الأربعاء 15 مايو 2024

عيدٌ قصير لا يكفيني

30-3-2017 | 11:06

هيفين تمو - شاعرة كردية سورية مقيمة في ألمانيا

على الرغم من ثورات الربيع العربي وخروج الأصوات المنادية بالحرية ونبذ الاستبداد بكافة أشكاله وحتى فيما يخص نظرة المجتمع للمرأة وتحسين وضعها والعمل عليه وما يرافقه من تغيرات جذرية، وخلق واقع جديد، إلا أن هذه المجتمعات في ظل الثورات وقدرتها على التعاطي بمرونة واضحة للمفاهيم الثقافية وللمرأة خاصة لم تتحقق بالشكل المطلوب.

   في زمن الثورات والمظاهرات السلمية والحراك الثوري كان هناك ادعاء على النساء بالتخلي عن أدوارهن كأمهات وبنات، حتى إنها شهدت صراعات اجتماعية طالت أخلاقها كناشطة وكذات إنسانية تعلن عن نفسها رغم تعسف قوى العنف ضدها.

   نجاح هذه الثورات أو فشلها يتوقف على قدرة تغير آلية تفكير المجتمع والبنية الثقافية حول الموقف من المرأة، وإزالة مقولة إن المرأة كائن عاطفي غير عقلاني، وإنها ضمن لوحة شائكة لا تتضح معالمها إلا في ظل وصاية الرجل.

   كما أن الأفكار السلفية التي ظهرت كخيبة أمل بدأت تلوح للمرأة بعد انهيار أنظمة الاستبداد والتي تعتبر من الانتكاسات الثقافية في زمن الثورات. المرأة ورغم المنعطفات التي حاربت وجودها كجزء لا يتجزأ من المجتمع استطاعت أن تكتب بأصابعها، وأن ترفع صوتها، وهذا ما مكنها من استخدام أدوات اللغة والعمل على ثقافتها ووعيها حتى وإن قوبل بالنقد الجارح الذي يحط من قيمتها.

  ماذا تحتاج المرأة؟

   ما نحتاجه هو صحوة للمجتمع من دون الاستسلام للعتمة، مواجهة الحقيقة ومشاركة المرأة وتفعيل دورها ككيان يضمن حمايتها بشكل أفضل، ويتم النظر إليها كجزء من الكل، كجزء فاعل يستعيد عافيته من رحم وجوده الثقافي.

   أعتقد أن المرأة تجاوزت كل البدايات السطحية والمرعبة، وهذا ما مكنها من الدخول في تفاصيل عميقة وحقيقية أكثر من خلال فهمها التجارب الحسية الواقعية.

    يبقى السؤال: متى تتغير البنى الثقافية والاجتماعية المتسلطة والتي لها دور أساسي في تدمير الموروث المتخلف ومواجهة هذا الوضع، والذي لن يكون سهلا أبدا؟

رسائل

جدتي بشعرها الفاحم

وهي تدفن رائحة جديلتها تحت شبّاك أزرق

نهضت بصوتها

الضاحك في ظلام

وعبرت المسافة كطائر محدودب

جدتي ولأسباب تخصها

بقيت امرأةً باهتة

*

ما الذي كنت أبحث عنه

حين كانت أصابعي خطيئة

وجسدي مغطى بالرمل

وما الذي تبحث عنه

حين كانت أظافركَ تحتفل

 بآثارها على جسدي

*

لا تدس في جيبك ظلي

وأنت تسير بيديك العالقتين في طين الأوهام

*

أنا كامراة أحتضن النافذة

كطوق نجاة يتضاعف تحت الشمس

وحين يهبط الليل

إذ تتعب يداي

أمرر لكل الجهات مفاتيحها

*

ذلك الجسد الذي يظلله عمودكَ الفقري

بدأ كعلامة استفهام

مفقودة بين واجباتك المدرسية

يمكنك أن تسمع هذيانها

   في وجهي

*

عيدٌ قصير لا يكفيني

لأتنفس بعد عناقٍ طويل

عيدٌ يلمعُ

في منتصف العمر

وشجرة تصرخ في العالم

أنا امرأة

لا تريد إلا الحياة

امرأةٌ تنبتُ بين أمنياتك الصغيرة

أنفاسك العميقة

عروق جبينك الطرية

امرأة تنتظر خلف الشباك الأزرق

أن تترك الباب مواربا

أمامها

وهكذا دون أن تشعر

يكون عيدها.

    Dr.Radwa
    Egypt Air