الإثنين 1 يوليو 2024

قرارات ترامب .. تهدد بالمجاعة وفشل حفظ السلام

30-3-2017 | 10:58

تقرير: يمنى الحديدى

منذ توليه منصبه رسميا فى يناير الماضى وهو لا يهدأ، يصر ترامب أن يفاجئ الجميع دائما بقرارات يصفها البعض بالغريبة، هذه القرارات لا تؤثر فقط على الأمريكيين وحدهم وإنما تؤثر على العالم كله.

آخر هذه القرارات تخفيض الميزانية الخاصة بالمساعدات الخارجية، مما سيكون له أثر كبير على بعض برامج الأمم المتحدة وأهمها مواجهة المجاعات وتمويل قوات حفظ السلام.

حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيوغوتيريس منذ شهر أن ٢٠ مليون شخص سيتعرضون لخطر الجماعة إذا لم تستطع المنظمات التابعة للأمم المتحدة جمع نحو٤.٤ مليار دولار حتى نهاية مارس.

ومع حلول آخر مارس لم تتحصل الأمم المتحدة إلا على عشر المبلغ فقط وهو ما يعادل ٤٢٣ مليون دولار، طبقا لما أعلنه مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للهيئة.

ستعانى أربع دول أخطار المجاعة نتيجة لذلك، على رأسها نيجيريا والصومال وكذلك اليمن وجنوب السودان.

يأتى هذا الارتباك نتيجة لقرار ترامب وإدارته بالتخفيض الحاد للمساعدات الخارجية، مع العلم أن الولايات المتحدة هى أكبر مانح للمعونة الإنسانية، وكان من المفترض أن تمول برامج الغذاء فى الدول الأربع بنحو ٢٢٧ مليون دولار على أقل تقدير هذا العام، وهو مبلغ غير مخصص للمجاعات وحدها.

وفى جنوب السودان تم إعلان المجاعة، ويبدو أن الدور على الصومال التى مازالت تعانى آثار الصراعات التى استمرت لسنوات، حيث تم من قبل فى ٢٠١١ إعلان المجاعة فى الصومال بعد وفاة ٢٦٠ ألف شخص نتيجة للجوع والمشاكل المتعلقة به، والحال لا يختلف كثيرا فى اليمن، والتى يدور فيها صراع بين الحوثيين وقوات التحالف المدعومة من بريطانيا والولايات المتحدة، أما شمال نيجريا ففى طريقها لإعلان المجاعة، لكن سوء الأحوال الأمنية هناك تعوق عمال الإغاثة من تقييم مستويات الجوع فيها.

ولإعلان المجاعة هنالك ثلاثة معايير يتم الاعتماد عليها، أولها أن تكون هناك أسرة بين ٥ أسر فى منطقة معينة تعانى نقصا حادا فى الطعام، وأن يكون نحو ٣٠٪ من السكان يعانون سوء التغذية، ومن بين ١٠ آلاف شخص يموت نحو شخصين كل يوم.

كما خاطب الرئيس الصومالى المنتخب حديثا محمد عبد الله محمد مجلس الأمن يوم الخميس الماضى قائلا إن نصف السكان يعانون نقصا حادا فى الطعام.

من جانبها أكدت الأمم المتحدة أنها تحتاج إلى مبلغ ٤.٤ مليار دولار لتوصيل الطعام والماء النظيف والأدوية الأساسية -كمحلول الجفاف-إلى هذه الدول، ولكن نتيجة لقرار ترامب لم يتم تزويد اليمن سوى بـ ٨٪ فقط من التمويل اللازم، و٩٪ لنيجيريا، ١٨٪ لجنوب السودان، ٣٢٪ للصومال. ومن بين ٢٠ مليون شخص من المتضررين من المجاعة هناك ١.٤ مليون طفل.

