الخميس 13 يونيو 2024

أردوغان يهرب من التحقيق في اغتيال الصحفي هرانت دينك

22-1-2019 | 23:06

صوت البرلمان التركي ضد إجراء تحقيق برلماني لتسليط الضوء على اغتيال الصحفي التركي الأرمني هرانت دينك الذي قتل في 19 ديسمبر 2007. 


كان دينك رئيس تحرير صحيفة أكوس مدافعا عن المصالحة بين الأتراك والأرمن، وقتل بالرصاص خارج مكتبه على يد أوغون ساماست، الذي كان مراهقا في ذلك الحين، والذي يصف نفسه بأنه قومي تركي. 


وشارك أكثر من 100 ألف شخص في تشييع جنازة دينك. 


وهتف المشيعون "كلنا أرمن"، في استعراض استثنائي للتعاطف مع الصحفي. 


وهذا العام، من المتوقع أن يحتشد الآلاف مجددا خارج مكاتب أكوس في الذكرى الثانية عشرة لاغتياله.


ودائما ما كان دينك ينتقد إنكار تركيا لاعتبار القتل الجماعي للأرمن على يد القوات العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى يشكل إبادة جماعية وكذلك لحملة أرمن الشتات للاعتراف الدولي بذلك. 


وحوكم الصحفي ثلاث مرات بتهمة تشويه صورة الدولة التركية وتلقى العديد من التهديدات بالقتل من قوميين أتراك بعدما كتب سلسلة من المقالات بشأن الهوية الأرمنية.


وكتب دينك في آخر مقال له والذي نُشر يوم مقتله "أشعر كما لو كنت حمامة،  أجوب هذه المدينة مضطربا، أراقب ظهري على الدوام، مترددا جدا ولكن حر للغاية".


وقرأ جارو بايلان، العضو الأرمني في البرلمان عن حزب الشعوب الديمقراطي المعارض، ذلك المقال قبل طرح طلبه لإجراء التحقيق للتصويت يوم الخميس. 


وقال خوسروف دينك، شقيق هرانت، إنه قبل نحو 12 عاما شعر بالقلق بعدما قرأ نفس المقال وحاول الاتصال بشقيقه. وبعد ساعات، تلقى خوسروف اتصالا يبلغه بأن هرانت قد أصيب الرصاص.


عندما قُتل دينك، تعهد رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء في ذلك الحين والرئيس الحالي للبلاد، بأن "جريمة القتل لن تضيع في أنفاق أنقرة المظلمة". لكن بعد 12 عاما، لا تزال محاكمة ضباط الشرطة المتهمين بالتواطؤ في القتل مستمرة.


ومقتل دينك هو أحد أكثر المحاكمات السياسية ظهورا وحساسية التي تشهدها تركيا في السنوات القليلة الماضية. لكن التحقيق في الاشتراك المزعوم للشرطة في قتل دينك أصبح على ما يبدو ضحية صراع سياسي. 


في البداية، ربط الادعاء العام القتل بمؤامرة علمانية قومية عرفت باسم أرغينيكون. وتم إسقاط تلك القضية في عام 2014 بعد انهيار التحالف الإسلامي بين أردوغان وأتباع حركة غولن التي تقول الحكومة إنها سعت لتنفيذ محاولة انقلاب في عام 2016. 


ويبدو أن مؤامرة أرغينيكون كان قد اختلقها ممثلو ادعاء موالون للداعية فتح الله غولن، زعيم حركة غولن المقيم في الولايات المتحدة، كوسيلة لإقصاء المعارضين العلمانيين في الجيش والمؤسسة المدنية. 


والآن، فقد وُجه الاتهام للقضاة الأصليين وأفراد الشرطة في القضية بالانتماء إلى حركة غولن، وتحقق مجموعة جديدة من ممثلي الادعاء في صلات محتملة بين القتلة وأتباع غولن. ويخشى منتقدون أن يفلت المسؤولون الحقيقيون من العدالة. 


وقال خوسروف دينك "لا نتوقع العدالة، في نهاية الأمر سيتم سجن البعض، سيبقون خلف القضبان لعشرات السنين ثم يُطلق سراحهم. هذه ليست عدالة بالنسبة لنا". وأضاف أن ثقافة التعايش مستحيلة، دون التصدي لجرائم الماضي. 


وأضاف "العدالة بالنسبة لنا تعني تحقق الديمقراطية في تركيا، وأن يتم منع جريمة قتل أخرى على أساس هذه العقلية". 


برغم ذلك يقول نشطاء مدافعون عن حقوق الإنسان إن تركيا انحرفت أكثر خلال الاثني عشر سنة الماضية بعيدا عن القيم الديمقراطية. 


وعملت عائلة هرانت وأصدقاؤه بلا كلل من أجل إبقاء ذكراه حية ولكي يظل اهتمام العامة مسلطا على قضية القتل. 


وأصبحت جمعية هرانت دينك، التي تأسست بعد مقتله، إحدى المنظمات الرائدة في تركيا التي تروج للسلام والمصالحة. والجمعية مشغولة هذه الأيام بتحويل المقر القديم لصحيفة أكوس إلى متحف، من المقرر افتتاحه في أبريل تحت اسم "متحف 23.5 هرانت دينك".


ويأتي الاسم من مقال كتبه دينك في عام 1996 بعنوان "23.5 أبريل" والذي قال فيه إن تركيا عالقة نفسيا بين عيد الطفولة والسيادة الوطنية في 23 أبريل ويوم ذكرى إبادة الأرمن في 24 أبريل.


وعلى غرار غيره من المواقع التذكارية في العالم، سيعمل متحف دينك على التذكير بالماضي المعقد والعنيف والصدمات والجرائم ضد الإنسانية. 


وقال خوسروف دينك "لا يوجد انتقام أو ضغينة، وإنما مواجهة. يجب أن نترك برامجنا الخاصة وراءنا ونتخذ الحقيقة مرجعا. يجب أن نخلق لغة السلام معا من أجل سعادة الإنسانية دون التطلع إلى أي مصلحة مادية".