كانت لتضحيات رجال
الشرطة على مدار السنوات الماضية دورا بارزا في نجاح الدولة في استكمال مسيرة البناء
وتحقيق الأمن، ففي السنوات الخمس الماضية نجحت مصر في خوض معركتي البناء والقضاء على
الإرهاب في مسارين متوازيين، لتحقق في كليهما نجاحات منها القضاء على البنية التحتية
للإرهاب في معركة يخوضها جناحي الأمن القومي في مصر القوات المسلحة والشرطة.
وكذلك الإصلاح
الاقتصادي وخوضها برنامجا للإصلاح بدءا من 2016، وحققت فيه نجاحات بشهادات المؤسسات
الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد ومؤسسات التصنيف العالمي، فيما أكد خبراء اقتصاديون
أن النجاح الأمني عمل على طمأنة المستثمرين وتشجيعهم، وخاصة أن الاستقرار السياسي والأمني
هما عاملان مشجعان للاستثمار سواء المحلي أو الأجنبي.
الاستقرار السياسي
والأمني
الدكتور علي الإدريسي،
الخبير الاقتصادي، قال إنه لا يوجد تقدم في الشأن الاقتصادي أو معدلات الاستثمار في
أية دولة إلا بتحقيق الاستقرار السياسي والأمني، مضيفا أن هذين العاملين هما أهم المحددات
التي تشجع المستثمر المحلي أو الأجنبي على الاستثمار في الدولة.
وأوضح الإدريسي،
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أنه مع تحسن المستويات الأمنية تدريجيا يتشجع المستثمر لضخ استثمارات جديدة في الدولة أو
عودة رؤوس المال الهاربة أو توسيع الاستثمار القائم بالفعل، مضيفا أن هذا ما حدث في
مصر خلال السنوات الماضية فخلال الفترة من عام 2011 حتى النصف الأول من 2014 كانت الظروف
الأمنية صعبة ما أدى لتراجع الاستثمار.
وأشار إلى أنه
مع تحسن الوضع الأمني ونجاح قوات الشرطة والقوات المسلحة في التصدي للعمليات الإرهابية
تحسن حجم الاستثمار وعادت رؤوس المال والشركات العملاقة ومنتظر المزيد من مثل تلك النجاحات
خلال الفترة المقبلة، لأن هذا يعطي رسالة طمأنة وتشجيع للمستثمرين والشركات الكبرى
بتحسن الوضع في مصر.
وأكد أن العامل
الأمني والاستقرار ساهم في استكمال مصر لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والقرارات الجريئة
التي تأخرت لنحو 50 عاما وكان المواطن المصري واعٍ لتقبلها، مضيفا أن هذه العوامل كلها
نجحت في تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي خلال عام 2018 مقارنة بالوضع في 2014.
وأضاف أن هذا التحسن
بشهادة مؤسسات التصنيف العالمية كموديز وفيتش وستناندرد آند بورز، وكذلك البنك الدولي
وصندوق النقد الدولي وهي كلها مؤسسات لا تجامل إنما تصدر تقارير تؤكد تحسن الوضع، مشيرا
إلى أن مصر مستمرة لاستكمال الإصلاح الاقتصادي والمتوقع انتهائه منتصف العام الجاري.
ولفت الخبير الاقتصادي
إلى أن هناك العديد من التحديات التي تعمل مصر على مواجهتها في مجالات الصحة والتعليم
وبناء الإنسان وكذلك خفض معدلات التضخم ومستويات الدين والبطالة وتقليلهم إلى معدلات
أقل مما هي عليه، مضيفا أنه لولا معاناة الاقتصاد العالمي من مشاكل وحالة تباطؤ وأزمات
الأسواق الناشئة والحرب التجارية بين أمريكا والصين لتحسن الوضع الاقتصادي المصري بشكل
أفضل وحققت نجاحات أعلى.
وأكد أن عام
2019 سيكون أفضل بفضل الاستقرار السياسي والأمني وثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد
المصري والذي أدى إلى عودة شركة مرسيدس وهي رسالة واضحة لكثير من المستثمرين وحافز
لعودة الشركات العملاقة، مضيفا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يتابع هذا الأمر بنفسه
ويلتقي بالشركات الكبرى بشكل مباشر طوال الوقت مما يعمل على طمأنتهم وتشجيعهم.
تطوير البنية التحتية
واتفق معه، الدكتور
صلاح الدين فهمي، أستاذ اقتصاد بجامعة الأزهر، قائلا إن التحسن الاقتصادي يسير بالتوازي
مع الاستقرار الأمني والسياسي، مضيفا أن الدولة عملت منذ آخر 2016 على تطبيق برنامجا
للإصلاح الاقتصادي حقق نجاحات على مستوى المؤشرات بالتوازي مع ذلك كان العام الماضي
هو عام القضاء على الإرهاب في سيناء وكافة الأنحاء.
وأوضح فهمي، في
تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الرئيس وضع قاعدة لقيادة عمليات شرق القناة في
سيناء ونجحت الدولة في اقتلاع الإرهاب من جذوره بفضل قوات الجيش والشرطة وتضحياتهم،
مضيفا أن ذلك أعطى فرصة للدولة أن تتفرغ لعملية التنمية الاقتصادية لأن التفكير الاقتصادي
السليم بدأ بعد القضاء على الإرهاب.
وأشار إلى أن هذه
النجاحات ساهمت في تطوير البينة التحتية بتنفيذ شبكة طرق ضخمة وموانئ للتصدير وإنشاء
مدن جديدة أبرزها مدينتي العلمين والعاصمة الإدارية الجديدتين، وكذلك المشروعات التنموية
كقناطر أسيوط الجديدة وافتتاح ثلاث محطات كهربائية عملاقة والنجاح في تحقيق الاكتفاء
الذاتي من الغاز وتقليل عجز الموازنة.
وأكد أن كل هذا
لم يكن ليتحقق إلا في ظل الاستقرار السياسي والأمني بالبلاد، فالعلاقة بين الاستقرار
السياسي والتقدم الاقتصادي طردية، مشيرا إلى أن هذا انعكس على حياة المواطنين سواء
في شعورهم بالأمن أو مدى توافر الخدمات بعد الأزمات التي شهدوها في صيف 2013 من انقطاعات
متكررة للتيار الكهربائي وأزمات الأنابيب وازدحام للطرق.
وأضاف أستاذ الاقتصاد
أن برنامج الإصلاح الاقتصادي عمل على تقليل عجز الموازنة وعجز الميزان التجاري واستقرار
سعر الصرف بفضل تعويم الجنيه، موضحا أن ذلك ساعد على عودة الشركات العملاقة التي انسحبت
من السوق المصري وأبرزها مرسيدس للسيارات بعد أن شعروا أن مناخ الاستثمار جيد وسعر
الصرف مستقر.
وألمح إلى أن المواطنين
سيدركون ثمار هذا الإصلاح خلال عامي 2019 و2020، وذلك بتقديم خدمات أفضل، بعد التوسع
في تطبيق الشمول المالي والتحول للاقتصاد الرقمي.