“بلية” لقب يطلق على عمالة الأطفال في ورش صيانة السيارات والتكاتك، تضطرهم ظروفهم الأسرية الصعبة إلى اللجوء لورش ميكانيكا السيارات للحصول على أموال تساعدهم على ظروف الحياة، والبعض الآخر يساعد والديه.
يقف "محمد صلاح" ذو الـ12 عامًا داخل إحدى الورش بمنطقة الطالبية حاملا عدته بجسده النحيف الذي غلفه الشحم ليبدأ إصلاح التكاتك، تاركًا طفولته وراءه للعمل من أجل لقمة العيش لمساعدة أسرته، الشقاء يرتسم على ملامحه لمجهوده المضني الذي يبذله في مهنة ميكانيكا التكاتك، فأحلامه محدودة كأي طفل يلهو ويتعلم ليحمل شهادة تمنحه مستقبلًا أفضل، لكن ظروف الحياة تقف حائلاً بين تلك الأحلام والتمنيات التي تغزو خياله من آن إلى آخر.
بداية مشواره بالمهنة
بالقرب من أحد التكاتك ينحني "محمد" حاملا بيده معداته للبدء في صيانة تكتك أحد الزبائن لينهي عمله بإتقان تام، والذي بادلنا الحديث قائلاً " أنا باشتغل في ورشة تصليح التكاتك بتاعة أبويا وأنا عندي 7 سنين، وسبت المدرسة من ساعتها عشان الظروف كانت صعبة وكان لازم اقف جمب أبويا واساعده فى المصاريف"، لافتًا أن لديه 5 إخوة يصغرونه ويعمل داخل الورشة من 10 صباحًا إلى 10 مساءً لمدة 12 ساعة يوميًا، ويتحصل على يومية تصل إلى 25 جنيهًا؛ ليغطي بها نفقاته ومصرفاته الشخصية .
معاناة صحية
ويوضح أنه يعاني في بعض الأحيان من أوجاع بصدره نتيجة استنشاقة البنزين والجاز طيلة فترة العمل، ويقوم بإصلاح مساعدين ومقصات وجادون التكوتك بحكم الخبرة التي اكتسبها خلال السنوات الماضية، كما يقوم بإصلاح ما يقرب من 4 تكاتك في اليوم كحد أقصى حتى لا يشعر بالإنهاك التام الذي ينتابه نهاية اليوم.
الإحساس بالشقاء
ويتابع " صلاح" حديثه قائلا" انا بحس بالشقا من صغري بعكس الأولاد اللي من سني وده بيأثر على مشاعري ساعات، بس بقول لنفسي لما أشقى وأنا صغير هرتاح وأنا كبير وإني اجيب قرش أحسن من إني أمد إيدي للناس أو أكل من الحرام"، لافتًا أنه كان يتمنى العودة للمدرسة ليكمل دراسته ليحصل على شهادة تجعله قادرًا على الزواج من أي فتاة فى المستقبل دون الشعور بالخجل، لكن حلم التحاقه بالمدرسة بات مستحيلاً بعد تأخره عدة سنوات، مما يعد عائقًا وحاجزًا نفسيًا يؤثر عليه طيلة الوقت.
مساندة الأب
ويضيف " أنا بقف جمب أبويا فى الورشة لو موقفتش معه هقف مع مين، مهما عمل معايا وشد عليا اسمه أبويا يعمل اللي هو عاوزه، لكن اي حد غريب عمرى ما اسمح له انه يعاملني بطريقة مش كويسة".
قضاء وقت الفراغ
يفيد " محمد" بأنه لا يجيد القراءة ولكنه يحاول التعلم في أوقات الفراغ، وبالرغم من ذلك يستطيع أن يتعامل مع الكمبيوتر وغيرها من التقنيات الحديثه كباقى أصدقائه، لافتًا إلى أنه في يوم إجازته يقوم بالنتزه مع أصدقائه الذين يعملون في مهن مختلفة.
حلم المستقبل
يحلم الطفل بامتلاك ورشته الخاصة، ليبدأ حياته كما فعل والده في السابق، و يكون ناجحًا في هذا المجال.
عدد الأطفال العاملة بمصر
الجدير بالذكر أن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أكد أن إجمالي عدد الأطفال العاملين في مصر يصل إلى مليون و594 ألف طفل في الفئة العمرية بين 5 و17 عامًا، وأن 87.4٪ من الأطفال العاملين يمنحون أجورهم لأولياء أمورهم، وتصل نسبة الإناث إلى 21٪ من إجمالي عمالة الأطفال مقابل 79٪ للذكور، وتزداد عمالة الأطفال في ريف الوجه القبلي بنسبة 42.7٪ بينما تصل نسبة عمالة الأطفال في ريف الوجه البحري إلى 40.8٪.