تقرير: مروة سنبل
المتابع الجيد لتاريخ جماعة الإخوان المسلمين - المصنفة إرهابية- يدرك جيدا أنها بقدر ما تتقن لعب دور «المجنى عليه»، تتقن أيضا مهارة نشر الشائعات، وقلب الحقائق، بالوثائق المزورة والفيديوهات «المفبركة»، تلك المهارة التى تستخدمها، لتشويه النظام وإحداث انقسام داخل المجتمع وإيصال الشارع المصري إلي حالة من التشكيك في كل شيء وتضخيم الأحداث إلي حد المبالغة والتهويل، من خلال استغلال الوسائل المتاحة كافة والتي من بينها المواقع التابعة للجماعة، فضلا عن المواقع الإخبارية الداعمة لها ومواقع التواصل الاجتماعي «السوشيال ميديا».
وتتشابه المواقع الإخوانية التي يقوم عليها أعضاء من جماعة الإخوان في تشبيه النظام بالانقلاب، ومتابعة أخبار المعتقلين والسجناء وأسرهم والتركيز على مواصلة الهجوم على النظام الحالي واتهامه باتخاذه قرارات ضد الشعب، كما نجد مصطلحات مكررة، وأخبار معادة، ومقالات يتم نقلها بالتبادل، إضافة إلى النشر المتزامن لبيانات قيادات الجماعة، وهو ما نجده على الموقع الرسمي لحزب الحرية والعدالة وصفحاته على « فيس بوك» و « توتير»، والذي رغم صدور قرار من محكمة القضاء الإداري بحل الحزب في عام ٢٠١٤ إلا أن موقعه مازال يعمل!!، ويركز الموقع في الهجوم على المؤسسة العسكرية والتي وصلت لحد التشكيك في وطنيتها؛ إذ نشرت تقريرا نسبته لمصادر سيناوية مجهلة، بأن الموساد يعبث في سيناء ويجند مصريين بعلم الجيش، إلى جانب الإساءة للمؤسسة القضائية وصل لحد السب والقذف.
وهناك أيضا موقع «إخوان أون لاين « الذي عاد للعمل مرة أخرى بعد مرور قرابة العام على إيقافه، عقب الخلافات التي ضربت التنظيم بين جبهة محمود عزت القائم بأعمال المرشد وجبهة الشباب بقيادة «كمال- منتصر».
ويعمل الموقع بكامل قوته، ويبث من خلاله بيانات وفيديوهات ومقالات لقيادات التنظيم، ويركز في رسالته على الهجوم على الدولة المصرية وتضخيم الأحداث وترويج الشائعات فيما يتعلق بالدعم والمعاشات، بالإضافة للتواصل مع قواعد التنظيم من خلال رسائل قياداتهم وتصريحاتهم.
أما موقع «كلمتي» الإخباري، الذي له نشاط مكثف على صفحات «الفيس بوك «؛ تم وضعه على رأس المواقع والقنوات الفضائية المحرضة على العنف، وبعد أن تم حجب الموقع من الحكومة، أنشأ القائمون عليه رابطا بديلا يسمح للمستخدمين بدخول الموقع والتصفح فيه وقراءة الأخبار التحريضية، ومن خلال تصفح الموقع نجد أن بعض الأخبار المنشورة عليه منشورة أيضا على الموقع الرسمي للجماعة، خاصة فيما يتعلق بمهاجمة الدولة وإثارة الحديث عن إلغاء الدعم وإلغاء معاشات المعاقين وغيرها.
وموقع « كلمتي « بنشاطه الملحوظ على السوشيال ميديا بخلاف موقعه الإلكتروني؛ كان المتصدر لنشر دعوة القيام بما أسماه ثورة الغلابة يوم ١١ نوفمبر الماضي؛ حيث ادعى أن هذه الثورة بدأت شرارتها بالفعل بقري ومدن مصر، بسبب غلاء الأسعار وارتفاع فواتير المياه والكهرباء، ويضم موقع كلمتى عددا من كتاب الإخوان المحرضين منهم وائل قنديل، جمال حشمت، محمد القدوسى، آيات العرابى، عصام تليمة وغيرهم.
ومن المواقع التي تبدو في سياقها العام مواقع إخبارية تتضمن العديد من التقارير الخارجية والمحلية نجد موقعي «المصريون» و»مصر العربية»، وعلى الرغم من أنه لا يوجد ما يشير صراحة إلى وجود علاقة تربط هذين الموقعين بالإخوان ؛ لكن يصنفهم البعض من المواقع الداعمة للإخوان.
