تدفع أوربا حاليا ثمنا باهظا لمواقفها السياسية تجاه النزاعات في الشرق الأوسط و موقفها غير المحدد تجاه قضية المهاجرين التي شغلت بال العالم منذ تفاقم الأزمة السورية، فقد شهدت أوربا في عام ٢٠١٦ عاما دمويا بكل ما تحمله الكلمة و ذاقت جانباً من الإرهاب الذي دعمته بشكل أو بآخر فى الشرق الأوسط. أشارت الإحصائيات إلى أن نسبة الإرهاب في القارة العجوز تخطت الـ ٣٠٪ من مجمل العمليات الإرهابية فى العالم فى عام ٢٠١٦. بينما أشارت آخر الإحصائيات التى نُشرت في يوليو ٢٠١٦ أن عدد الأشخاص الذين قتلوا جراء عمليات إرهابية تخطى الـ ١٧٠ شخصا و مئات القتلى بينما وقع ٢٧٦ قتيلا ضحية الإرهاب عام ٢٠١٥، بذلك يتوقع الخبراء عند نشر الإحصائيات الخاصة بعام ٢٠١٦ سيتخطى و بشكل ملحوظ عدد القتلى جراء العمليات الإرهابية في عام ٢٠١٥ ليصبح عام ٢٠١٦ العام الاكثر دموية فى أوربا على الاطلاق.
تأثرت أوربا اقتصاديا بشكل كبيبر من العمليات الإرهابية ولكن التأثر الملحوظ كان فى القطاع السياحى. فبعد حادث نيس فى فرنسا الذى أسفر عن وقوع أكثر من ٨٠ قتيلًا ومئات الجرحى, تأثرت السياحة الفرنسية بشكل كبير فقد تراجعت السياحة بنسبة ١٦.٦٪. فبعد إن كان متحف اللوفر المتحف الأكثر زيارة في العالم عام ٢٠١٥, انخفض عدد الزوار الأجانب إلى متحف اللوفر بنسبة ٢٠٪ بخسارة مالية تقدر بـ ١٠ ملايين يورو، بحسب ما صرحه مدير المتحف جان لوك مارتينيز. هذا بالإضافة إلى انخفاض عدد السياح في متحف أورسيه بنسبة ١٢٪ وانخفاض نسبة حجز الفنادق بنسبة ١٠٪ مقارنة بعام ٢٠١٥.لكن بالرغم من ذلك تبقى فرنسا الوجهة السياحية رقم واحد بمعدل ٨٠ مليون سائح، ومن أجل الحفاظ على هذا المعدل تنوى الحكومة الفرنسية اتخاذ إجراءات أمنية بميزانية تتخطى الـ ٤٠ مليون يورو.
تسببت الهجمات الإرهابية في بروكسل إلى تراجع السياحة في بلجيكا أيضا، حيث انخفض عدد السياح بـ نسبة١٣ بالمائة، لكن تركيا أخذت الضربة الأقوى من ناحية السياحة فقد شهد عام ٢٠١٦ تراجعا في القطاع السياحى فى تركيا بنسبة وصلت إلى ٣٥٪ بالمائة مقارنة بالعام الماضى نتيجة للهجمات الإرهابية وللموقف المضطرب بين روسيا وأنقرة الذي أدى في نهاية الأمر إلى تجنب السياح الروس السفر إلى تركيا.
المثير أنه بالرغم من تعرض المانيا للعديد من الهجمات الإرهابية في عام ٢٠١٦ آخرها حادث الشاحنة التي دهست حشد من الناس فى سوق عيد الميلاد ببرلين ما أسفر عن مقتل ١٢ شخصًا وإصابة ٥٠ آخرين، وتبنى تنظيم داعش عملية الدهس. لم تتأثر السياحة الألمانية بل ارتفعت بمعدل ١.٥ بالمائة، وكانت الوجهات السياحية الأبرز هايدلبيرغ، ميونخ، الغابة السوداء وأيضا العاصمة الألمانية برلين
بينما استفادت بريطانيا من التصويت لخروجها من الاتحاد الأوربى حيث كان هناك ارتفاع كبير وصل إلى ٨٪ في معدل السياحة البريطانية نظرا لانخفاض قيمة الجنية الإسترليني بشكل حاد في أعقاب خطط انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوربى، هذا بالإضافة إلى عدم حدوث أى هجمات إرهابية فى بريطانيا.
وفي الجانب الأكثر هدوءا في العالم شهدت أيسلندا ارتفاعا ملحوظا في معدل النموفي قطاع السياحة وتشير الإحصائيات إلى ارتفاع نسبة السياحة بنسبة ٣٤٪ بالرغم من ارتفاع الأسعار في أيسلندا إلا أن الآمان وجمال الطبيعة كان العامل الأكثر جذبا للسياح عام ٢٠١٦. بينما يتوقع المحللون اتجاه السياح عام ٢٠١٧ إلى أماكن أكثر آمانا وهدوءا مثل إيطاليا وإسبانيا وبلغاريا التى استقطبت العديد من السياح وكان أبرزهم الألمان والروس الذين حجزوا عطلاتهم على ساحل البحر الأسود نظرا للأسعار المتدنية والمناسبة بالإضافة إلى الوضع الأمنى الذى شجع السياح على قضاء عطلاتهم في بلغاريا الأمر الذى ساهم فى انتعاش قطاع السياحة بنسبة ١٣ بالمائة مقارنة بالعام الماضي.
من المتوقع أن يبقى الوضع كما هوعليه فى فرنسا وبلجيكا ومن المحتمل أن ينضم إلى قائمة الدول التي تأثرت من الإرهاب في القطاع السياحي بشكل كبير بريطانيا و|ألمانيا حيث حذرت وكالة شرطة الاتحاد الأوربى «يوروبول» من أن تنظيم داعش يخطط لشن هجمات جديدة في أوربا في ٢٠١٧. ويعتقد الخبراء أن تكون فرنسا الهدف الأكثر احتمالاً، بالإضافة إلى بلجيكا وهولندا وبريطانيا وألمانيا. ويؤكد المكتب الأوربى للشرطة أن خبراء في مكافحة الإرهاب يشعرون بالقلق أيضا من أن تصبح ليبيا بعد سوريا قاعدة خلفية جديدة لتنظيم داعش يشن انطلاقا منها هجمات داخل الاتحاد الأوربى.