نظم مكتب برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بمصر ، بالتعاون مع محافظة القاهرة ومعهد سياسة النقل والتنمية، أول ورشة تفاعلية حول ” التنقل المتكامل في القاهرة،” وذلك بهدف تطوير التصميمات عالية الجودة للمرافق الخاصة بالمشي وركوب الدراجات في وسط القاهرة.
وعقدت ورشة العمل بمقر الهيئة العامة للتخطيط العمراني في وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية في إطار مشروع تعزيز البنية الأساسية للدراجات الذي ينفذه برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية بالتعاون مع معهد سياسة النقل والتنمية تحت إشراف محافظة القاهرة.
ويهدف المشروع إلى تشجيع استخدام الدراجات كأحد وسائل النقل الحضري داخل محافظة القاهرة لتكون محافظة مستدامة وأكثر كفأة وهو الامر الذي يتطلب تخطيطا جديدا للنقل من خلال إنشاء برنامج متكامل لتطوير نظم النقل الحضاري في العاصمة وتأكيد وجود “الدراجة” في حياتنا اليومية ومن ثم تشجيع أنماط الحياة الصحية والبيئية.
كما يهدف المشروع الى دعم الحكومة المصرية في مجال النقل المستدام وتعزيز البنية التحتية للدراجات وجعل ركوب الدراجات سهل وآمن في شوارع القاهرة، حتى تصبح الدراجة إحدى محاور النقل في المدينة.
وشارك في ورشة العمل مسؤولين من إدارة المرور بمحافظتي القاهرة والجيزة، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ووزارة الإسكان، برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، معهد سياسة النقل والتنمية، شركة سيتس، وجهات أخرى بالتعاون مع خبير تصميم الشوارع مايكل كينج من بوروهابولد نجحت ورشة العمل في سد الفجوة بين النظرية والواقع والممارسة.
بدأت ورشة العمل بملاحظات افتتاحية من سلمى مسلم، مسؤولة برنامج النقل في برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية مكتب مصر، والتي سلطت الضوء على أهمية وجود نظام نقل متكامل ومستدام مثل ركوب الدراجات في المدينة كوسيلة مواصلات مكملة لشبكة النقل الموجودة في القاهرة مثل المترو والأتوبيسات العامة ولذا يجب حث المواطنين على استخدام الدراجات من خلال بناء مسارات دراجات منفصلة وتنفيذ مشروع مشاركة الدراجات بالتعاون مع محافظة القاهرة.
وفي ضوء الطلب المتزايد لراكبي الدراجات لتنفيذ مبادرة “سكتك خضرة” التي مولتها السفارة الدنماركية، والتي نفذت بالتعاون مع محافظة القاهرة وجمعية نهضة المحروسة.
قام المشروع بتصميم وتصنيع وتركيب 100 ركنة للدراجات في وسط البلد ومصر الجديدة والزمالك لتلبية احتياجات راكبي الدراجات. ثم قدمت سلمى مسلم الخبير مايكل كينج وهو أول مدير لحركة المرور في مدينة نيويورك.
وأوضح كينج أهمية تصميم الشوارع في التخطيط الحضري لتدعيم الاتصالية لكن الطرق وحدها لا تكفي لمعالجة مشكلة الازدحام في محافظة القاهرة ذات الكثافة السكانية المرتفعة حيث تساهم هذه الطرق في تشجيع استخدام السيارات فقط. عرض كينج صورًا حقيقية للمدن التي تحولت نتيجة لتغيير هندسة حركة المرور لتشمل مختلف أنواع المواصلات العامة وليس فقط السيارة وشرح أهمية التدرج، مما يعني تنفيذ مرحلة واحدة واختبار النتائج قبل تغيير الشوارع دفعة واحدة لتسمح بمسارات ركوب الدراجات. وتحسين البنية لركوب الدراجات سيشجع الناس على استخدام دراجاتهم، والتي ستكون وسيلة نقل عام منخفضة التكلفة تتصدى لتحدي التنقل في المدن النامية، و ييسر تنفيذ نظام مشاركة الدراجات. تطبيق مشاركة الدراجات سيكون مناسبًا لأنه سيربط بين وسائل النقل الحالية (الحافلات والمترو وما إلى ذلك) ويحل مشكلة الميل الأخير.
أعقب عرض السيد كينج زيارة ميدانية لتجربة مسارات الدراجات في ميدان محمد فريد والشوارع المتفرعة منه في وسط البلد، حيث شارك مشاركين في ورشة العمل بالتعاون مع فريق العمل ومدير إدارة مرور القاهرة العقيد محمد وليد عرض تجريبي مباشر لمسارات الدراجات وتوسيع الأرصفة العامة باستخدام الأقماع، لمعرفة ما إذا كان سيؤثر على حركة المرور أم لا وتفاعل المواطنين مع العرض. وأوضحت التجربة عدم تأثر حركة المرور بل بالعكس نظمت سير السيارات من وإلى ميدان محمد فريد. كان الهدف من التجربة الميدانية هو وضوح كل المساحات التي لم يتم استخدمها بطريقة صحيحة وإظهار كيفية تحويلها إلى مدينة تشجع المشاة والدراجات.
