هذه الجامعات لا يحقق أى جودة. وقد كانت لى تجربة فى إحدى هذه الجامعات واكتشفت أن الجامعة تقوم بإضافة درجات للطالب الراسب تحريريا تحت اسم أعمال السنة حتى تحقق نسبة نجاح عالية، فأصبح شعار الطالب الذى نشأنا عليه من «تذاكر تنجح» إلى «تدفع تنجح»، فتركت التدريس بها. ومن هذا الوقع قال أحد الزملاء عن هذه الجامعات إنها «جامعات الأغنياء الأغبياء».
وعلى هذا فإن تصريحات الوزراء الجدد ضد مجانية التعليم هى حلقة فى سلسلة دفع البلاد إلى هاوية المجتمع الرأسمالى حتى تصبح مصر نموذجا مقبولا فى النظام العالمى الجديد الأمريكي. وكان أحمد نظيف رئيس حكومة ما قبل ثورة يناير قد بدأ هذا المنهج حين قال متسائلا: من يتحمل عبء نفقات ١٧ جامعة حكومية تضم آلاف الأساتذة وملايين الموظفين (أصبحت الجامعات حاليا ٢٤ جامعة). وكان الهدف المقصود من هذا التصريح خصخصة الجامعات وبيعها بعد «ترويقها» من الأساتذة كبار السن ومن الموظفين بالإحالة للمعاش المبكر ضمانا لزيادة أرباحهم. وهذا هو نفس المنهج الذى تم اتباعه فى خصخصة شركات القطاع العام حين ابتكرت حكومة عاطف عبيد أسلوب المعاش المبكر لكبار العاملين حتى يضمن المشترى الجديد زيادة أرباحه لأن المرتبات مخصومة من هذه الأرباح، وهذا هو مغزى فكر تخفيف العبء الاقتصادى الذى ورد فى تصريح وزير التعليم العالى الجديد. وكأن التعليم الجامعى أو ما قبله لدى أصحابه مجرد مشروع استثمارى للربح وليس خدمة وطنية للنهوض بالمجتمع من الأساس.
إن معالجة سوء التعليم وتدهوره لا يكون بإلغاء المجانية، ولكن يكون بوسائل سهلة وممكنة وتتلخص فى الإقلال من عدد تلاميذ الفصل المدرسى وهذا لا يمكن تحقيقه إلا بالتوسع فى بناء المدارس العامة، وزيادة عدد المدرسين حيث لا يزيد عدد تلاميذ الفصل على عشرين تلميذا فيستطيع المدرس أداء مهمته بإتقان ويصبح التلميذ فى غنى عن الدرس الخصوصي. وفى الجامعة يجب إلغاء «الكتاب الجامعي» الذى أصبح وسيلة لتربح أعضاء هيئة التدريس وميدان صراع وتنافس بينهم للفوز بالتدريس للفرق الدراسية الأكثر عددا، مع أن الأصل فى التعليم الجامعى أن يقوم الاستاذ بإلقاء محاضرته ويقوم الطلاب بتدوين ما يسمعونه قدر استطاعتهم، ثم يقومون باستكمال المعرفة فى المقرر بالاطلاع على مراجع أخرى فى المكتبة. وبهذا يتحقق التراكم المعرفى لدى الأجيال وتصبح لديهم القدرة على النهوض بالوطن بما تحصلوا عليه من خبرات علمية متنوعة. ومن عيوب التعليم الجامعى الحالية تفشى ظاهرة الدروس الخصوصية وتلك فضيحة لو تعلمون كبيرة. ومواجهة هذه الظاهرة المتفشية من أصعب الأمور ولن يتراجع المتورطون فيها بالدعوة إلى عدم ممارستها من باب الأخلاق الحميدة أو محاكمتهم لصعوبة إثبات التهمة. ولكن هناك وسيلة فعالة يمكن وضعها موضع التجربة وتتلخص فى أن الذى يضع أسئلة امتحان المقرر فى نهاية الفصل الدراسى ويقوم بتصحيح كراسات الإجابة أستاذ آخر غير الذى قام بتدريس المقرر.
