الأحد 24 نوفمبر 2024

أحوال تركية: تناقض صارخ في ردّ فعل أردوغان على مقتل هرانت دينك وخاشقجي

  • 7-11-2018 | 11:49

طباعة
كان رد فعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول الشهر الماضي مختلفا تماما عن رد فعله على قتل الصحفي التركي الأرمني هرانت دينك، رئيس تحرير صحيفة تصدر باللغتين التركية والأرمنية، في عام 2007، حسب تقرير أورده موقع أحوال تركية بتاريخ اليوم 7 نوفمبر 2018.

أضاف التقرير: لم يُقتل دينك في قنصلية، بل قُتل على الملأ في قلب إسطنبول ليكون عبرة للأرمن. كان دينك يتوقع حدوث ذلك، وكانت الشرطة أيضا لديها معلومات استخباراتية قبل قتله، لكن أحدا لم يحرك ساكنا للحيلولة دون ذلك. وأضحى دينك مجرد اسم أضيف لقائمة تضم عدة آلاف من الأرمن الذين قتلوا في هذا البلد.

تابع: في نظر الكثيرين في تركيا، ارتكب دينك خطيئة كبرى بأن قدّم أدلة على الإبادة الجماعية للأرمن عبر صحيفة جمهورييت، وهي واحدة من أبرز الصحف في تركيا. فذكر الإبادة الجماعية للأرمن التي قتلت فيها الحكومة العثمانية نحو 1.5 مليون مواطن أرمني إبان الحرب العالمية الأولى يعتبر من المحظورات في تركيا.

تابع: ومن المحرمات أيضا الربط بين مؤسس حزب الشعب الجمهوري التركي مصطفى كمال أتاتورك وجمعية الاتحاد والترقي، الحزب السياسي العثماني الذي أمر بالإبادة الجماعية ونظمها. وقد شغل كثير من أعضاء الجمعية مناصب بارزة بعد إقامة الجمهورية التركية في عام 1923.

وأضاف: كسر دينك هذه المحظورات. ويقول محاموه إنه قتل على يد شبكة تضم أعضاء من المؤسسات المدنية والعسكرية والاستخبارات وآخرين من حركة غولن، وهي جماعة سرية لأنصار الداعية الإسلامي المقيم في الولايات المتحدة عبد الله غولن تسللت إلى مؤسسات الدولة وألقيت عليها في النهاية مسؤولية محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016.

تابع: مع اقترابنا من الذكرى السنوية الثانية عشرة لمقتله، لم يبذل الحزب الحاكم حتى الآن جهودا كافية للكشف عن سبب وفاته. بل على العكس تماما، ساعد في التستر على الأمر.

تابع: لم يتحمل أردوغان وحزبه العدالة والتنمية قدرا كبيرا من المسؤولية في التحقيق في مقتل مواطنهما مثلما فعلا في واقعة خاشقجي.

وأضاف: فلقد ألقيت مسؤولية مقتل دينك على قاتل مأجور، وأولئك المسؤولون حقا عن قتله لم يُقدّموا إلى العدالة قط. وأُهملت القضية.

تابع: هذا القتل المروع ترك جرحا عميقا في نفس المجتمع التركي، وخرج مئات الآلاف إلى الشوارع، لكن غضبهم ومطالبتهم بتطبيق العدالة لم تجد مجيبا.

تابع: لم تكن جريمة القتل هذه إلا نسخة من مقتل الصحفي العثماني حسن فهمي بك، الذي كان ينتقد جمعية الاتحاد والترقي، على جسر غلطة في إسطنبول في السادس من أبريل من العام 1909. كانت عقلية أولئك الذين اتخذوا القرار هي نفس العقلية الدموية التي تميل للقتل.

تابع: على الجانب الآخر، كان خاشقجي مواطنا سعوديا. ومن الغريب أنه اختار تركيا، التي تنتهك حرية الصحافة والمعايير الديمقراطية، لتكون مقرّه ويكون أردوغان حاميا له بينما يسعى لتحقيق الديمقراطية وحرية الصحافة في وطنه. كان خاشقجي يقيم في الولايات المتحدة، لكنه اشترى في الآونة الأخيرة منزلا في إسطنبول حيث كان ينوي العيش مع خطيبته التركية.

تابع: شكلت واقعة مقتل خاشقجي، التي يبدو أن أجهزة الاستخبارات التركية سجلتها، تحديا لأردوغان الذي شعر على الأرجح بأن جريمة القتل قد شوهت سمعته. فحقيقة أن السعوديين كان لديهم من الجرأة ما يكفي لارتكاب مثل هذا الفعل تظهر أنهم لم يعبأوا بتركيا أو أردوغان. لكن خاشقجي الذي كان كاتبا في صحيفة واشنطن بوست أثبت كراهية الإعلام الأميركي الليبرالي للسعوديين.

وأضاف: استخدم أردوغان ببراعة تسريبات للضغط على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن ثمّ زيارة رئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إيه) للبلاد شخصيا.

تابع: بعد ذلك اليوم، توقفت التسريبات. واختفى مقتل خاشقجي من على وسائل الإعلام التركية الرسمية. كما توقف عامة الشعب التركي، الذي يقوده الإعلام، عن متابعة القضية وكذلك المعارضة التركية.

تابع: ذلك أن أردوغان إما حصل على ما يريده، أو كما يقول البعض تلقى تهديدا خطيرا. وأيا كان السبب، فإنه قد تخلى فورا عن كل المسؤولية لحل هذه القضية.

تابع: لقد كان من الحماقة توقع أن إسلاميا زجّ بمئات الصحفيين في السجن وأغلق عشرات الصحف والقنوات التلفزيونية التي عارضته أن يلتزم بالمبادئ. لكنّ التزام أردوغان لاحقا بالصمت والسماح بقتل أحد حماة الصحافة والإعلام الحر هو في الحقيقة جريمة بحق التاريخ.

تابع: إن أردوغان زعيم مستبد قضى على حرية التعبير والديمقراطية. تلك حقيقة يجب تسليط الضوء عليها وإلقاؤها في وجهه كلما أتيحت الفرصة.

    الاكثر قراءة