تلقت الزيارة الميدانية الكثير من التعليقات الإيجابية من جميع الحضور أثناء تجولهم في وسط البلد لمشاهدة المباني التي تم تجديدها حديثًا وشوارع المشاة التي أعيد تنشيطها من قبل محافظة القاهرة مثل شارع الشريفين بوسط البلد. أكد ممثلوا محافظة القاهرة على أن الهدف العام يتمثل في ” تسيير حركة المشاه بوسط القاهرة”.
كما أشار مدير وحدة تطوير العشوائيات بمحافظة القاهرة، خليل شعت، إلى أن المحافظة تهدف إلى الحد من عدد السيارات في شوارع القاهرة. كما شدد شعت على أن تنفيذ المشروع سيتم بالتعاون مع رؤساء البلديات والمرافق ومسؤولي المرور من خلال إطلاق حملات توعية للمواطنين حول أهمية هذه المبادرة.
وقدمت المهندسة نور الديب، منسقة تخطيط النقل في معهد سياسة النقل والتنمية، مقترحات لمشاركة الدراجات ومسارات الدراجات حيث أوضحت أن مواقع محطات و مسارات الدراجات تم اختيارها بناءً على عوامل الجذب الموجودة في المنطقة مثل محطات المترو ، والمتاحف، والمعارض، إلخ. وأكدت المهندسة نور الديب أن تصميم مسار الدراجات المقترح هو مسار ذو اتجاهين مع فواصل مبنية لضمان سلامة راكبي الدراجات وتجنب ركن السيارات في المسار. يتم تنفيذ تصميم مسارات الدراجات بالتعاون مع محافظة القاهرة ومؤسسة دروسوس (مؤسسة خيرية مقرها في زيوريخ ، سويسرا) لوضع الأساس لمشروع مشاركة الدراجات، الذي تدعمه دروسوس. كما عرضت كوبري المشاة والدراجات المقترح -الذي سيتم بنائه بجوار كوبري قصر النيل -وأوضحت كيف أنه لن يربط فقط مسارات الدراجات في وسط القاهرة والزمالك، بل يمكن استخدامه كأداة تسويقية لنهر النيل ويصبح مصدر جذب للسياح.
في هذا السياق، عرضت الدكتورة هدى طلعت، خبيرة نظم النقل والمرور في شركة سيتس، النتائج التي توصلت إليها دراسة الحركة المرورية حيث أوضحت أن البيانات التي تم جمعها كانت مفيدة في صياغة الخرائط التي توضح التوقيتات ومواقع الازدحام على مدار اليوم بالقاهرة، بالإضافة إلى مراقبة سلوك سائقي السيارات والمشاة -لاستخدامها كمعلومات وتحليلات في مرحلة تصميم مسارات الدراجات. مسارات الدراجات لديها القدرة على تحمل عدد متزايد من راكبي الدراجات حوالي 700 رحلة. بالإضافة إلى ذلك، مشروع مشاركة الدراجات سوف يؤدي إلى زيادة عدد راكبي الدراجات إلى 700 وإنشاء 70 محطة في وسط المدينة والزمالك. من خلال وضع المحطات كل 500 متر تقريبًا، تصبح مشاركة الدراجات خيارًا فعالًا للنقل للرحلات القصيرة. وقد قامت المدن ذات الكثافات المشابهة للقاهرة والجيزة بتبني انطمة مشاركة الدراجات حيث يعتبر هو الحل المناسب والاسرع لمشاكل الازدحام.
ومن خلال التفاعل الإيجابي للمشاركين في ورشة العمل، تم طرح بعض الاقتراحات لنجاح المشروع منها موجب إنفاذ قوانين إدارة المرور وتنظيمها على جميع المارة لضمان نجاح المشروع لتستعيد مدينة القاهرة جمالها التاريخي واستدامته. وأكد الحضور على أهمية مراعاة الأشخاص ذوي الإعاقة في إعادة تصميم الشارع ليشمل المنحدرات والممرات التي يسهل الوصول إليها. كما أبرز الحضور أهمية حملات التوعية لتعزيز ثقافة الدراجات بالقاهرة.
وكخطوات قادمة، يقوم برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية مكتب مصر بوضع اللمسات الأخيرة على تصميم مسارات الدراجات بالتشاور مع المحافظة بالاضافة الى انه يخطط لإطلاق نظام مشاركة الدراجات في أوائل عام 2019 القادم.