الخميس 16 مايو 2024

لاسارتي.. كل ما تود معرفته عن مدرب الأهلي الجديد مكتشف النجوم

17-12-2018 | 09:09

لأول مرة في مصر، وللمرة الثانية في المنطقة العربية، يبدأ الأوروجوياني مارتن لاسارتي عمله كمدير فني للنادي الأهلي كأول فريق مصري يديره، وكثاني فريق عربي بعد الوصل الإماراتي الذي دربه في الفترة من نوفمبر 2002 وحتى أبريل 2003.


وجاء تعاقد "القلعة الحمراء" مع لاسارتي بعد رحلة بحث قاربت مدة شهر تقريبا بعد رحيل الفرنسي باتريس كارتيرون المدير الفني السابق للمارد الأحمر، لتتجه البوصلة الحمراء نحو التعاقد مع المدرب الأوروجوياني لمدة عام ونصف مقابل 125 ألف دولار شهريا، وهو ما سيعلن عنه ظهر اليوم الاثنين في مؤتمر صحفي.


ولا أحد ينكر أن الظروف والمنافسين والأبطال كلها أمور متغيرة في عصرنا الحالي، وأن أسرع ما يتغير في العالم الآن إضافة إلى التكنولوجيا هي كرة القدم التي يعشقها أكثر من ثلثي سكان المعمورة، فما يصلح للعمل قبل 3 أو 5 سنوات ربما لا ينجح الآن، فكل شيء يتطور، وهو ما ينطبق على عالم كرة القدم وبالتالي على المدربين بصفتهم أحد أركان منظومة الساحرة المستديرة، الأمر الذي يجعل النجاح حليفا لقلة منهم في العالم ربما لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة.


ومنذ أيام قليلة، استمتع العالم بكرة هجومية بوهيمية قليلا في لقاء (كلاسيكو القرن) بين ريفربليت وبوكا جونيورز (الذهاب 2-2 .. وفاز ريفربليت 3-1 في لقاء العودة)، وعلى جماهير الأهلي الآن أن تستعد إلى تلك البوهيمية مع مارتن لاسارتي، الذي يهوى اللعب بواحدة من طريقتين (4-2-3-1) أو (4-3-3)، وهو ما يوحي للجماهير بشيء مما يدور في عقل لاسارتي، فيبدو وكأنه يهاجم بسبعة لاعبين، ولكن ليس هذا هو المهم وإنما المهم هو أماكن تواجد هؤلاء اللاعبين لأن التنظيم فوق أرض الملعب من أهم أولويات لاسارتي.


وبقراءة سريعة لما يدور في عقل لاسارتي من خلال تجارب الماضي والتي كان آخرها مع نادي ناسيونال في الأوروجواي، نكتشف أن الأوروجوياني الملقب بـ "مكتشف النجوم" يمتلك سرعة بديهة، فهو لا يتوانى عن اتخاذ القرارات عند التأخر أو فور الطرد، كما أن عقليته تبدو مرتبة ولا ينفعل بنتيجة المباراة بشكل سلبي بل يتدخل من أجل إعطاء الفريق مزيدا من الحلول الهجومية.


وكشفت التجارب التدريبية السابقة للمدير الفني الجديد للأهلي أنه يقوم بما كان يقوم به ألبرتو فالنتيم مدرب "بيراميدز" السابق حيث يجعل رباعي الدفاع متقاربا جدا أثناء الهجمات المرتدة علي الفريق ويتراجعون ببطء نحو منطقة الجزاء من أجل تقليل الخيارات أمام المنافس.


وفي المقابل، فإن لاسارتي لا يفضل مهاجمة المنافس في نصف ملعبه أثناء الدفاع المنظم إلا في حالة وجود زيادة عددية من لاعبيه على الأطراف وهي المنطقة المفضلة له لاستخلاص الكرات، كما أن الجناح الهجومي للأهلي لن يلعب مع لاسارتي دور ظهير الجنب، فالمدافعون معه دوما في وضعية أفضل استعدادا لشن هجوم مرتد منظم، وربما يؤثر ذلك إيجابا على الكرات المقوسة على أقصى أطراف الملعب والتي تظهر فيها الثغرات. 


