كتب: خليل زيدان
تمر اليوم الذكرى الستون على وفاة رائد الكوميديا ومبدعها في المسرح والسينما الفنان على الكسار الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 15 يناير 1957 .. ولا شك أن هذا الفنان يعد من رواد الكوميديا في مصر والوطن العربي قبل بزوغ فجر السينما وإحقاقاً للحق هو من أدخل البسمة في قلوب المصريين هو والفنان المبدع نجيب الريحاني الذى غار كثيراً من سطوع نجم الكسار وكانت بينهما منافسات فنية شديدة كان الفائز الوحيد فيها آنذاك هو جمهور المشاهدين الذين يقبلون على مسرحي الكسار والريحاني.
واشتهر علي الكسار بدور البربرى صاحب اللكنة النوبية التي استخدمها في معظم أدواره في المسرح والسينما وحصر بها نفسه في العديد من أدوار الخادم الظريف رغم أنه لم يكن نوبياً وكان يضع بعض الصبغة على وجهه فقط من أجل تلك الأدوار ، وساعده في إتقانها عمله طباخا وهو شاب وقد اختلط بكثير من النوبيين وأتقن لهجتهم.
بدأ الكسار العمل في فرقة دار التمثيل الزينبي عام 1908 وذاع صيته إلى أن وصل للسيدة مارسيل صاحبة كازينو دي باري بشارع عماد الدين التي استدعته للعمل معها ، وبدأ على الفور بابتكار شخصية مرحة جديدة وهي عثمان عبد الباسط البربرى والتي أطقلها في عدة روايات منها البربري في باريس والبربرى الفيلسوف وبرع فيها الكسار وكانت تلك الشخصية ابتكاراً منه أمام منافسه نجيب الريحاني مبتكر شخصية كشكش بك .. وهز الكسار عرش الريحاني حين زحف الكثير من الجمهور ليرى بربري مصر مما جعل الريحاني يعيد حساباته ويبدأ في تجهيز عدة مسرحيات تنافس ما يقدمه الكسار صاحب النجم الساطع .. الذي اشتد سطوعه عندما كون فرقة الماجستيك وانضم إليه أمين صدقي مؤلف روايات الريحاني وبدأ المؤلف في ترجمة وتمصير بعض الأعمال المسرحية العالمية للكسار ليقدمها على مسرحه . واستعان الكسار بالشاب الملحن سيد درويش ليضع الموسيقى والألحان لأغاني واستعراضات مسرحياته ووضع له مبدع الطرب سيد درويش ألحان 11مسرحية من مجمل 13 لحنا مسرحيا.
ومع ظهور السينما اتجه الكسار للعمل في هذا العالم الجديد وكانت أول بطولة له فيلم (بواب العمارة) وقد عرض الفيلم 1 يوليو 1935 وتوالت البطولة في تسعة أفلام وهي 1000 جنيه عام 1936 وفي نفس العام أيضاً فيلم خفير الدرك ثم فيلم الساعة سبعة عام 1937 وفي العام التالي قام ببطولة فيلمين وهما التلغراف ويوم المنى ثم فيلم سلفني 3 جنيه عام 1939 وهو من أشهر أفلامه مع فيلم ألف ليلة وليلة عام 1941 وعلى بابا والأربعين حرامي عام 1942 وفي نفس العام فيلم محطة الأنس ليصل إلى عام 1944 حيث آخر بطولة له في فيلم نور الدين والبحارة الثلاثة ، ليأفل بعد ذلك نجم الكسار كما حدث مع كثير من رواد الفن ، حيث بدأ نجماً وأنهى حياته الفنية بأدوار ثانوية في 26 فيلماً وهي رصاصة في القلب ولست ملاكاً مع عبد الوهاب ويوم في العالي وأحكام العرب و الصيت ولا الغنى وصاحبة العمارة وبنت حظ وورد شاه ثم نرجس وأسير العيون والمرأة شيطان ومبروك عليكي وعلى أد لحافك ودوره الجميل في أمير الإنتقام ثم مغامرات خضرة وأخلاق للبيع وآخر كدبة وقسمة ونصيب وآه من الرجالة وجزيرة الأحلام وخضرة والسندباد القبلي وألأم القاتلة وغلطة أب وقدم الخير وقلبي على ولدي وكان آخر عمل له في رحلته الفنية فيلم أنا وأمي.
ونصل إلى الساعات الأخيرة في حياة الفنان المبدع على الكسار وهي ساعات لم تخلُ من من الفكاهة والكوميديا، فعندما ألمت به وعكة دخل على أثرها مستشفى قصر العيني لإجراء عملية البروستاتا واصطحب ابنه ماجد معه وأيضاً بعض الغيارات والملابس لزوم الإقامة في المستشفى، لكنه كان يشعر أنه لن يخرج منها حيًا، فعند استعلامات المستشفى وقف على الكسار مع إبنه وأملى عليهم بياناته وانصرف إلى حجرته لكنه استدار فجأة وقال لإبنه : “استنى، تعال نرجع تاني للموظف”، وبالفعل عادا إليه وقال له الكسار : “خد عندك كمان نمرة تليفون البيت، علشان لما أموت تتصلوا بيهم تبلغوهم”، فرد عليه الموظف: “بعد الشر عنك يا أستاذ علي”. وفي الحجرة الخاصة به جلس مع ابنه عدة ساعات حتى همّ ابنه لمغادرة المكان وعندها احتضن الكسار ابنه طويلا وقبله وكأنه يشعر أنه لن يراه مرة ثانية، وبالفعل كان اللقاء الأخير.
.رحم الله رائد الكوميديا صاحب مدرسة الأداء الراقي والفن الجميل