ونجد أيضا شبكة رصد، وشبكة يقين الإخبارية، موقع حرية بوست، موقع جريدة الشعب، وموقع العربي الجديد بمقره في لندن، والذي يتنوع بين السياسة والرأي والترفيه وأخبار الرياضة والمنوعات مع تحديث الأخبار على مدار الساعة، لكنه يواصل هجومه على الدولة المصرية.
أيضا هناك موقع عربي ٢١ وهي صحيفة إلكترونية إخبارية شاملة، إلى جانب العديد من التقارير توجه فيها الإساءة للمؤسسة العسكرية وتصف النظام الحالي بالانقلاب، كما تقوم بالترويج للعديد من الشائعات وتشويه صورة الدولة المصرية والتي كان من بينها ما نشره الموقع في تقرير مطول عن أن مصر تتحول إلي مركز عالمي لتجارة الأعضاء، وتصريحات لوليد شرابي نائب ما يسمي بالمجلس الثوري بأن مصر بحاجة لثورة وقصاص وليس مصالحة مع العسكر، بحسب ما تم نشره .
بجانب كل هذا هناك مقالات رأي يتم نقلها بالتبادل بين جميع هذه المواقع لآيات عرابي، وعصام تليمة، ومحمد محسوب، ووائل قنديل، وجمال نصار، وعبد الرحمن يوسف القرضاوي، وأحمد منصور مذيع الجزيرة، إضافة إلى اهتمام مواقع الجماعة بنشر البيانات والتصريحات الرسمية سواء الصادرة عن قيادات الجماعة أو الصادرة عن المتحدث الرسمي للتنظيم، أيضا مقالات رموز الجماعة، لنجد نفس المقالات والبيانات منشورة في كل مواقع الإخوان بنفس الصياغة دون تدخل، بداية من موقع «أمل الأمة « ومواقع الإخوان بالمحافظات مثل إخوان البحيرة، إخوان الإسكندرية، والمنصورة، وإخوان كرداسة، ونافذة مصر، وغيرها، فالمتابع لهذه المواقع جميعها يلاحظ أنها تهتم بنشر الأخبار المناهضة لنظام الحكم، وتعتمد على مصطلحات مكررة في جميع المواقع مثل اختفاء قسري، تعذيب، معتقل، مسيرات حاشدة ومليونيات، وثوار، وتخصص أبوابا ثابتة تحت مسمى أخبار الثورة أو يوميات الثورة ويتم فيها نشر فيديوهات وصور لمسيرات ومظاهرات قديمة ونشرها على المواقع والقنوات التابعة لهم على أنها تحدث اليوم، لإشعال الموقف وحث المواطنين على النزول والمشاركة في التظاهرات مع وصفها بالمسيرات الحاشدة!!
الكتائب الإلكترونية
فى مقابل كل هذا يقوم قطاع التوثيق والمعلومات بوزارة الداخلية ومباحث الإنترنت، بملاحقة الصفحات التي دأبت على التحريض على العنف، وقد تمكن بالفعل من إغلاق ٣٣٤٣ صفحة إخوانية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، وضبط ٢٥٤ متهما وراء التحريض على العنف وإثارة القلق خلال عامين، غير أن المراقب للمشهد يرى تزايد حالات الاستغلال السياسي لوسائل التواصل الاجتماعي، ولعل الإخوان تعد الأكثر وجودا في هذا العالم الافتراضي، وتواصل من خلال العديد من الصفحات الوهمية على «فيس بوك» نشر أخبار كاذبة ومحاولة استحضار حالة الغضب الشعبي خاصة بين صفوف الشباب كما كان قبل ثورة يناير.
وبحسب ما تؤكده المصادر لـ « المصور»، فمنذ التسعينيات كانت هناك رؤية من الإخوان لاستخدام الميديا واستغلال الصحف، لذلك كان الإخوان يسعون لشراء بعض الصحف واستخدامها للتأثير على الرأي العام وأيضا استخدامها كوسيلة من وسائلهم لنشر الشائعات وإثارة الرأي العام عبر أخبار ملفقة، فقاموا بشراء جريدة النور التابعة لحزب الأحرار، ثم اشتروا صحيفة الأسرة العربية التي كانت تابعة لحزب العمل وسيطروا على صحيفة الشعب، واستطاعوا من خلالها توجيه الرأي العام في كثير من القضايا ولفقوا فيها كما كبيرا من الشائعات واتهموا بعض قيادات الدولة في ذلك الوقت بالفساد والشذوذ، فقيادات جماعة الإخوان هي التي أطلقت شائعة أن الدكتور يوسف والي وزير الزراعة الأسبق مصاب بالشذوذ الجنسي وغيرها من الاتهامات لعدد من رموز الدولة، إلي أن أثاروا ضجة كبرى عام ٢٠٠١ حول رواية «وليمة لأعشاب البحر « لكاتب سوري وكتبوا ما يحمل سبا وتكفيرا للوطن كله عبر أحد كتابهم، وتم إغلاق صحيفة الحزب بعدها، ثم قاموا بشراء مساحات في الصحف لتنشر فيها مقالاتهم التي كانوا أيضا يروجون من خلالها كما من الأفكار تصب في مصلحتهم وتتضمن كما كبيرا من الشائعات المغرضة، وصولا إلي استخدام بريد القراء في الصحف المصرية كالأهرام والأخبار.
