الخميس 23 مايو 2024

بسبب السعى لجذب أقباط من الكنائس الأخرى فتنة الأرثوذكس والإنجيلية!

23-3-2017 | 11:41

 

تقرير: سارة حامد

لا يمر وقت طويل بين الطوائف المسيحية، وتحديدا الكنيستان الأرثوذكسية والإنجيلية، إلا وتتجدد الاتهامات بينهما بمحاولة استقطاب وسرقة كل منهما لأعضاء الطائفة الأخرى، أو التشكيك العقائدى فى تفاسير الكتاب المقدس.

وأحدث الأزمات بينهما كانت بسبب بث فيديو قصير للقمص أنسيمس رزق كاهن كنيسة مار جرجس بميت غمر بمحافظة الدقهلية، وظهر يهاجم فيه وبضراوة الطائفة الإنجيلية وعقيدتها، محذراً رعايا الكنيسة القبطية من الصلاة فى الكنائس البروتستانتية لأى سبب، وأطلق حرماته في قداس الأحد لتكفير من يخالف أوامره، قائلا:»لا حل ولا سماح ولا بركة لأي أحد يروح عند البروتستانت..مسيحنا غير مسيحهم».

تلك الأزمة دفعت مطرانية ميت غمر للأقباط الأرثوذكس لإصدار بيان دفاع عن تصريحات الكاهن، ذكرت فيه «توجد كنيسة إنجيلية فى مدينة ميت غمر ترعى عددا من العائلات لا يتجاوز أصابع اليد، أقامت حفلة تستهدف أولاد مدارس إحدى الكنائس القبطية الأرثوذكسية، وتم توزيع صندوق ألعاب لكل طفل يصل ثمنه لـ٣٠٠ جنيه، مع الوعد بإحضار أجهزة كهربائية، والإعلان عن رحلة إلى مدينة شرم الشيخ بـ ٢٥ جنيها، وعندما توجه أحد خدام الكنيسة الأرثوذكسية لاستبيان الأمر، قوبل بالإهانة والتجريح له والآباء الكهنة والآباء الأساقفة».

وأضافت مطرانية ميت غمر الأرثوذكسية: أنه قد سبق لمجلس كنائس الشرق الأوسط على منع «الاستلال» أى محاولة جذب أعضاء كنيسة إلى كنيسة أخرى، لذا صدر بالفيديو أب كاهن يصرخ مكلوماً أثناء توزيع البركة بعد التناول – طقس مسيحي- بعدما عرف أن عددا من أولاد الكنيسة الصغار تم انتزاعهم من حضن الكنيسة بوسائل رخيصة بعيدة كل البعد عن المنهج المسيحى فى الخدمة والرعاية، وما صدر من الأب كاهن الاعتراف، هو ألم وحرقة القلب، وهو الأمر الذى لا يمكن أن تخطئه عين مُتعقل.

من ناحيته، قال القس رفعت فكرى، رئيس لجنة الحوار والعلاقات المسكونية بمجمع القاهرة الإنجيلى، إن المسيحيين يتدبرون أمورهم جيدا قبل القيام بها، وليسوا أشياء ليتم استقطابهم وجذبهم وسرقتهم من الكنائس الأخرى، ولا توجد إغراءات مادية لدى الكنيسة الإنجيلية كما تدعى الكنيسة الأرثوذكسية سواء برحلات أو لعب أطفال، بينما توجد اجتماعات دائمة للفقراء نساعدهم من خلالها، فضلا عن حرية رأى وفكر وعقيدة وهو ما تسلكه الكنيسة الإنجيلية منذ نشأتها ولم تستوعبه بعد الكنيسة الأرثوذكسية حتى الوقت الحالى.

مضيفا: أؤيد التبشير فى كل الكنائس والمعتقدات، وليس عيباً أن تبشر الكنيسة الإنجيلية بمعتقدها فتجذب إليها أعضاء من الكنائس الأخرى وهو نوع من تنمية الكنيسة وانتشارها.. أما تلويح الكنيسة الأرثوذكسية بتقديم شكاوى إلى مجلس الكنائس العالمى هو أمر «عفا عليه الزمن» ودليل إدانة ضد الكنيسة الأرثوذكسية، يُثبت أنها غير قادرة على احتواء رعاياها.