الجدير بالذكر أن المبلغ المطلوب قد لا يعنى شيئا بالنسبة لبعض الدول وأولها أمريكا، حيث يمثل المبلغ المطلوب عشر الزيادة التى أقرها ترامب للميزانية العسكرية والتى وصلت الى ٥٤ مليار دولار، وبالنسبة لبريطانيا فهى قريبة من أرباحها التى جمعتها فقط عن طريق بيع الأسلحة للسعودية منذ بداية الحرب فى اليمن، والتى وصلت الى ٤.١مليار دولار-طبقا لأرقام حملة ضد تجارة الأسلحة-.

يحذر عريف حسين الرئيس الاقتصادى لبرنامج الغذاء العالمى من تفاقم الأزمة، حيث تؤجج المجاعات المزيد من الصراعات، كما تدفع مواطنى هذه الدول إلى اللجوء فى بلدان أخرى.

أما ثانى المخاطر التى سيواجهها غوتيريس نتيجة لقرار ترامب فهى احتمالية إعادة النظر وربما إعادة هيكلة قوات حفظ السلام المنتشرة فى العالم. فقد أثار قرار ترامب ذاك رعب الأمم المتحدة منذ أن كان مجرد اقتراح فى يناير الماضى.

فمنظمة حفظ السلام تعد من أكثر منظمات الأمم المتحدة كلفة، وتتكلف ١٦ عملية لحفظ السلام حول العالم حوالى٧.٨٧ مليار دولار، ويتحمل دافعو الضرائب الأمريكيون حوالى ٢٨٪ من هذا المبلغ أى حوالى ٢.٢ مليار دولار.

كما تشارك أمريكا بشكل محدود ضمن هذه القوات، فبين ٩٢ ألفاً من قوة حفظ السلام، هناك أقل من ٧٠أمريكياً بين عسكرى وضابط. وتأتى معظم القوات من أثيوبيا والهند وباكستان، وهى تحصل على حافز مالى للحفاظ على الوضع ضمن البلاد الموجودين فيها، لذا فقلة الموارد المالية نتيجة قرار ترامب قد يؤثر على استمرار هذه القوات فى أعمالها.

من المحتمل أن ينتهى هذا الأمر بتقليص قوات حفظ السلام المنتشرة فى العالم، لا سيما بعد أن طلبت سفيرة الولايات المتحدة فى الأمم المتحدة نيكى هالى من أعضاء مجلس الأمن إعادة النظر فى توزيع قوات حفظ السلام، وما إذا كانت هذه القوات فعلا تحقق الهدف منها، ومن المقرر أن تعقد هذه المناقشة بداية الشهر المقبل.

يتولى غوتيريس شخصيا محاولة حل هذه المشكلة، وذلك بعد أن حذر البعض من أن محاولة تقليص عدد القوات يمثل خطرا على حياة المدنيين فى بعض البلاد. مما قد يؤثر فى النهاية على سمعة المنظمة.

من المتوقع أن تكون دارفور أولى المتضررين من تخفيضات ترامب، ويوجد بها نحو ١٧ ألف جندى وضابط شرطة، وقد تأتى من بعدها جنوب السودان، برغم تحذيرات الأمم المتحدة من وجود خطر ارتكاب إبادة جماعية، بالإضافة أن هناك ٢٠٠ ألف مدنى يحتمون فى قواعد الأمم المتحدة الموجودة فى البلد.

وفى الوقت الذى تطالب فيه هالى بتقليص قوات حفظ السلام وإعادة تنظيمها بما يتناسب مع ظروف اليوم، حذرت فرنسا من أن تخفيض فى المال أو القوات فى الوقت الحالى لا سيما فى الكونغو التى تضم أكبر عدد لقوات حفظ السلام، ويوجد فيها حوالى ١٨.٧٠٠ من قوات الجيش والشرطة، وذلك لأنها على أعتاب انتخابات فى نهاية هذا العام. ووصف فرانسوا ديلاتر سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة ما يحدث بأنه لعب بالنار، وقال إن تخفيض أعداد القوات لن يمكنها من التدخل فى حال حدوث الكارثة، وحذر من أن يأتى إعادة تنظيم القوات على حساب المدنيين.