وكانت هناك تعليمات في بعض الفترات من خيرت الشاطر ومحمود عزت وقيادات الإخوان بأن على كل أخ أن يرسل مرة في الأسبوع على الأقل خطابا لبريد القراء يحمل قضية معينة يطرحها عليه الإخوان مسبقا بهدف إثارة قضية بعينها وبالتالي تم استغلال بريد القراء بشكل واضح لترويج بعض شائعات من الإخوان، ليبدأ التركيز بعد ذلك على استخدام «السوشيال ميديا» فضلا عن مواقع أخري ومنتديات، إلا أن «الفيس بوك» اختطف الجميع وصدرت أوامر من قيادات الإخوان بأن يتم إنشاء صفحات بأسماء وهمية على الفيس بوك، بعض هذه الصفحات أو معظمها يبدو في صورة ليبرالية أو ناصرية أو شيوعية، لتبدو في ظاهرها أنها تخاصم الإخوان؛ لكنها تتضمن كما من الأخبار المعادية للدولة والمعادية للنظام، واستغلت هذه المواقع في إثارة الجماهير وتهيئة رأي عام ضد النظام.
وبحسب ما تؤكده المصادر؛ كان الإشراف على المحتوى والرسائل التي تبثها هذه الصفحات لمحمود عزت ويعاونه في ذلك محمود غزلان، وخلال فترة حكم الإخوان كانت المقار الرسمية للتنظيم مجهزة لعمل اللجان الإلكترونية التي كانت مهنة رائجة لشباب الإخوان حيث كان يتقاضي كل منهم راتبا شهريا، بينما بعد توجيه الضربات الأمنية ونقص التمويل أدى ذلك لقلة أعدادها لكن هذه اللجان مازالت تعمل فبعضها يعمل من قطر، وبعضها من تركيا، لكن جزءا منها مازال يعمل في مصر.
من جانبه صنف هشام النجار، الباحث في الحركات الإسلامية، مسارات عمل هذه المواقع بقوله: مواقع الإخوان سواء “جروبات” تواصل اجتماعي وصفحات شخصية أو مواقع الكترونية بالداخل أو تدار من الخارج أو ما يسمى بالكتائب الالكترونية، وكذلك المواقع التي تديرها شخصيات موالية لها عملت على مسارين؛ الأول: محاولة الطعن في شرعية المسار الحالي بمختلف الوسائل الممكنة من تشويه وتزييف للحقائق والتاريخ وتضليل أتباعهم والرأي العام في الداخل والخارج بشأن خلفيات الأحداث وتحريف التحليل الموضوعي المنصف إلى تحليلات مضللة وإيراد معلومات كاذبة سواء ما يتعلق بتاريخ مصر الحديث منذ ثورة يوليه ٥٢ إلى اليوم أو بالأوضاع الحالية التي تشير القراءة التصحيحية والموضوعية لها أن الدولة المصرية سارت على نفس نهجها الوطني منذ الخمسينيات إلى اليوم بالتصدي لاختراقات المجتمع والدولة المصرية من خلال توظيف كيانات وجماعات أيديولوجية داخلية على رأسها جماعة الإخوان لخدمة مصالح قوى دولية وإقليمية، أما روايات الإخوان في منافذهم الإعلامية فتسعى لتشويه الدولة والرموز والجيش لتبرئة الجماعة من جريمة الخيانة والعمالة التي لم تنفك عنها منذ نشأتها إلى اليوم بهدف ضرب الوحدة العربية ومشروع القومية العربية تارة، أو بهدف تفكيك وتمزيق نسيج المجتمع المصري تارة أخرى.
