اعتبرت باحثة كلية لندن للاقتصاد، كيو جين،
الحرب التجارية مع أمريكا بمثابة هدية استراتيجية للصين.
وفي مقال نشرته صحيفة "فاينانشيال
تايمز" البريطانية، نوهت الكاتبة عما أثاره تصاعُد حدة التوترات بين الولايات
المتحدة والصين من توقعات بمشاهدة اختبار طويل المدى للقوة، حتى أن البعض حذر من نشوب
حرب باردة جديدة بين القوتين.
وقالت جين إن العكس تماما هو الصحيح؛ ذلك
أن التشاحن حول ممارسات تجارية وحول الملكية الفكرية كفيل بتشتيت الانتباه وتحويل دفته
عن طريق قد تقود إلى صراع أعمق وأشرس بين القوتين.
ورأت الكاتبة أن الصين تتبنى استراتيجية
ذكية عبر تعديل موقفها والموافقة على تقديم بعض التنازلات للولايات المتحدة على نحو
يسد الطريق على الوصول لصدام مباشر؛ ذلك أن المشاحنات تحول دون وقوع صدام دبلوماسي
حقيقي.
واعتبرت صاحبة المقال تلك التنازلات من
جانب الصين بمثابة مكاسب متنكرة؛ لأنها تتماشى مع استراتيجية الصين الطويلة المدى على
الصعيد الاقتصادي .. مشيرة إلى أن بكين تكسب وقتا تواصل فيه توسعها الاقتصادي وإصلاحاتها
وتعزّز وحدتها السياسية، فيما تشهد واشنطن على الجانب الآخر، احتدادًا في التناحر السياسي
الداخلي.
وقال الباحثة إن دونالد ترامب "هدية
استراتيجية" للصين؛ فسياسات الرئيس الأمريكي الداخلية المنقسمة على نفسها تخفض
الثقة داخليا وتشتت التركيز بعيدا عن الصين؛ كما أن سياسات ترامب الإبعادية لحلفاء
أمريكا الأساسيين يقطع الطريق على تدشين تحالفات وشراكات تجارية أمريكية جديدة.
ورأت الكاتبة أن أسوأ كابوس يمكن أن تشهده
الصين هو رئيس أمريكي متبصر ومجتمِع القوى؛ على أن ما يصب أيضا في مصلحة الصين هو أن
ترامب لا يسير على هدي أيديولوجية معينة ولا هو مقيد بالتقاليد والأعراف الأمريكية؛
إنما هو عاقد صفقات يتوق إلى الظهور بمظهر المنتصرين، وفي سبيل إنجاز صفقات قصيرة الأجل
يمكن أن يؤجل ترامب قضايا صعبة تتعلق بالتنافس الاقتصادي والسيادة التكنولوجية.
ومن ثمّ فإن من مصلحة الصين أن يطول أمد
تشاحنها مع ترامب وإشباع رغبته في التباهي إذا كان من شأن ذلك أن يقطع الطريق على الوصول
إلى صراع مميت؛ وما دامت موجات التشاحن بين الولايات المتحدة والصين في مدّ وجزْر فإن
شبح اندلاع الحرب يظل بعيدا.