الثلاثاء 28 مايو 2024

«ماكرون والسيسي» وقمة الشراكة الإستراتيجية.. باريس تعتبر القاهرة محور استقرار الشرق الأوسط.. وتوقيع 30 اتفاقية تعاونية.. إطلاق العام الثقافي بمناسبة مرور 150 عاما على افتتاح قناة السويس

تحقيقات26-1-2019 | 13:56

يصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، غدا الأحد، العاصمة المصرية القاهرة في زيارة تستغرق ثلاثة أيام، يأمل من خلالها تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع البلد العربي الأكبر، لبحث سبل تعزيز التعاون في مجال الاستثمارات بين البلدين والحليف الضروري لباريس التي تعتبره قطباً للاستقرار في الشرق الأوسط.

 

وتكتسب هذه الزيارة أهمية كبرى، حيث تأتى فى الوقت الذى يشهد فيه البلدان تطورا غير مسبوق فى العلاقات الثنائية، كما تتزامن الزيارة مع بداية العام الثقافي "فرنسا - مصر 2019"، والذي أطلق بقرار من رئيسي الدولتين بمناسبة مرور 150 عاما على افتتاح قناة السويس.

 

ويلتقي الرئيس الفرنسي فى اليوم الثاني للزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي، كما يحضر الرئيسان عشاء عمل مع رجال الأعمال لمناقشة سبل تعزيز التعاون الاقتصادي المشترك.

 

وتعتبر هذه الزيارة إحدى الرحلات الخارجية النادرة في بداية العام الحالي للرئيس الفرنسي، الذي يركّز جهوده منذ أكثر من شهرين على الأزمة الاجتماعية لحركة «السترات الصفر».

 

30 اتفاقية ومذكرة تفاهم

ويعكس بقاء الزيارة ضمن جدول أعمال ماكرون الأهمية التي توليها فرنسا لمصر، والتي تشكّل ضرورة قصوى لأمن واستقرار الشرق الأوسط وأوروبا، بحسب تأكيد الرئاسة الفرنسية.

 

وتشهد الزيارة توقيع أكثر من ٣٠ اتفاقية ومذكرة تفاهم وعقدا فى مجالات الصحة والطاقة والنقل والبنية التحتية والتعليم.

 

كما ترى باريس في مصر سوقاً ضخمة، خصوصاً وأنّها تحتلّ المرتبة 11 في الشراكة معها.

 

وقد تمّ تحقيق تقدّم في السنوات الأخيرة خصوصاً في مجال الأسلحة التي بلغت قيمة عقودها ستّ مليارات يورو منذ عام 2015.

 

وتعد الزيارة الأولى للرئيس الفرنسي منذ توليه مهام منصبه عام 2017 رئيسا للجمهورية الفرنسية، والتي تستمر لمدة 3 أيام يستهلها بجولة في معبد أبوسمبل بأسوان بصحبة زوجته برجيت ماكرون، وذلك في إطار الاحتفال بالذكري الخمسين لنقل المعبد إلى مقره الجديد.

 

دعم السياحة

ومن المقرر أن يغادر ماكرون أبوسمبل إلى القاهرة، مساء الأحد، للقاء عدد من المثقفين والفنانين المصريين لتبادل الحوار مع الرموز المصرية، في إطار العام الثقافي المصري الفرنسي.

 

ويبدأ اليوم الثاني للزيارة بلقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي كما يحضر الرئيسان عشاء عمل مع رجال الأعمال لمناقشة سبل تعزيز التعاون الاقتصادي المشترك.

 

ومن المقرر أن تجري مباحثات مع بعض وزراء المجموعة الاقتصادية، كما تشارك في منتدى استثماري بحضور عدد من الوزراء ورجال الأعمال بالبلدين، وعشاء عمل يحضره عدد من ممثلي مجلس الأعمال المصري الفرنسي.

 

لقاءات مكثفة

ومن المقرر، أن يلتقي ماكرون القيادات الدينية الإسلامية والمسيحية، حيث يزور مشيخة الأزهر ويلتقي الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، كما يزور كاتدرائية العباسية للقاء البابا تواضروس كما يعقد حوار مع الجالية الفرنسية بمصر.

 

كما يجري الرئيس الفرنسي مباحثات مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالإضافة إلى لقاءات مع كبار المسؤولين لتناول عدد كبير من الملفات السياسية المهمة بالنسبة للبلدين.

