الإثنين 17 يونيو 2024

في ذكرى رحيله .. القصبجي رائد الأصالة في الموسيقى العربية

25-3-2017 | 20:28


كتب : خليل زيدان
تحل اليوم الذكرى 51 لرحيل الموسيقارالعملاق محمد القصبجي ، رائد التلحين والتطوير الموسيقي والتي خرجت من بين أنامله أروع وأبدع الألحان .

قبل أن يتم التاسعة من عمره حفظ الطفل محمد القصبجي القرآن كاملاً ، فوالده كان يعده لإلحاقه بالأزهر ، وهناك درس محمد القصبجي العلوم الدينية وأصول اللغة العربية.. ثم حصل على دبلوم مدرسة المعلمين بعد أن درس فيها أربع سنوات ، ثم تخرج ليعمل مدرساً كما كان والده يتمنى له ذلك .. وعلى الفور بدأ حياته العملية بالتدريس بالمدارس الإبتدائية ، فكان يُدرس اللغة العربية والحساب والدين والجغرافيا والتاريخ ماعدا اللغة الإنجليزية.

بدأ القصبجي شغفه بالموسيقى عندما وجد أبيه المقرئ يعزف العود في أوقات فراغه وعندما يعطي بعض الدروس الخصوصية في العزف على العود .. من هنا دب في قلبه حب الموسيقى وحاول أن يبدأ العزف على عود أبيه ، لكن والده منعه من العزف لأنه كان يدرس في الأزهر ، ولا يريد أن تلهيه الموسيقى عن دراسته .. ولكن حب الموسيقى كان قد تملك من القصبجي ولم تمنعه تنبيهات أبيه عن هذا الشغف ، فذهب إلى نجار يسكن بجانبهم وعرض عليه أن يصنع له عوداً .. إنتقى له النجار قطعة من الخشب وبدأ القصبجي في صنع عوده الأول حتى تشكل ثم شد عليه الأوتار وبدأ يدق عليه .. وهنا رأى والده شغفه بالموسيقى فلم يشأ أن يحرمه من هوايته وبدأ في تدريبه على العزف .

عند الثالثة عشر بدأت فكرة التلحين تراود القصبجي ، فكتب لنفسه قطعة زجلية يقول مطلعها : ماليش مليك في القلب غيرك .. ولحنها ونجح اللحن ، فبدأ التوسع في قراءة الشعر ثم تأليف أزجال خاصة به وتلحينها .. وبعد عشر سنوات شعر أن المستقبل بدأ يتفتح له بعد أن احترف التلحين ، وكانت من أوائل ألحانه أغنيتين من تأليفه وهما يا قلبي ليه سرك تذيعه للعيون وأغنية الحب له في الناس أحكام ، وقد أقبلت عليه شركات تسجيل الأسطوانات مثل بيضا فون وأوديون وجرامافون واشترت منه شركة بيضا فون بعض ألحانه وأزجاله وطلبت من المطرب والملحن زكي مراد والد ليلى مراد أن يغني أغنية ماليش مليك في القلب غيرك ، وبالفعل غناها .. وبدأت شركات الأسطوانات في مطالبة القصبجي بأغاني وألحان ليغنيها مطربو العصر أنذاك وهم الست منيرة المهدية وزكي مراد والشيخ سيد الصفتي وصالح عبد الحي ، وطالبته أيضاً بوضع ألحان للأغاني التي يكتبها يونس القاضي وكان ذلك في عام 1922.

وعن لقاء القصبجي الأول بأم كلثوم ، فيروي أن شركة أوديون كانت قد اشترت منه أغنية " آل إيه حلف ما يكلمنيش " وأرادت أن تسجل تلك الأغنية بصوت أم كلثوم ، فعهدوا إليه بتدريبها على اللحن ، وذهب إليها في شارع قوله بعابدين حيث كانت تسكن ، ومن هنا بدأت صداقته مع أم كلثوم ، وقد طلبت منه أن يقوم بتلحين الأغاني التي يكتبها لها أحمد رامي الذي تعرفت عليه قبل القصبجي بشهرين.

كوّن القصبجي أول تخت موسيقي يتكون من ثلاثة أفراد ، هو يلحن ويعزف العود وسامي الشوا يعزف الكمان ومحمد العقاد يعزف القانون .. ورامي كمل الدائرة وأم كلثوم تغني  .. وكان أول إنتاج لتلك الفرقة أغنية إن حالي في هواها عجب وذاع سيطهم وأكمل القصبجي مشواره الفني حتى بلغت ألحانه 1250 لحناً منهم 120 لحن لأم كلثوم .. وكرمه الزعيم جمال عبد الناصر في عيد العلم مع أم كلثوم وعبد الوهاب ، ورشحته اللجنة الموسيقية بالمجلس الأعلى للفنون لنيل جائزة الدولة التشجيعية بعد رحلة كفاحه في التلحين وعن مجمل أعماله خلال مسيرته الفنية.