والمسار الثاني – حسبما قول النجار- هو ما يطلق عليه “تخدير عقول” أتباع الإخوان بالأوهام وجعلهم على الدوام متعلقين بخيالات لا صلة لها بالواقع، وظل بطل هذا المسار على الإطلاق المدعو محمد الجوادى، الذي يعد نموذجا منقطع النظير في تأليف الشطحات التي تبدو للعاقل جنونية؛ لكن رغم ذلك يصدقها الإخوان ويرددونها كأنها حقيقة ثابتة، وكذلك ما يطرحه المدعو صابر مشهور والمدعوة آيات العرابي وغيرهم ممن يروجون لخيالات لا يقدر على تأليفها إلا من اعتاد تعاطي تلك المخدرات الوهمية حتى يظلوا منعزلين عن الواقع الحالي ولتظل هناك مسافة وحاجز بينهم وبين حقيقة فشلهم وسقوطهم الذي تحقق بالفعل؛ لكنهم لا يريدون التسليم به ولا يريدون إعلان الاستسلام بتصديقه، فيتشبثون بتلك الخيالات التي تعتمد على الرؤى والأوهام والأحلام وتضخيم الأحداث وربطها بنظرية المؤامرة والابتعاد تماما عن المنطق والعقلانية والتحليل الموضوعي المتوازن.
روح الشماتة
وحذر الباحث في الحركات الإسلامية هشام النجار، من بعض المواقع التي تنشر العديد من الأخبار فيها تهويل وتضخيم، ضاربا المثل بموقع كلمتى وحرية بوست وموقع جريدة الشعب ، مضيفا بأنه هناك أيضا مواقع محلية بالمحافظات وهى كثيرة وتعيد بث ونشر تلك المقالات والشائعات مثل: إخوان البحيرة أو إخوان بورسعيد أو نافذة مصر.
ورأى أن خطورتها أكبر؛ لأنها من خلال تقديم خدمة إخبارية وصحفية لجمهور تلك المحافظات تدس تلك الروايات والسموم لفئة شعبية قد تكون غير واعية تماما بحقائق الأمور. مطالبا برقابة حاسمة؛ لأن هذه الجماعة هي في حكم الواقع إرهابية تمارس عملا إرهابيا سريا خادما لمخططات خارجية بغض النظر عن التوصيف القانوني بما يحتم وقفة حاسمة ورادعة ضد كل من يبث مواد إعلامية تدعم مسارها وأهدافها المغرضة التدميرية، كما يجب تكثيف العمل الإعلامي الوطني العميق في مسار إيقاظ الوعي الوطني ونشر حقائق التاريخ والتحليلات الواقعية الموضوعية للأحداث لتناول ومعالجة ما يخص مواقف الإخوان وأساليبهم ومناهجه وممارساتهم وكشفها وفضحها .. وهذا الاقتراح ينبغي النظر فيه والعمل على تطبيقه بأسرع وقت.
فى ذات السياق قال سامح عيد، الباحث في الحركات الجماعات الإسلامية: الفضائيات والمواقع الإخبارية التابعة للإخوان تعتمد على الخطاب الأحادي الموجه، ويعتبره «عيد» خطابا مؤدلجا لتحقيق مصالحها، ومشيرا إلي أن صفحات الإخوان عبر مواقع الإنترنت أصبحت وسيلة لنشر الكذب والشائعات والتهويل من الأحداث.
وأكد «عيد» أن الحرب النفسية من أكثر أنواع التهديدات التي يمكن أن تهدد السلم الاجتماعي لأي دولة ولذلك يعدها البعض بأنها أخطر من الحرب العسكرية، لكونها تؤثر على عقول الناس ومعنوياتهم، كما يمكن أن تشل اقتصاد الدولة، وتعمل على خلق البلبلة، وتساهم في إضعاف الثقة بين الحاكم والمحكومين.
وعن الهدف من وراء ذلك قال خالد الزعفرانى، المتخصص في الحركات الإسلامية: الهدف الأول هو رفع الروح المعنوية عند الإخوان، ثانيا الجماعة تمارس حرباً نفسية وإرهابا من أجل إثارة البلبلة في المجتمع وتشتيت الأجهزة الأمنية عن طريق إطلاق الشائعات، فهم يركزون دائما على فكرة الصراع داخل أجهزة الدولة المصرية على سبيل المثال بين الرئيس وبين الجيش والشرطة وهكذا، أيضا هناك محاولات لهم للوقيعة بين مصر ودول الخليج خاصة السعودية والإمارات ونشر الشائعات عن توتر العلاقات في محاولة لفرض حصار داخلي وخارجي حول الدولة، فضلا عن المبالغة في أعداد القتلى والمسجونين وتصوير الوضع الاقتصادي والسياسي.
وحول كيفية وقف الشائعة في ظل فيضان السوشيال الميديا أكد «الزعفراني» أنه لابد من قانون لتداول المعلومات وتفعيل دور الهيئات والجهات المختصة بإصدار البيانات والمعلومات الموثقة، مشيرا إلى أن مواجهة الناس بالحقائق أفضل من تأجيلها أو إخفائها لأن من نتائجها إثارة الشائعة، وعلى الجهات الرسمية توضيح المعلومات بمصداقية وبكل شفافية وسرعة تداول المعلومات لمواجهة الشائعات.