يحيي العالم بعد غد اليوم الدولي للعمل الخيري ، الذي يلعب دورا فاعلا في تحسين الثقافة والعلوم والرياضة وحماية الموروثات الثقافية، فضلا عن تعزيز حقوق المهمشين والمحرومين ونشر الرسالة الإنسانية في حالات الصراع.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت رسمياً القرار 105/67 في عام 2012 ، اختيار 5 سبتمبر من كل عام للاحتفال باليوم العالمي للعمل الخيري. ويرجع أصل اليوم إلى مبادرة مجرية للمجتمع المدني بدعم من الحكومة والبرلمان المجري في عام 2011. وتم اختيار يوم 5 سبتمبر تحديداً احياء لذكرى وفاة "الأم تريزا"، والتي حصلت على جائزة نوبل للسلام في عام 1979 تكريما للعمل الخيري الذي اضطلعت به من أجل التغلب على الفقر، والذي يشكل تهديدا للسلام العالمي.
وكشف تقرير صادر عن الأمم المتحدة لعام 2018، - "حول مراجعة التقدم المحرز في تحقيق أهـداف التنمية المستدامة الـ 17 في إطار أجندة التنمية المستدامة التي اتفق قادة العالم منذ ثلاث سنوات على الوفاء بها بحلول عام 2030"-، أن مزيداً من الناس يعيشون في ظروف أفضل مما كانوا عليه قبل 10 سنوات، ولكن بالنسبة للكثيرين ما زال التقدم بعيد المنال بما يتطلب بذل مزيد من الجهود للتغلب على التحديات الهائلة التي تواجهها دول العالم.
وقالت "فرانشيسكا بيروتشي" مساعدة مدير قسم الإحصاء بإدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية ، إن التقرير يظهر أن الناس يعيشون حياة أفضل مقارنة بعشر سنوات مضت، حتى في المناطق التي تواجه أكبر تحديات التنمية.
ومنذ عام 2000 في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، انخفض معدل وفيات الأمهات بسبب الحمل والولادة بنسبة 35%، ومعدل وفاة الأطفال تحت سن الخامسة بنسبة 50%. وفي جنوبي آسيا، انخفض احتمال زواج الفتاة في طفولتها بنسبة 40%. وفي الدول الأقل نموا، ارتفعت نسبة السكان الذين يمكنهم الحصول على الكهرباء إلى أكثر من ضعفيها بين عامي 2000 و 2016، فقد زادت نسبة السكان الذين تتوفر لهم الكهرباء بأكثر من الضعف، وأن العدد المطلق للأشخاص الذين يعيشون بدون كهرباء قد تقلص ليقل عن المليار، على الرغم من أن سكان المناطق الريفية ما زالوا يعانون من أوضاع سيئة.
وذكر "تقرير أهداف التنمية المستدامة لعام 2018 "، أن النزاعات وتغير المناخ يعتبران أهم عاملين من العوامل التي تتسبب في تزايد أعداد الناس الذين يواجهون الجوع والتشريد القسري، وهما، فضلاً عن ذلك، يعرقلان سبيل التقدم نحو تحقيق حصول جميع الناس في العالم على الخدمات الأساسية في مجالي المياه والصرف الصحي.
ووفقا للتقرير فإن النزاعات تشكل الآن أحد المحركات الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي في 18 بلداً، وقد شهد العالم في عام 2017 موسم أعاصير منطقة شمال المحيط الأطلسي الأعلى تكلفة منذ أن بدأ تسجل هذه الأعاصير، مما أدى إلى رفع الخسائر الاقتصادية العالمية الناجمة عن الكوارث إلى أكثر من 300 بليون دولار ، كما يهدد تدهور الأراضي سبل عيش أكثر من مليار من الناس.
وأضاف أن عدد المصابين بنقص التغذية قد زاد، للمرة الأولى منذ 10 سنوات، ليصل إلى 850 مليون شخص عام 2016 بعد أن كان 777 مليونا عام 2015 . ويستنشق 9 أشخاص من كل 10 أشخاص يعيشون في المدن هواء ملوثاً ، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى الصراعات والجفاف والكوارث المرتبطة بتغير المناخ.
ويستند التقرير إلى أحدث المعلومات المتوفرة من أنحاء العالم، ويسلط الضوء على المكاسب والتحديات فيما يتحرك المجتمع الدولي لتطبيق الأهداف الطموحة للقضاء على الفقر المدقع والجوع وتعزيز المساواة بين الجنسين والتعليم والصحة وغيرها من المجالات المهمة لحياة البشر.
