عندما يجتمع
الحزن والفرح في آن معا، يصبح القلب بين نقيضين، الدموع حبيسة بالعيون لا
تعلم أتبكي بكاء الفرح أم بكاء الفقد والحزن، هذه هي المشاعر التي اختلطت على
«الحاجة سوزان»، والدة الشهيد النقيب إسلام مشهور، الضابط بإدارة العمليات الخاصة
بقطاع الأمن المركزي، الذي نال الشهادة وارتقى إلى جوار ربه في حاث الواحات الإرهابي
هو وعدد من ضباط وجنود وزارة الداخلية.
عادت من الأراضي المقدسة بعد أدت فريضة الحج لها ولابنها الشهيد، مع قرب ذكرى
رحيله، التي تحل في 20 أكتوبر القادم، ولكن العودة كانت بالنسبة لها انهيار، إذ
تذكرت عندما وصلت إلى القاهرة ابنها الشهيد التي أدت حجة عنه هذا العام.
«الهلال اليوم» ذهبت إلى بيت «أم الشهيد»، الحاجة سوزان، لتهنئها على عودتها من الأراضي
المقدسة وتحاورها وتربت على كتفها وتواسيها في الذكرى الأولى لرحيل ابنها..
في منطقة البارون سيتي بالقطامية، ووسط منزل كان يعده الشهيد للزواج، ولكن الأقدار
حالت دون ذلك، وداخل غرفته الخاصة، جلست الأم والدموع تنهمر من عيونها ولا تستطيع
أن تتمالك نفسها، تحتضن ملابسه ومتعلقاته الشخصية، وتحن إلى الماضي الجميل الذي
كان يزينه ابنها بوجوده قائلة: «كان بيحب يقعد لوحده في أغلب الأوقات».
تواصل الحاجة
سوزان بكائها، وتسترجع ذكريات ابنها عقب تخرجه من كلية الشرطة وهي تحتضن رتبه
ونياشينه العسكرية، وتُقبل ساعته المحطمة التي كان يرتديها أثناء استشهاده: «والده
وصاه بالمرابطة في عمله وأنه يعامل الناس كويس ويكون سيفا للحق».
وتضيف والدة
الشهيد، أن ابنها وعده بأداء فريضة الحج هي ووالده، ونفذ وعده لأن أدائي للحج أتى
متزامنا مع قرب ذكرى استشهاده السنوية، مؤكدة أن ذهابها للحج خفف عنها آلامها
وجعلها تشعر بالسعادة، لأنها رأت ابنها في عيون الناس ـ كما تقول ـ، ولمست مدى
احترامهم له حتى بعد استشهاده، لذلك أنا فخورة بولدي، ولو طلب الوطن شهيدا آخر
لقدمت أخاه العقيد أحمد ولن أتراجع لحظة وهو جاهز للشهادة.
وعن تفاصيل رحلتها إلى الأراضي المقدسة، تقول الحاجة سوزان: إن قوات أمن الحرم المكي
ساعدتها وحملتها لتقبيل الكعبة المشرفة لمجرد علمهم بأنها «أم الشهيد»، ووقتها
شعرت أن ابني هو الذي يحملني لتقبيل الكعبة.
تتذكر الأم ابنها وأخذت تحكي وتتحدث بفخر عن طباعه
التي كان يتميز بها، قائلة إن ابنها كان هادئا بطبعه ومحبوبا من الجميع، وكان
ملازما على فعل الخير ومحبا لعمله، ومتفوقا في التعليم، وأصر على دخول كلية الشرطة
ليسير على نهج والده وشقيقه.
وأكدت أنه كان
يتمنى الشهادة منذ اللحظة الأولى واستجاب له المولى ونالها، وبعد وفاته توجهت لقطاع
الأمن المركزي ووجدت أنه كان يعد استراحته ومكتبه ويجمع به ملفات عمله وعمل زملائه
بشكل منظم لأن كان يعتبر العمل بيته الثاني، ثم تصرخ قائلة وهي لا تستطيع أن
تتمالك أعصابها: «حسبي الله ونعم الوكيل في الإرهاب.. طلبتها يا ابني ونلتها».
ووجهت الحاجة
سوزان، رسالة للشباب الذي يقع في براثن الإرهاب ويستخدمهم الإرهابيون لتنفيذ مخططاتهم
قائلة: «عودوا إلى رشدكم وتخلصوا من تلك الأفكار الشيطانية قبل فوات الأوان»، مطالبة
المصريين بدعم ومساندة الرئيس عبد الفتاح السيسي في حربه ضد الإرهاب، حتى تعبر مصر
هذه المرحلة الصعبة، قائلة: «دماء أبنائنا أكبر دليل على أن الثمن سيكون غاليا»، واصفة
الرئيس بالأب الروحي لكل المصريين.
وكان النقيب إسلام
مشهور، الضابط بإدارة العلميات الخاصة بقطاع الأمن المركزي، استشهد في 20 أكتوبر من
العام الماضي، في اشتباكات مع عناصر إرهابية مسلحة بمنطقة الواحات بالجيزة.
الضابط الشهيد،
كان خريج دفعة 2012، والتي لٌقبت بدفعة الشهيد "أحمد سعيد الديهي"، ويعد
رقم 13 من بين خريجي تلك الدفعة، وهو شقيق الضابط أحمد مشهور قائد العمليات الخاصة،
بقطاع الأمن المركزي.
واستشهد في العملية 6 ضباط بينهم اثنان من قطاع الأمن الوطني
وثالث من قطاع العمليات الخاصة، وأُصيب 5 آخرين من بينهم عميد في اشتباكات مع إرهابيين مسلحين
بمنطقة الواحات.