وبالنسبة للهجوم، فإن مهاجمي المارد الأحمر سينعمون مع لاسارتي بالراحة، فهو يحب أن يتواجد رأس حربة وخلفه مهاجم متحرك، وربما تجد جماهير الأهلي صلاح محسن خلف وليد أزارو، أو أن يعاد توظيف وليد سليمان في تلك المنطقة، وقد تكون أدوار محمد محمود وناصر ماهر وصالح جمعة مختلفة، فالمدير الفني الجديد يعشق دائما البحث عن الثغرات بين الخطوط والتحرك بشكل متزامن مع تقدم أظهرة الجنب إلي الأمام.


ولن تجد أجنحة الأهلي مكانا لها في عقل لاسارتي، إن لم تستطع اللعب داخل منطقة الجزاء طبقا لما قدمه مع فريق ناسيونال، فهو يفضل دائما الأجنحة التي تميل إلى اللعب في العمق وليس أجنحة الخطوط التقليدية، ولذلك فإن الأنجولي جيرالدو دا سيلفا الذي تعاقد معه الأهلي مؤخرا ربما يتمتع بحظوظ كبيرة مع لاسارتي.


والتحول من الدفاع للهجوم محدد عند لاسارتي، فرأس الحربة يميل إلى الطرف مع وجود لاعب يجيد الخروج بالكرة مع انطلاق الجناح في الجهة المقابلة، وهو ما يؤكد أن الأوروجوياني لاسارتي ليست لديه أزمة في إدارة أوراق فريقه وأنه يجيد التنظيم في المرتدات بحيث لا تكون مجرد انطلاقات سريعة دون عقل يدير.


ومع لا سارتي، سيجد عشاق المارد الأحمر 3 أو 4 لاعبين دوما في عمق منطقة الجزاء، وهو ما يوفر حلولا أكثر للارتكاز، وبالتالي هز شباك المنافسين.


مسيرة لاسارتي:


توج الأوروجوياني مارتن لاسارتي بطلا لأمريكا الجنوبية والعالم كلاعب، وبالبطولة المحلية كمدرب لفريق ناسيونال في الأوروجواي وكذلك بطلا للدوري والكأس والسوبر في تشيلي مع فريق يونيفرسيداد دي تشيلي.


وكان لاسارتي‎ مدافعا، وامتلك مسيرة جيدة مع فرق أوروجواي بالإضافة إلى ديبورتيفو لاكرونيا الإسباني، وبدأت مسيرته مع فريق رينتستاس عام 1980 في الأوروجواي واستمر معه لخمس سنوات، ومنه رحل لسنترال إسبانيول، لكن إنجازه الأكبر في أوروجواي تحقق مع فريق ناسيونال الذي انتقل له عام 1988، حيث فاز معه بكأس ليبرتادوريس وبكأس الإنتركونتيننتال للأندية.


واستمرت مسيرة لاسارتي‎ في التطور، حيث انتقل لديبورتيفو لاكرونيا في إسبانيا واستمر معه لموسمين، ثم انتقل لفريق جاليسيا ليساعده على الصعود لليجا، وبعد 4 سنوات في إسبانيا، عاد لاسارتي‎ إلى أوروجواي حيث مثل عددا من الفرق قبل الاعتزال عام 1996.


وانطلق مشوار لاسارتي التدريبي عام 1996/1997 وتوقف في ديسمبر 2017، وخاض خلال تلك الفترة التي امتدت لـ 21 عاما العديد من التجارب التدريبية قاد خلالها 11 فريقا منها فريق واحد لمرتين على ولايتين مختلفتين.


ولم يستمر لاسارتي في قيادة أي فريق أكثر من موسمين، وكانت أطول فترة له مع فريق ناسيونال الأوروجوياني في موسم 2004/ 2005 والتي استمرت لقرابة 23 شهرًا، فيما كانت أقصر ولاية له مع نادي المليونيرات الكولومبي حيث استمر في تدريبهم لشهرين فقط.


