الإثنين 24 يونيو 2024

قمة الأمل والعمل...

29-3-2017 | 12:52

بقلم  – سناء السعيد

مع افتتاح القمة العربية اليوم الأربعاء فى العاصمة الأردنية عمان يتم الرهان على الأردن؛ حيث يعكس انعقادها أهمية الدور المحورى الذى تضطلع به القيادات الأردنية فى تقريب وجهات النظر ورأب الصدع بين الدول الأعضاء، ويأتى هذا من منطلق الاعتراف بقدر الأردن فى الحفاظ على الأمن والاستقرار من خلال وسطية واعتدال نهجها السياسى على الرغم من الظروف التى تحيط بها، وتكتسب القمة العربية اليوم أهمية كبرى لا سيما مع هذه المرحلة الحساسة ومع التطورات التى تعيشها المنطقة والتحديات التى تواجه الأمة العربية ومنها الأزمة فى سوريا والتى يتعين على القمة اتخاذ إجراءات سياسية حيالها سعيا لحلها. وهناك قضايا أخرى ستكون محل بحث ونقاش تتصدرها الأزمة فى اليمن وفى ليبيا وفى العراق، هذا فضلا عن قضية تتعلق بإصلاح الجامعة العربية.

تطورات كثيرة فى المنطقة يتعين على القمة مجابهتها وتتصدرها المؤامرات التى سلطت على الدول العربية توطئة لاستهدافها فى مقتل عبر الأجندة الصهيو - أمريكية، التى تتطلع إلى تقسيم المنطقة بالإضافة إلى سياسات إسرائيل الدنيئة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة وانتشار الإرهاب الممنهج الذى أشاع الفزع والترويع والذى لابد من مواجهته، ولهذا فإن الآمال تتطلع إلى أن تصبح الأولويات محل اهتمام ومتابعة من خلال قمة تسعى إلى إحلال التوافق؛ إنقاذا للوضع العربى المتدهور حتى يعود العرب إلى رشدهم، وإلى ثوابتهم الأصيلة بحيث لا تصبح مقدراتهم مهدرة عرضة للبيع والشراء والمساومات فى سوق النخاسة.

المرء يتطلع إلى أن تكون قمة عمان العربية قمة لتقريب المواقف ورتق الثغرات وإزالة الخلافات الراهنة بين بعض الدول العربية، وهو ما يدفع الجميع إلى أن يتحلقوا خلف هدف رئيسى واحد ألا وهو تفعيل دور المؤسسات العربية حتى يكون بمقدورها حل الخلافات العربية - العربية لا سيما بالنسبة للأزمة السورية، مع العمل على تطوير العمل العربى المشترك وفق رؤية ثاقبة تتفهم ما ينبغى أن يكون عليه حاضر الأمة ومستقبلها، وهو أمر لن يتأتى إلا من خلال تعاون عربى شامل من أجل حل القضية الفلسطينية ومن أجل إنهاء الخلافات العربية - العربية وتكريس واقع يحقق الوحدة والتضامن ويسعى لتبديد الخلافات.

الجميع يتطلع إلى قمة عمان العربية ويأمل فى أن تكون قمة توافق وتقارب، تنشر ألوية الوحدة وتنزع الخلافات وتعد بمرحلة جديدة لأمة عربية خالدة. قمة قرارات تتخذ ليتم تفعيلها على أرض الواقع بحيث لا يكون مآلها الوضع على الرف، وبحيث لا تكون على غرار القمم العربية السابقة التى أورثت الشعوب العربية اليأس والإحباط من جراء قراراتها التى لا تتجاوز منطق الإنجاز بالكلمات ليس إلا. نريدها قمة عالية الهمة تسجل علامات فارقة فى تاريخ الأمة لا سيما أن المملكة الأردنية هى التى تستضيفها اليوم، ومن ثم يتطلع الجميع إلى أن يكون النجاح هو المردود الطبيعى للجهود الحثيثة التى قام بها الملك عبدالله الثانى من أجل إنجاح هذا الملتقى، وهى الجهود التى جسدتها تحركاته وزياراته لأكثر من دولة ولقاءاته مع قياداتها، فلقد رأينا كيف توجه إلى روسيا وأمريكا ودول أخرى ضمانا لإنجاح القمة.

ولا شك أن قمة عمان تعقد فى ظل تحديات كثر، ويأتى إنعقادها بعد فشل قمة نواكشوط العام الماضى، وبعد قدوم إدارة أمريكية جديدة هى إدارة ترامب المتحالفة مع إسرائيل، وتأتى مع بزوغ دور متنامٍ لروسيا فى المنطقة، وفى ظل ما تقوم به تركيا من مناورات ومؤامرات ضد دول المنطقة، ولهذا فإن المطلوب من القمة العمل على إنهاء الانقسامات العربية، وتبنى آليات تؤدى إلى وضع حد للخسائر الاقتصادية التى لحقت بالعرب فى ظل الظروف السياسية التى تعيشها المنطقة، وهو ما يتطلب أن يكون الموضوع الاقتصادى أحد الملفات المهمة التى يجب طرحها فى القمة، كما يجب أن يوضع فى الاعتبار إصلاح جامعة الدول العربية التى تحتم عليها طبيعة المرحلة مواجهة حقائق الوضع الراهن على كل الجبهات فى المنطقة.

نريد لقمة عمان أن تكون قمة الأمل والعمل معا، وأن تكون السبيل الذى يؤدى إلى سلام المنطقة وازدهارها كى تسلم إلى توافق عربى بناء، ولكى يتأتى هذا يجب وضع حد لفاتورة الصراع السنى - الشيعى الذى زرعت أمريكا نبتته منذ أن قامت بغزو العراق فى مارس ٢٠٠٣ ، واعتمدت على ترسيخ الطائفية المذهبية الإثنية لإشاعة الاقتتال وتمزيق الصف العربى.

ويتم التعويل اليوم على قيادات الأردن وهى المؤهلة لأن تضطلع بدور توفيقى يجمع بين الدول العربية ولا يفرق؛ ولكن يظل الأردن يحتاج إلى دعم اقتصادى وسياسى لمجابهة التحديات وتتصدرها قضية اللاجئين السوريين الذين يستضيفهم الأردن مع ما يواجهه من تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية كبيرة، ويظل المأمول من قمة عمان أن تتحقق معها استعادة روح العمل العربى المشترك، واستعادة هيبة الجامعة العربية لتصبح جهازا سياسيا له حضوره المؤثر فى العمل العربى المشترك، المأمول أن تثبت قمة عمان حضورها الإقليمى والدولى من خلال دور فاعل تضطلع به الأردن لرأب الصدع بين بعض الدول العربية، وأن تحقق اختراقا فى العديد من الملفات. حمى الله الأردن وحمى قياداتها.....