شهد عام 2018 اهتمام الأزهر الشريف البالغ بفلسطين وشعبها وبالقضية الفلسطينية، بما يترجم إدراك الأزهر وإمامه الأكبر فضيلة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، لخطورة التحديات التي تواجه قضية العرب والمسلمين الأولى، فيما عكست اللقاءات والجولات الخارجية التي قام بها الدكتور الطيب خلال نفس العام التأثير والدور المتصاعد للمؤسسة الإسلامية الأكبر في العالم، في ظل ما يحظى به منهجها الوسطي المعتدل من قبول واحترام عالمي واسع، وما تقوم به من جهود مؤثرة في تعزيز قيم التسامح والحوار والسلام بين جميع البشر على اختلاف أديانهم وثقافاتهم.
ويأتي اهتمام الأزهر بالقضية الفلسطينية من خلال تنظيم "مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس"، في منتصف يناير 2018 بحضور عربي ودولي حاشد، لاستعادة الوعي بقضية القدس، والتأكيد على هويتها العربية الإسلامية ومكانتها الدينية العالمية، والدور الثقافي والتربوي والإعلامي في استعادة الوعي بالقضية، واستعراض المسئولية الدولية تجاه المدينة المقدسة.
كما جاء إصدار "إعلان الأزهر العالمي لنُصرة القُدس" في ختام فعاليات المؤتمر ليمثل صوتًا موحدا قويا من قادة الفكر والرأي والدين والسياسة، ومحِبي السلام من 86 دولة، ويؤكد إجماع كل المشاركين على رفض القرار الأمريكي، بنقل سفارة واشنطن إلى مدينة القدس المحتلة، والإعلان كذلك عن آليات وأساليب جديدة تنتصر لهوية القدس ولكرامة الفلسطينيين، وتحمي أرضهم، وتحفظ عروبة القدس وهويتها الروحية.
كما أعلن الإمام الأكبر مجددا، في أكثر من بيان، دعم الأزهر الكامل للشعب الفلسطيني في نضاله المشروع من أجل تحرير أرضه وحماية مقدساته والحفاظ على الهوية العربية والإسلامية والفلسطينية للقدس، فيما دعت هيئة كبار العلماء بالأزهر الهيئاتِ العلميّةَ والتعليمية ووزارات الأوقاف في كل بلاد المسلمين، إلى زيادة الاهتمام بقضية القدسِ وفلسطين في المقررات الدراسية والتربوية وخُطب الجُمعة في المساجِدِ والبرامج الثقافية والإعلامية.
كما خصص شيخ الأزهر معظم حلقات برنامجه الأسبوعي على "الفضائية المصرية" خلال عام 2018 للحديث عن القدس واستعراض تاريخها ومراحل تطورها والقوى التي سعت للسيطرة عليها، مشددا على أن القدس، على مر التاريخ، لم تكن مدينة سلام إلا تحت الحكم الإسلامي.
وخصص الأزهر الشريف ركنا في جناح بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2018 للتعريف بالقدس وهويتها وتاريخها ومقدساتها، من خلال عدد من الكتيبات والأفلام الوثائقية، ونظمت إدارة القوافل الطيبة والإنسانية بالأزهر، قافلتين من المواد الطبية والإغاثية لدعم أبناء غزة، وكانت فلسطين حاضرة دوما خلال معظم لقاءات وجولات وخطابات شيخ الأزهر خلال عام 2018.
كما جاءت جولات الإمام الأكبر الخارجية في عام 2018، انطلاقا من منهج الأزهر الإنساني ورسالته العالمية، التى تحمل السلام لكل بني الإنسان، وتسعى لتشييد جسور التواصل والحوار بديلا عن الجدران والحواجز، لتحقيق الرسالة، التي يحملها الأزهر على عاتقه منذ أكثر من ألف عام.