وكانت البداية مع فريق رامبالا جونيورز الأوروجواياني من يناير 1997، وحتى ديسمبر من العام ذاته، لينتقل بعدها لتدريب سي آيه رينتستاس الأوجواياني للمدة ذاتها.


وفي أكتوبر 2000 تولى لازارتي المهمة الفنية لنادي بيلا فيتسا، حيث استمر في قيادة الفريق حتى أغسطس 2001، قبل أن يخرج للمرة الأولى من تدريب فرق أوروجواي ليدرب نادي الوصل الإماراتي في نوفمبر 2002 وحتى أبريل 2003.


وتولى المدرب ذو الـ 57 عامًا تدريب فريق ريفربليت الأوروجواياني من مايو 2003 وحتى ديسمبر 2004 وصعد معهم من دوري الدرجة الثانية إلى الأولى، ليتولى بعدها الفريق الأبرز في أوروجواي وهو ناسيونال من يناير 2005 وحتى ديسمبر 2006.


وبعد ذلك أعلن نادي المليونيرات الكولومبي تعاقده مع لاسارتي في 11 يوليو 2007، قبل أن يرحل في 3 سبتمبر من العام ذاته، لتدريب دونبيو الأوروجواياني من أبريل 2008 وحتى مايو 2009.


وانتقل لاسارتي لتدريب النادي الأبرز في مسيرته وهو ريال سوسيداد بدايةً من يونيو 2009 ليستمر في قيادة الفريق لعام ونصف تمكن خلالها من إعادة الفريق إلى الدوري الإسباني الممتاز، بعد أن خاض 83 مباراة، فاز في 34، وتعادل في 17 مواجهة، وخسر في 32 لقاء آخر.


ورحل لاسارتي بعد تلك الفترة إلى تشيلي لتدريب فريق يونيفيرسيداد كاتوليكا من 1 يونيو 2012 لديسمبر 2013، وقاده في 68 مباراة حيث فاز في 37 وتعادل في 16 وخسر في 15 لقاء.


ثم قاد المدرب الاوروجوياني فريق يونيفيرسيداد دو تشيلي بطل تشيلي من مايو 2014 وحتى ديسمبر 2015 وحقق الفوز معه في 26 منهم وتعادل في 9 وخسر مثلهم، ليعود بعد ذلك إلى الأوروجواي مُجددًا لتولي تدريب آخر الفرق التي قادها وهو ناسيونال من يونيو 2016 وحتى ديسمبر 2017، ليفوز معه في 40 مباراة ويتعادل في 8 ويخسر 13 مباراة.


وحقق لاسارتي خلال مسيرته التدريبية بطولة الدوري الأوروجواياني 3 مرات مع فريق ناسيونال في مواسم 2004/2005 و 2005/2006 و2015/2016، وبطولة دوري تشيلي عام 2014 وكأس تشيلي والسوبر التشيلي في موسم 2015 مع فريق يونيفرسيداد.


مكتشف النجوم:


يعرف عن لاسارتي أنه متخصص في اكتشاف وتدريب النجوم، ومن بين هؤلاء النجوم الذين يرجع فضل اكتشافهم إلى لاسارتي اللاعب الفرنسي أنطوان جريزمان الذي تغير مستقبله في اليوم الذي استدعي فيه من قبل لاسارتي ليستكمل به قائمة الفريق الأول لنادي سوسييداد وذلك خلال فترة إعداد الفريق عام 2009.


وطالب لاسارتي مسئولي النادي بعدها مباشرة بالإبقاء على جريزمان في صفوف الفريق الأول ليكون أحد اللاعبين الاحتياطيين في صفوف سوسييداد ورأى البعض هذا تهورا، من جانب المدرب على اعتبار أن جريزمان وقتها لم يكن حتى أساسيا في الفريق الثاني ولكن جريزمان لم يستغرق وقتا طويلا ليصبح اللاعب المفضل لدى الجميع في ريال سوسييداد، واللاعب الذي يعتني به الجميع ويصححون أي خطأ يرتكبه وكان دائما يتحدث معه لاسارتي ويعطي له التوجيهات الفنية والتكتيكية، حتى أنه قال عنه: "جريزمان كان بمثابة الاسفنج الذي يمتص كرة القدم".


