أكد الدكتور نعيم مصيلحي رئيس مركز بحوث الصحراء، أن الأرض هي مصدر العطاء الدائم لكافة المخلوقات التي تعيش عليها، وهذا ما أكدت عليه جمعية الأمم المتحدة من خلال أهداف التنمية المستدامة العالمية لعام 2030 من وجوب العناية بموارد الأرض وصيانتها وإعادة تأهيل المتدهور منها.
وقال "مصيلحي" في الكلمة التي ألقاها نيابة عن الدكتور عز الدين أبوستيت وزير الزراعة واستصلاح الأراضي خلال احتفالية الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة باليوم العالمي للتربة تحت عنوان "أوقفوا تلوث البيئة"، أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر ومصطلح تحييد تدهور الأراضي الذي جاء لتحقيق الهدف رقم 15 من أهداف التنمية المستدامة، شجع الدول والمنظمات العالمية والإقليمية والوطنية على تطبيق مفهوم تحييد تدهور الأراضي حفاظا على الأرض والنظم البيئية وإعادة تأهيل المتدهور منها لتبقى مصدر خير وعطاء للجيل الحالي وزخراً للأجيال القادمة.
وأضاف أن قضية تلوث البيئة عامة والتربة خاصة من أهم المشاكل التي ترتبط ارتباطا وثيقا برفاهية واقتصاديات الدول سواء المتقدمة أو النامية، حيث أدرك العالم أهمية التخطيط للتنمية المستدامة للحفاظ على الحاضر والمستقبل، بل وعلاج مشاكل الماضي لإعادة الإتزان إلى البيئة ومنظومتها حتى يتعايش معها الإنسان في سلام.
وأشار الدكتور مصيلحي إلى انه في نظرة سريعة على واقع تدهور الأراضي في منطقتنا العربية، نجد أن أراضينا تتصف بظروف مناخية صعبة وموارد مائية محدودة، وقلة الغطاء النباتي وتربة ذات قدرة إنتاجية هامشية، مما يسهم في تسارع تدهور التربة والغطاء النباتيي الطبيعي والتنوع الحيوي، الذي يؤدى إلى انخفاض إنتاجية الأراضي، مهددا حياة الإنسان كمحصلة نهائية لهذا الوضع.
وأضاف أن تلوث التربة الناجم عن الأنشطة بشرية المنشأ أصبح مشكلة واسعة الانتشار ذات تأثير مباشر على جودة الأغذية وسلامتها، ووفقا لتقرير حالة موارد التربة في العالم الصادر عام 2015 والمبادئ التوجيهية الطوعية بشأن الإدارة المستدامة للتربة التي أقرتها منظمة الأغذية والزراعة في ديسمبر 2016، فإن تلوث التربة يمثل أحد التهديدات الرئيسية العشرة التي تواجه الأراضي على مستوى العالم، كما أن القطاع الزراعي وإدارة التربة والمياه، يساهمان في تلوث التربة في العالم، حيث ينشأ تلوث التربة من وجود مادة كيميائية غير مرغوب فيها أو موجودة عند تركيزات أعلى من المعتاد والتي لها تأثيرات ضارة على أي كائن غير مستهدف، ويمكن للملوثات أن تدخل التربة من مجموعة واسعة من المصادر منها على سبيل المثال المدخلات الزراعية ومياه الري والتخلص من النفايات الصلبة والسائلة الخطرة والنشاطات الصناعية، لذلك يعد تلوث التربة خطرا لأنه لا يمكن ملاحظته بشكل مباشر في الحقل، وفي كثير من الحالات لا يمكن إكتشافه وتقييمه في الوقت المناسب قد تتضمن العواقب السلبية حدوث سمية للنباتات وبالتالى تدهور الإنتاجية وتلوث المياه وزيادة المخاطر على صحة الإنسان والحيوان بسبب تراكم الملوثات في السلسلة الغذائية.
وقال إنه بوجه عام في مصر، تعرضت الموارد الأرضية للاستنفاد والتدهور كما ونوعا على مدى العقود الأخيرة، وذلك بسبب العوامل الطبيعية والأنشطة البشرية، وعلى ذلك فإن برنامج العمل الوطني لمكافحة التصحر وتحييد تدهور الأراضي والتأقلم مع تغير المناخ في مصر من 2014 إلى 2024 وكذا رؤية مصر حتى عام 2030 يسيران في اتجاه واحد مع عملية تحييد تدهور الأراضي، وأن أي تدابير يتم اتخاذها في هذا الشأن تقوم على أساس التنمية المستدامة للأرض، والتي تدعم تحقيق المكاسب المرجوة.
وأضاف أنه يمكننا رؤية العديد من التغييرات التي أجريناها على كوكبنا، إلا أن بعض آثارنا السلبية تكون غير مرئية عمليا ، ويعد تلوث التربة مثالا جيدا لذلك فالتربة هي موطن متنامي أكثر تعقيدا لا يزال منتجا فقط عندما يتم رعايتها والإعتناء بها. وعلى ذلك يجب مكافحة تلوث التربة وعلاجها وتقييم وتقليل الأخطار على الأمن الغذائي والصحة البشرية والبيئة. كما يجب إطلاق وتنفيذ الأنشطة الثقافية والإجتماعية والإقتصادية من أجل مكافحة والحد من تلوث التربة ومعالجة المواقع الملوثة، وآن الآوان علينا كمسئولين أن نوجه إعلامنا العربي والأفريقي والعالمي إلى دعوة الشعوب ليكونوا الحل لتلوث التربة.