قال مشرعون وخبراء كوريون جنوبيون، إن مطالبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتحمل كوريا الجنوبية جزءا أكبر من تكاليف استضافتها للقوات الأمريكية يؤدي إلى توتر التحالف بين البلدين، ومن المحتمل أن يخدم كوريا الشمالية قبيل قمة ترامب الثانية مع زعيمها الشاب كيم جونج أون.
وفي تقرير بعنوان "تحديات ترامب الكورية المزدوجة.. المحادثات مع الشمال والجمود بشأن نفقات القوات الأمريكية مع الجنوب"، رصدت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية آراء الخبراء والمشرعين الكوريين الجنوبيين حول عدم توصل واشنطن وسول إلى اتفاق بشأن تقاسم نفقات القوات الأمريكية المتمركزة في شبه الجزيرة الكورية وأثره على القمة الأمريكية الكورية الشمالية الثانية التي أعلن عنها البيت الأبيض الجمعة الماضية.
وبحسب الصحيفة ، تستضيف كوريا الجنوبية حوالي 28 ألفا و500 جندي أمريكي في أكثر من 20 موقعا، وبلغت حجم مساهمتها في نفقات القوات حتى نهاية العام الماضي 855 مليون دولار أمريكي، لكن اتفاقية تقاسم النفقات بين واشنطن وسول انتهت صلاحيتها بنهاية العام الماضي، بعد 10 جولات من المفاوضات تركت - على حد تعبير مسؤول في وزارة الخارجية الكورية الجنوبية - "فجوة ضخمة" بين الجانبين.
ويشعر المشرعون والخبراء الكوريون الجنوبيون بالقلق من أن ترامب تستحوذ عليه فكرة دفع سول المزيد إلى الدرجة التي قد تجعله يتخذ خطوة لسحب بعض القوات دون سابق دراسة في حال عدم التوصل إلى اتفاق.
ويقول الخبراء إن ذلك قد يكون بمثابة هدية غير مباشرة إلى الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، مقوضا بذلك إحدى أهم الأوراق التي بحوزة الولايات المتحدة في المفاوضات بشأن البرنامج النووي الكوري الشمالي.
وصرح مستشار الأمن القومي للرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن تشونج أوي يونج للصحفيين في وقت سابق من هذا الأسبوع " نواجه صعوبات نظرا لأن الجانب الأمريكي طرح بشكل مفاجئ شرطا غير مقبول تماما بالنسبة لنا في آخر مرحلة من المفاوضات".
لكنه قال إنه ما زال يعتقد أن الجانبين يمكن أن يتوصلا لاتفاق "معقول"، كما ما يزال كثير من الخبراء يتوقعون أن أزمة سيتم تلافيها.
ومع هذا، لا شك في أن المخاطر تتزايد خاصة في حال عدم التوصل إلى اتفاق قبل قمة ترامب المحتملة مع كيم والتي أعلن عنها الجمعة الماضية عقب استقبال ترامب لكيم يونج تشول المبعوث الكوري الشمالي.
ونقلت الصحيفة عن مستشار أمن وطني سابق في سول يدعى تشون يونج وو قوله إنه قلق للغاية، ويعتقد أن الخطر المترتب على فشل المفاوضات يتم التقليل من أهميته على نطاق واسع.
ويقول مشرعون من لجنة الشؤون الخارجية والوحدة في البرلمان الكوري الجنوبي المنوط بها إقرار أي اتفاق - بعد أن اطلعوا على المفاوضات - إن الولايات المتحدة طلبت في البداية أن تزيد كوريا الجنوبية مساهمتها لقرابة الضعف لتصل إلى 1.6 مليار دولار لكنها خفضت هذا المبلغ لاحقا إلى 1.2 مليار دولار، فيما لايزال هناك لبس يحيط بتعريف الجارة الشمالية لمفهوم نزع السلاح النووي.
وعند رفض الجانب الكوري الجنوبي هذا الرقم أيضا خفضت واشنطن مطالبها المالية لكنها اقترحت أن يتم تمديد الاتفاق لمدة سنة واحدة فقط بدلا من خمس سنوات كما هو معتاد.
كما اقترحت الولايات المتحدة أن تغطي كوريا الجنوبية بعض التكاليف التشغيلية المترتبة على الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، ومن بينها عمليات نشر حاملات الطائرات، وهو ما وصفه المشرعون الكوريون الجنوبيون بغير المقبول.
ولا تعد هذه المرة الأولى التي تتجاوز فيها مفاوضات تقاسم التكاليف الموعد المحدد لها، فعقب انتهاء صلاحية الاتفاقية السابقة في ديسمبر 2013، لم تدخل اتفاقية جديدة حيز التنفيذ حتى يونيو من العام التالي.
لكن كيم داي جونج، وهو مشرع من حزب العدالة الكوري الجنوبي ذي الميول اليسارية، يرى إن المخاطر أعلى هذه المرة نظرا لتوجهات ترامب "الانعزالية"، ورغبته الواضحة في إعادة المزيد من القوات الأمريكية إلى الديار.
وفي بيونج يانج، من المرجح أن يكون الزعيم الكوري الشمالي سعيدا بأي تلميح باحتمال خفض أعداد القوات الأمريكية، بحسب الصحيفة.
ونقلت عن المستشار السابق تشو قوله "إن انسحاب القوات الأمريكية هي أهم ورقة يتم استخدامها لدفع كوريا شمالية إلى نزع السلاح"، لافتا إلى أن أكثر ما يقلقه هو أن ترامب سيحرق هذه الورقة دون أن يستخدمها؛ ففي حال قرر سحب القوات الأمريكية بدافع الاستياء دون أن يفكر في كيفية ربط هذا الأمر بمفاوضات نزع السلاح، فستصبح الورقة غير صالحة.