وبعد ذلك اصطحب لاسارتي معه جريزمان إلى الأوروجواي ليطلعه على طبيعة مباريات كرة القدم هناك ومن ثم يعلمه كيفية اللعب على الملاعب السيئة، وهذا أضاف الكثير للاعب الفرنسي وجعله أقوي وهو ما أكده جريزمان عندما قال في أحد تصريحاته: "التجربة في أوروجواي جعلت مني لاعبا أقوى".


أما اللاعب الثاني الذي اكتشفه لاسارتي فهو الأوروجوياني لويس سواريز الشهير بلقب "العضاض" والذي أكد لاسارتي ثقته فيه كمهاجم شاب خلال فترة تدريبه فريق ناسيونال الأوروجوياني وكان سواريز حينها في سن الـ18 عندما ذهب إلى نادي ناسيونال مونتيفيديو، وقام بتدريبه لاسارتي الذي ساعد اللاعب على التطور والنضج الكروي، بعدما وصفته الجماهير بالمعوق حيث قام لاسارتي بالتركيز على علاج قصور سواريز ونجح في هذا مع الوقت.


وعندما سئل سواريز عن أفضل من قام بتدريبه أجاب بأنهم اثنان وهما أوسكار تاباريز الذي أعطاه المشاركة الأولى مع المنتخب عام 2007، ومارتين لاسارتي الذي حقق لقب الدوري الأوروجواني لكرة القدم معه في نادي ناسيونال وأحرز 10 أهداف خلال 27 مباراة.


وتضم قائمة المواهب التي ساهم في اكتشافها لاسارتي، كالوديو برافو حارس منتخب تشيلي وحارس مانشستر سيتي الإنجليزي الحالي، والدولي الإسباني المعتزل راؤول تامودو، والدولي الإسباني آسير إياراميندي.


صفات لاسارتي:


يتميز لاسارتى بأنه مدرب جيد جداً في علاقته مع لاعبيه، ولم يتسبب في أي مشكلة على مدار مسيرته التدريبية، ويتمتع بحب واحترام كل من أشرف على تدريبهم، وهذا مؤشر على أن الأهلي سينعم بهدوء في غرفة تبديل الملابس.


ومن أهم مميزات لاسارتى أيضا أن الفرق التي يشرف على تدريبها تكون قوية بدنيًا، ولا يمكن أن يخسر فريقه بدنيًا في أي مواجهة كما أنه يجيد الحفاظ على لاعبيه، وبالتالي ستكون قوة إضافية للنادي الأهلي في البطولات المختلفة التي يشارك فيها كونه فريقا كبيرا وينافس محليًا وقاريًا على كل الألقاب.


ويعتمد لاسارتى على الدفاع بشكل كبير، وأهم شيء بالنسبة له هو ألا يستقبل الأهداف، ولا يعني ذلك أنه لا يهاجم بل يعتمد على قوة الدفاع في بناء الهجمات، وحقق نتائج كبيرة بذلك في أوروجواي وتشيلي مثل 5/0 و4/0 عدة مرات.


ويجيد لاسارتى العمل على إعادة بناء الفريق، وفعل ذلك مع ناسيونال الذي أشرف على تدريبه في إحدى المرات وهو يحتل المركز العاشر في الدوري وقاده لمنصات التتويج في الموسم التالي، لنجاحه في تأهيل لاعبيه نفسيًا واستغلال قدراتهم بالشكل الأمثل، وهو قادر على تكرار هذا الأمر في الأهلي، كون طبيعة اللاعبين المصريين تقترب من لاعبي أمريكا اللاتينية، وذلك عكس تجربته غير الموفقة في ريال سوسيداد الإسباني لاختلاف نوعية اللاعبين عنها في أمريكا.