ودعا الدكتور الطيب في أولى جولاته الخارجية في الرابع عشر من مارس، من العاصمة البرتغالية لشبونة، إلى ترسيخ "فقه المواطنة" بين المسلمين في أوروبا، كخطوة ضرورية على طريق "الاندماج الإيجابي"، كما أعلن فضيلته عزم الأزهر افتتاح قسم للغة البرتغالية وآدابها بجامعة الأزهر، فيما تم في زيارته إلى موريتانيا، التوقيع على برتوكول تعاون بين جامعة الأزهر وجامعة العلوم الإسلامية، وبروتوكول آخر بين جامعة الأزهر والمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية.
كما أكد الإمام الأكبر فى زيارته إلى دول جنوب شرق آسيا، /إندونيسيا وسنغافورة وسلطنة بروناي/، أن وسطية الإسلام، هي ضمان الاعتدال والتَّنوع والقوة، بل هي العاصم من أخطار التشدد والتعصبِ، أو التحللِ من ثوابت الإسلام، وأعلن هدية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية بتخصيص 30 منحة للدراسة في الأزهر الشريف لطلاب وطالبات كلية "دار السلام كونتور للبنات"باندونسيا.
وشدد في سنغافورة على ضرورة الاندماج الإيجابي للمسلمين في المجتمعات التي يعيشون فيها، وأن تكون "الإخوة الإنسانية" هي الرابط الذي يجمع البشر على اختلاف أديانهم وثقافاتهم، وأعلن فى سلطنة بروناي دار السلام الاتفاق على إقامة فرع للمنظمة العالمية لخريجي الأزهر في بروناي، وإقامة مركز لتعليم اللغة العربية، وتخصيص 30 منحة لطلاب بروناي للدراسة في الأزهر، بالإضافة إلى تعيين مفتي بروناي عضوا في مجلس حكماء المسلمين.
كما أجرى فضيلة الإمام الأكبر فى ثالث جولاته الخارجية في عام 2018، إلى بريطانيا، لقاءات مع الملكة إليزابيث الثانية، ملكة المملكة المتحدة، في قلعة وندسور التاريخية، حيث أكد أن الأزهر يفتح نوافذ الحوار مع الجميع لترسيخ قيم السلام والتعايش، فيما أوضحت ملكة بريطانيا أن العالم يعول بشدة على القيادات الدينية من أجل تعزيز السلام العالمي.
كما ترأس الإمام الأكبر وكبير أساقفة كانتربري جولة الحوار الثالثة بين الأزهر والكنيسة الإنجليكانية، والتي أكد، خلالها، أن قادة الأديان يجب أن يجتمعوا في خيمة واحدة عنوانها "الأديان ضرورة للإنسان"، فيما دعا كبير أساقفة كانتربري إلى ضرورة التركيز على ما تضمه الكتب المقدسة من تعاليم تحض على السلام والتعايش.
وزار الإمام الأكبر كازخستان، أكبر جمهوريات وسط آسيا، تلبية لدعوة رسمية من الرئيس "نور سلطان نزارباييف" للمشاركة في افتتاح الدورة السادسة لمؤتمر زعماء الأديان، وشدد الإمام الطيب خلال مشاركته في افتتاح مؤتمر قادة الأديان على أنه لا مفر من العودة إلى الدين كحارس للأخلاق، لحل أزمة عالمنا المعاصر الذي يعاني أزمة شديدة التعقيد مركبة من الألم والتوتر والجزع. وقرر زيادة عدد المنح المخصصة لطلاب أوزبكستان، وتدريب الأئمة الأوزبكيين على كيفية التصدي للأفكار المتطرفة، واستضافة عدد من الطلاب لدراسة اللغة العربية في الأزهر.
كما تم توقيع مذكرتي تفاهم بين جامعة الأزهر وكل من أكاديمية أوزبكستان الإسلامية الدولية ومركز الإمام البخاري للبحوث العلمية خلال زيارة اوزبكستان.
كما أكد فضيلة الإمام الأكبر فى مدينة بولونيا الإيطالية، خلال مؤتمر "الأديان.. والثقافة والحوار"، أن الأزهر يعلم طلابه قيمة احترام ثقافات الشعوب وحرمة الاعتداء عليها.