وفي الوقت نفسه، أفاد التقرير أن عدداً أكبر من الناس باتوا يعيشون حياة أفضل مما كانوا عليه منذ عقد من الزمن. فقد شهدت نسبة عمال العالم الذين يعيشون مع أسرهم على أقل من 1.90 دولار للفرد في اليوم الواحد انخفاضاً كبيراً خلال العقدين الماضين، إذ هبطت هذه النسبة من 26.9 % في عام 2000 إلى 9.2 % في عام 2017 . ومع ذلك، في عام 2015 ، كان 2.3 بليون من الناس لا يزالون يفتقرون حتى إلى المستوى الأساسي من خدمات الصرف الصحي، واستمر 892 مليون شخص في ممارسة التغوط في العراء. وفي عام 2016 ، كان هناك 216 مليون إصابة بالملاريا بالمقارنة بعدد هذه الإصابات في عام 2013 الذي بلغ 210 ملايين إصابة. وفي عام 2016 أيضاً، كان هناك ما يقارب 4 بلايين من الناس تركوا دون أية حماية اجتماعية.
ويلقي تقرير أهداف التنمية المستدامة نظرة عامة على التقدم المحرز نحو تحقيق الأهداف التي اعتمدتها البلدان بالإجماع عام 2015.
وأشار "ليو جينمين" وكيل الأمين العام للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، إلى أن الانتقال نحو مجتمعات أكثر استدامة وقدرة على الصمود يتطلب أيضاً الأخذ بنهج متكامل يسلّم بأن هذه التحديات بل وحلولها مترابطة فيما بينها، ومع تحرك المجتمع الدولي قدماً نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتصدي للتحديات القائمة، هناك حاجة بالغة إلى بيانات موثوقة مصنفة تصنيفاً تفصيلياً وتأتي في الوقت المناسب ويمكن الوصول إليها. ويتطلب ذلك التكنولوجيا والابتكار وزيادة الموارد ومضاعفة الالتزام السياسي ببناء نظم للبيانات والاحصاءات في جميع البلدان.
في السياق ذاته، كشف تقرير صادر عن منظمة "الفاو" وبرنامج الأغذية العالمي والاتحاد الأوروبي " حول الأزمات الغذائية لعام 2018" أن الجوع يهدد حياة أكثر من 120 مليون شخص خاصة في دول النزاعات ، وأن 124 مليون شخص تقريبا في 51 دولة عانوا من انعدام الأمن الغذائي الحاد، أي الجوع الشديد، خلال العام الماضي بزيادة قدرها 11 مليونا عن عام 2016.
ويعزي التقرير العالمي هذه الزيادة، إلى حد كبير، إلى النزاعات الجديدة أو تلك التي تصاعدت، مثل انعدام الأمن في ميانمار وشمال شرق نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان واليمن، فضلا عن ظروف الجفاف طويلة الأمد التي أدت إلى موسم حصاد سيء في دول تواجه بالفعل مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في شرق أفريقيا وجنوبها.
ورجح التقرير أن النزاع سيبقى الدافع الرئيسي لأزمات الغذاء في 2018، ليؤثر على أفغانستان وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية وشمال شرق نيجيريا ومنطقة بحيرة تشاد وجنوب السودان وسوريا واليمن وليبيا ووسط الساحل الأفريقي مالي والنيجر.
وقال "دومينيك بورجون" مدير قسم الطوارئ بالفاو، إنه من بين 124 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، يعيش 74 مليونا منهم في 18 بلدا أثرت عليها النزاعات بشكل مدمر. ويمثل هذا العدد حوالي 60 % من العدد الإجمالي لمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي. وبالإضافة إلى الصراعات، كان للكوارث الطبيعية والظواهر المناخية المتطرفة مثل حالات الجفاف، على سبيل المثال تأثير كبير أيضا على حياة الناس وسبل عيشهم وأمنهم الغذائي.
وأضاف بورجون :"نحتاج إلى العمل على معالجة الأسباب الجذرية. ونحن بحاجة إلى العمل مع الجهات الفاعلة في مجال التنمية، للتأكد من بذل الاستثمارات المطلوبة لبناء قدرة الناس على الصمود والتأقلم. وما لم نفعل ذلك، سنشهد استمرار زيادة عدد الأشخاص الذين يعانون من الأزمات ومن يدخلون في مراحل الأمن الغذائي الطارئة".