وتابع بقوله: لذا أجدر بها أن تهتم بأعضائها وتنمى وتطور من أفكارها وأساليبها وتحل مشكلات رعاياها؛ لأن البقاء للأصلح والأكثر تأثيرا بين المسيحيين وليست الغلبة للزيادة العددية، فضلاً عن أن لا أحد من الكنائس يعلم الأرقام الحقيقية لمسيحيى كل طائفة، فجميعها أرقام تقريبية مغلوطة لانتماء جزء من أعضاء الطائفة الأرثوذكسية فى طوائف أخرى والعكس، لذا الأرقام الحقيقية تمتلكها التعبئة والإحصاء فقط.

وقال «فكرى» تدخل مجلس كنائس مصر لن يؤتى بثماره، لأنه مجلس نخبوى ولا يوجد له تأثير فى الشارع المسيحى، ومازال ذا طابع شكلى ليس مؤثرا، لذا لا تعوَل الكنائس عليه، مضيفا: آفة العصر التعصب الدينى سواء بين المسيحيين أو المسلمين ونحتاج إلى علاج سريع وفعال، فالبعض يعتقد أنه يمتلك الحقيقة الكاملة والمطلقة، لذا علينا تنمية وتجديد معتقداتنا واستخدام أساليب الترغيب وليس الترهيب.

ووجه «فكرى» رسالة إلى الإنجيليين تدعوهم إلى الاستمرار فى وجهتهم دون الاكتراث للمحاربين والمقاومين؛ لأن التعددية سنة الحياة ولابد من قبول الآخر، وإن كان فظا غليظ القلب.

أما الدكتور إكرام لمعي، أستاذ مقارنة الأديان بكليات اللاهوت بمصر يقول: إن الغيرة بين الكنيستين الأرثوذكسية والإنجيلية هي السبب الرئيسي وراء تكرار تلك الأزمات، والاحتكاك لن ينتهي مادام هناك اندفاع وعدم نضوج في تصريحات بعض قيادات الكنيسة، وهنا لابد أن يظهر دور مجلس كنائس مصر الذي لم يقُم بدوره المنوط به، أما عما تردد بتقديم الكنيسة الأرثوذكسية شكوى في مجلس الكنائس العالمي فهو أمر يوصف بـ»الهراء»؛ لأن المجلس العالمي ليس له سلطان على الكنائس المحلية لكونها مستقلة السيادة.

ويتابع: التعصب سمة المجتمعات النامية ولن ينتهي ما بين الكنائس وبعضها، وأيضا ما بين الأديان وبعضها إلا إذا انشغل المواطن المصري بـ»لقمة العيش»، فضلا عن أن أسبابا عديدة تدفع المسيحيين للدخول في الكنيسة الإنجيلية، أهمها بساطة عقيدتها وعبادتها على عكس الطائفة الأرثوذكسية التي تعاني بعض التعقيدات العقائدية.

ويؤكد لمعي، أن ما يحدث الآن بين الكنائس ليس بدعة، فعلى مر العقود تقع حوادث شبيهة بتلك الوقائع؛ لكن المستغرب في الأمر أن الفكر لابد أن ينمو، ولا نظل نفكر بنفس أسلوب السالفين، خاصة أن العالم بات مفتوحا والشباب يختار العقائد الأقرب إلى فكره، واقتناعاته لذا حرية الفكر لابد أن تكن مكفولة لهم فمن أراد منهم الانتقال ما بين الطوائف المسيحية الدخول عليه أن يحقق رغباته.

ووجه لمعي رسالة إلى الكنيستين طالبهما خلالها بإنهاء حالة الترصد بينهما، قائلا:» الكنيستان أقلية وسط الأكثرية المسلمة، ولابد أن يراجعا العلاقات بينهما، وأيضا علاقاتهما بالمسلمين والمجتمع ككل؛ لأن المسيحيين يحتاجون إلى سلام فيما بينهم، ومع المحيطين بهم».