وفى سبيل الحفاظ على مجانية التعليم وتقديم الخدمات الصحية لشرائح المجتمع الأكثر احتياجا، فإننى أهيب بالرئيس السيسى أن يتجاوز فى إدارته لشؤون المجتمع حقبة السادات-مبارك-مرسي، وأن يخرج البلاد من وطأة الأجندة الأمريكية-العالمية، وأن يعيد للدولة دورها الاقتصادي-الاجتماعى بوسيلة أو بأخرى؛ حفاظا على تماسك المصريين والتفافهم حوله، وألا يخيب جموع أبناء مصر الذين رفعوا صورته إلى جانب جمال عبد الناصر وهم يدركون مدى التقارب بينه وبين عبد الناصر منذ كان وزير الدفاع حين أقدم من نفسه ومن دون طلب من أحد إلا من ضميره، بتسديد ديون السيدات الغارمات المسجونات من ميزانية القوات المسلحة، وكان ذنب هؤلاء السيدات أنهن أردن ستر بناتهن بالزواج وتجهيز منزل الزوجية المتواضع فقمن بشراء أثات متواضع ووقعن على إيصالات أمانة، ولكن عجزن عن دفع الديون فى موعدها فكانت النتيجة عقوبة الحبس فى السجن عملا بقاعدة «يا الدفع يا الحبس»، وكذا عمله على إسقاط ديون الفلاحين وتسهيل تسديد ديون أصحاب التاكسى الأبيض. وتلك أمور كان ينبغى أن يتصدى لها وزير التضامن الاجتماعى أو وزير المالية، لكن السيسى وهو وزير الدفاع تصدى للمشكلة من نفسه ومن ميزانية الجيش فأثبت أن الجيش المصرى مؤسسة وطنية تدافع عن الوطن ضد عدو خارجى أو داخلي.
ولا شك أن الرئيس السيسى يدرك خطورة التخلى عن مجانية التعليم وتقليص الخدمات الصحية لغالبية الشعب المصرى خصوصا مع الارتفاع الجنونى للأسعار وزيادة نسبة التضخم يوما بعد يوم، ذلك أن تكوينه النفسى أقرب إلى غالبية الشعب المصرى من أبناء الطبقة الوسطى خاصة من شرائحها الوسطى والدنيا وكذا من العمال والأجراء، ومن هنا أوجه الشبه مع جمال عبد الناصر الذى يشترك معه فى عدة ملامح صنعت شخصية كل منهما. ومن ذلك أن الاثنين من أصول ريفية، وأنهما عاشا فترة من حياتهما فى حى الجمالية، ذلك الحى الشعبى الذى استمد منه نجيب محفوظ معظم رواياته الخالدة، فضلا عن أن كل منهما بدأ خدمته العسكرية فى سلاح المشاة. وهذا السلاح يختلف عن بقية أسلحة الجيش فى أن أفراده يمشون على الأرض ويواجهون العدو وجها لوجه وليس من خلال وسائط أخرى، ولعل هذه الخصوصية التى يتفق فيها السيسى مع عبد الناصر تجعلهما يختلفان عن سائر رئاسات مصر منذ ثورة يوليو ١٩٥٢؛ حيث إن محمد نجيب كان من سلاح المدفعية الذى يقوم بمهمته فى حماية المدفع، والسادات من سلاح الإشارة الذى يقوم بدوره من خلال أجهزة فى غرفة سرية، ومبارك من سلاح الطيران الذى يقوم بمهمته من ارتفاع شاهق دون اتصال مباشر بالعدو. ويضاف إلى هذه الخصوصية الناصرية-السيساوية أن السيسى يحمل فى جنباته تكوين صوفيا يحمل الزهد عن الدنيا ومشكلاتها، ومن شأن هذه الخصوصية أن تجعله يضع مصلحة غالبية الشعب المصرى نصب عينيه، ويعمل على تجاوز الأجندة الأمريكية-العالمية التى يعمل بعض وزرائه على تنفيذها وخصوصا أولئك الذين يتحدثون عن إزالة العقبات أمام رجال الأعمال (أى أصحاب رأس المال) بدلا من الحديث عن إزالة العقبات أمام الجماهير. وباستعادة دور الرئيس فى السياسة التنفيذية وليس الاكتفاء بتوجيه الوزراء للقيام بكذا وكذا، نؤجل انفجار قنبلة الفقر فى مصر، وأخيرا: (إن لله عبادا اختصهم بقضاء حوائج الناس حببهم إلى الخير وحبب الخير إليهم هم الآمنون من عذاب يوم القيامة).