 

وسيرافق الرئيس الفرنسي وفد كبير من رجال الأعمال الفرنسيين، حيث سيتم عقد لقاءات اقتصادية بين المجموعات الاقتصادية الفرنسية والمصرية.

 

الشركات الفرنسية تحقق معدلات نمو سريعة بلغت 30%.

 

أكد سفير مصر بباريس ومندوبها الدائم باليونسكو، السفير إيهاب بدوي، أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى القاهرة هي إنعكاس للعلاقات الممتازة بين مصر وفرنسا وما شهدته من تطور وتنوع منذ عام 2014.

 

وأبرز السفير إيهاب بدوي - في حوار أجرته معه مجلة (لوبينيون) الفرنسية بمناسبة الزيارة المرتقبة للرئيس إيمانويل ماكرون إلى القاهرة - التعاون بين البلدين في مجالات عديدة بينها النقل والري والصناعات الغذائية، وكذلك ما تحققه الشركات الفرنسية العاملة في مصر من معدلات نمو سنوية مرتفعة تصل إلى %30 ، مشيرا إلى انفتاح السوق المصري أمام كافة المنتجات الفرنسية المعروفة بجودتها ، والى الصورة الطيبة لدى المصريين عن فرنسا التي تعاونت لإنجاز مشروع مترو الأنفاق في مصر ، وكذلك لما لها من مواقف سياسية معروفة ومستقلة ، لا سيما معارضتها لغزو العراق.

 

وعبر السفير إيهاب بدوي عن تقديره للاهتمام الفرنسي بمشروع المتحف المصري الكبير ، معربا عن أمله في أن يشهد هذا الصرح الثقافي المصري العظيم، المقرر افتتاحه في عام 2020، حضورا وإسهاما فرنسيا هاما.

 

القضايا الإقليمية

ولفت بدوي إلى أن الوضع في المنطقة في غاية الصعوبة، لا سيما وأن مصر لديها حدود مشتركة مع ليبيا تمتد لنحو 1200 كلم ، مؤكدا أنه باستثناء مصر لم يعد هناك تقريبا دول مستقرة في المنطقة ، مشيرا إلى الأزمات في سوريا، وكذلك في العراق التي تسعى لاستعادة استقرارها.

 

وأضاف أن مصر ، بتعداد سكانها البالغ مئة مليون نسمة، كادت أن تسقط خلال الفترة من 2011 إلى 2013 ، وهو ما كان سيفضي إلى تداعيات سيئة للغاية في المنطقة.

 

وقال إن مصر وفرنسا تعملان سويا في الملف الليبي، وبينهما تطابق شبه تام في وجهات النظر حول الحاجة لاستعادة الاستقرار في ليبيا وتأمين حدودها البرية والبحرية والقضاء على الإرهاب الذي تعاني منه المنطقة.

 

إرساء عمليات السلام

وحول دور مصر في دفع عملية السلام في الشرق الأوسط، أشار بدوي إلى أن مصر تسعى منذ نهاية سبعينات القرن الماضي إلى إرساء السلام باعتباره الخيار الوحيد الممكن ، حتى وإن كانت الظروف ليست بالضرورة مهيأة لذلك ، مشددا على الحاجة إلى أن تبدي كافة الأطراف المعنية ، وكذلك الرأي العام الإسرائيلي في غالبيته العظمى، الرغبة في إحلال السلام، وعلى شرط تحقيق المصالحة الفلسطينية حتى يتسم المسار التفاوضي بين إسرائيل والفلسطينيين بالجدية.

 

وفيما يتعلق بأولويات مصر خلال رئاستها الدورية للاتحاد الأفريقي في فبراير المقبل، وما إذا كان هناك تطابق في وجهات النظر مع فرنسا إزاء الملفات الأفريقية الكبرى ، أكد السفير إيهاب بدوي أن أولويات مصر هي نفسها أولويات الدول الأفريقية التي تريد بشدة إحراز تقدم حقيقي في إحلال السلام والأمن في ظل التحديات الأمنية التي تواجهها ، مؤكدا سعي مصر نحو العمل لتنمية التعاون الاقتصادي بين البلدان الأفريقية عبر الاستفادة الفعلية من المناطق الاقتصادية للتبادل الحر، بغية توفير حياة أفضل لأبناء القارة الإفريقية.