كثيرا ما نجد أناسا في مجتمعنا لا يعرفون معنى الرحمة ولا ينتسبون للإنسانية إلا شكلا فقط وهؤلاء قد انتزعت من قلوبهم الرحمة وماتت ضمائرهم وتحجرت مشاعرهم فيتحينون الفرصة تلو الأخرى ليكشفوا عن أنيابهم ليمتصوا دماء الأبرياء مقابل إعطائهم فتات ما يفيض عن حاجتهم .
جاب الله محمود إبراهيم خليل أو جاب الله الحصري كما يسميه البعض وذلك - للشبه القريب بينه وبين القارئ الكبير محمود خليل الحصري في قراءة القرآن الكريم – والذي يبلغ من العمر الـ 16 عاما يسكن في منشية البكاري بفيصل خلف مجلس المدينة ، مصاب بضمور في المخ ، وضمور في العين وعيوب خلقية ، وعظم ضعيف، حرمه الله من نور البصر ولكن أنعم عليه بنور البصيرة ووهبه الله القدرة على الحفظ وميزه الصوت العذب والحنجرة الذهبية التي يتلو بها القرآن الكريم.
لم تشفع له صفات ذوي الاحتياجات الخاصة عند رمضان محمود خليل ليحنو عليه ويعامله معاملة الأبناء، بل بعد وفاة أبيه الحقيقى وهجر أمه له قام بتسمية جاب الله باسمه عن طريق تزوير شهادة ميلاد له ليحصل على معاش له ولأخيه أيضا المصاب بضمور الأعصاب وبعد اكتشاف موهبته العبقرية في حفظ القرآن وتجويده له بالصوت الجميل، بدأ بتحفيظه بعضا من سور القرآن الكريم وقام بزجه في شوارع القاهرة واستغلال صوته في جذب قلوب المارة ليستعطفهم ويستحوذ على قلوبهم ليجني من ورائه المال الكثير ، لم يكن جاب الله وحده الذي يعاني من قبضة هذا الرجل الذي يجلس كل يوم على المقهى الموجود في منطقته - بحسب كلام جيرانه – بل كان له أخ اسمه إبراهيم يجوب شوارع القاهرة مع جاب الله ليتسولا معا
ولم ينفِ رمضان عمل التسول قائلا " التسول عندي أفضل من السرقة وأقوم بتحفيظ جاب الله القرآن الكريم ليتسول به وهو مصدر دخل ورزق لي ولأولادي "
وأضاف أنه يحصل على معاش له ولأبنائه بمقدار 330 جنيها للواحد إلا أنه يدعي أن أكثر من نصف المعاش يذهب في إيجار للشقة والباقي في علاج المعاقين - جاب الله وإبراهيم الهارب من بين يديه ـ وقال رمضان إنه يعمل على علاج أولاده ليل نهار وأنه يوفر لهم الاحتياجات اللازمة وأن الأولاد يقومون بتكسير الأسرة وتقطيع المفروشات ولذا يقوم بإعطائهم كميات من الدواء المخدر الذي يجعلهم ينامون طيلة الليل والنهار في الأيام التي لا يخرجون فيها للتسول وأضاف أنه يفضل أن يخرج ويقف على أبواب المساجد ويمد يده للتسول ولكنه يرفض أن يسرق على حد قوله.
وبسؤال أهل المنطقة تبين أن الرجل يجني من وراء التسول الكثير من المال ويترك المعاقين في شارعي فيصل والهرم ويراقبهما من بعيد أو يجلس في مقهاه منتظرا عودتهما من تسولهما ، وتبين من البحث والسؤال أيضا أن التسول ليس هو عمل رمضان الوحيد ولكنه يعمل في عدة أعمال أخرى من بينها أنه يمتلك محلا لبيع الملابس في ناصية الشارع الذي يسكن به
وأنه يعيش حياة كريمة وميسور الحال لأنه قام بأعمال صيانة للصرف الخاص بشارعه على حسابه الخاص علي حد قول وشهادة أهل المنطقة
وقال جاب الله إنه يتعرض للضرب والتعذيب وقليلا ما يأكل وكثيرا ما ينام من كثرة ما يتجرعه من دواء
وأضاف أنه يريد العيش في مكان غير هذا وأمنيته أن يتعلم طريقة برايل ليستطيع القراء والكتابة .