أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بوجه بحري وسيناء بوزارة الآثار، أن العلاقات الحضارية بين مصر والعمق الأفريقي بدأت منذ عام 1503 ق.م ،و تجسد ذلك في رحلات قدماء المصريين إلى بلاد بونت ، وهي في رأي الباحثين تشمل المناطق الأفريقية والآسيوية المحيطة بباب المندب وعلى محور الصحراء الكبرى.
وقال ريحان - في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم - إن المصرى القديم سجل الواقع الحضاري للعمق الأفريقي، وصور آثاره على جدران المعابد، ومنها مناظر البيوت التي صورت على هيئة أكواخ مقامة على دعائم، ويصعد الى كل منها بسلم ومناظر رعي الماشية والخيمة التي نصبها المصريون لاستقبال عظماء بونت الذين قدموا لتحيتهم، فيما قدم المصريون الخبز واللحم والفواكه وكل شئ من مصر طبقا لتعليمات القصر ومناظر تمثل المبعوث المصرى أمام الخيمة وأمامه كومة من البخور قدمها له زعيم بلاد بونت الذي حضر ومعه زوجته ومعها أحد الأتباع محملا بالهدايا.
كما أوضح أن المصري القديم صور طريقة نقل أشجار البخور بجذورها فى سلال مليئة بالطين بواسطة الجنود المصريين، ويفصل المناظر مجرى مائي صورت فيه مناظر مختلفة من أسماك البحر الأحمر، وكلها تدل على ذكاء الفنان المصري وملاحظاته الدقيقة، وقدرته على نقل المناظر الطبيعية التي توضح البيئة وتسجيلها بكل دقة.
كما تابع أن المصري القديم صور أيضا مناظر شحن السفن الكبيرة بعجائب بلاد بونت ، ومناظر الرجال وهم يسيرون على السقالات ويحملون الأشجار المختلفة إلى داخل السفن، ومنظر يمثل ثلاث سفن تفرد أشرعتها في طريقها للإبحار إلى مصر وفوقها نص "الإبحار والوصول فى سلام الى إبت سوت" أي إلى أرض معابد الكرنك، ومناظر لأهالي بلاد بونت يقدمون الهدايا للمصريين ويحنون رؤوسهم تحية واحترامًا.
وطالب الدكتور ريحان من هذا المنطلق، بإحياء العلاقات الحضارية بين مصر والعمق الأفريقي بالتعاون في بعثات حفائر علمية للتنقيب عن الآثار بالعمق الأفريقي ، والاستفادة من الخبرة المصرية فى هذا المجال، وكذلك عمل معارض آثار متبادلة خاصة للقطع وثيقة الصلة برحلات المصريين إلى العمق الأفريقي، وإنشاء إدارة خاصة لآثار أفريقيا بوزارة الآثار خاصة.
كما طالب بتبني وزارة الآثار لمؤتمرات علمية داخل مصر وبالعمق الأفريقي تتناول آثار أفريقيا وأحدث الاكتشافات بها ، ودراسة العوامل الطبيعية والبشرية التي تهدد المواقع الأثرية بها وإيجاد حلول لها سواء باستغلال الخبرات المصرية في مجال الصيانة والترميم أو الخبرات الأمنية لتأمين هذه المواقع ، وتشجيع الدراسات الأثرية والبحث العلمي للآثاريين في مجال دراسات الآثار والفنون والعمارة والمخطوطات والنقوش المتعلقة بعلاقات مصر بالعمق الأفريقي التي تعزز التواصل الحضاري والتوسع في مجال المنح والدورات التدريبية المتبادلة في هذا المجال .