رصدنا فى الجزء الأول ظهور بعض الصور والمشاهد التى تؤكد قيام عبد الحليم حافظ بالمشاركة فى فيلم "دعنى لولدى" الذى لم يخرج للنور، ونستكمل إلقاء الضوء على فيلم آخر، كان من المقرر أن يخرج للنور، لكن شابه بعض البطء وأوقفته العقبات.
مشروع فيلم "لا"
سعى عبد الحليم حافظ فى مشواره السينمائى من بداياته الأولى حتى آخر فيلم قام بتمثيله إلى ترسيخ صورة معينة له فى ذهن جمهوره ومحبيه، وهى صورة الشاب العاطفى الرقيق.. ولو دققنا فى الشخصيات التى أداها فى أدوره فى الـ16 فيلماً التى مثلها لوجدناها متقاربة، وتلك ملحوظة ربما تؤكد لنا سر عدم خروج أحد مشاريعه الفنية للنور وهو فيلم "لا" الذى كان ينوى حليم القيام ببطولته مع سعاد حسنى، ولكن تم استبدالها بنجلاء فتحى، عن قصة الكاتب الكبير مصطفى أمين، ومن الطريف أنه كتب قصة "لا" وهو فى السجن، وكلما انتهى من جزء، أرسله مع الكاتب اللبنانى سعيد فريحة لحليم، فقد كان همزة الوصل بين مصطفى أمين وحليم، وكان دائم الزيارة له للاطمئنان عليه وللحصول على ما أنجز من قصة "لا"، وبالفعل تم إعداد سيناريو الفيلم بعد الحصول على القصة كاملة، من خلال السيناريست حسن فؤاد الذى وضع السيناريو والحوار للفيلم، وراعى رؤية حليم للسيناريو، بأن تذاع أغانى الفيلم كخلفية أثناء تمثيله أو أثناء أحداث الفيلم.. وتم الاتفاق بين حليم والمخرج الجزائرى أحمد راشدى الصديق المقرب من حليم على إخراجه، حيث استدعاه حليم إلى لندن بعد خروجه من المستشفى وأتى راشدى من باريس للقاء حليم فى أحد الفنادق، وطلب منه أن يقضى معه أسبوعاً فى لندن، وقام بتصويره فى عدة مشاهد فى روابى خضر أثناء فترة النقاهة.. وتم تحديد موعد البدء فى تصوير الفيلم بعد حفل شم النسيم الذى قرر فيه حليم آنذاك أن يغنى أغنية من غير ليه.
كان الراشداى حريصًا على أن يصحب معه كاميراته السينمائية فى كل لقاءات عبد الحليم، وكان قد صوّر كثيرًا من المشاهد الحية لحليم من قبل، فى القاهرة ولندن وباريس، وكان من المقرر أن يتم دمج تلك المشاهد فى فيلم "لا" حسب اتفاق حليم وراشدى.. إذن هذا يدل على أنه بالفعل تم تصوير بعض المشاهد من الفيلم والتى رضا عنها حليم وقرر أن يتضمنها فيلم "لا".. لكن الأمر شابه بعض البطء والتردد؛ لأن تلك المشاهد تم تصويرها فى سنوات.
رحل حليم ولم يمهله القدر لتنفيذ مشروع الفيلم، فقد صرح أحمد راشدى بأن حليم كان معافى عندما التقى به فى لندن، وأنه كان فقط يعانى من جلطة فى الساق، ولكن تلك إرادة الله، وظلت فكرة تنفيذ الفيلم قائمة عند المخرج أحمد راشدى بعد رحيل عبد الحليم حافظ، وقد رشح الفنان عزت العلايلى للقيام بالبطولة، وسعد العلايلى بهذا الترشيح وتمت عدة اجتماعات بينه وبين الراشدى للتنسيق والإعداد لتصوير الفيلم.
كان قد مر وقت طويل على شراء حليم لقصة فيلم لا، مما دعا التليفزيون المصرى لأن يقطع أمر ظهور الفيلم ببطله الجديد ويُفشل أى محاولات لإنجازه حين اشترى قطاع الإنتاج القصة وظهرت فى شكل مسلسل تليفزيونى شهير بنفس الاسم قام ببطولته يحيى الفخرانى ودلال عبد العزيز وأخرجه يحيى العلمى.. وعند عرض المسلسل أوضحت الحلقات ملحوظتنا السابقة فى تردد حليم أو البطء فى استكمال فيلم "لا" مع أحمد الراشدى فى سياقه السينمائى، حيث ظهر من خلال حلقات المسلسل أن دور البطل الذى كان سيقوم به حليم، وهو عبد المتعال محجوب، شخص مستكين وسلبى ومستسلم لضربات القدر والأصدقاء، وهى الصورة التى لا تلائم شخصية حليم والتى حرص على ترسيخها فى مجمل أعماله، لذا قد يكون هذا سببًا فى بطء حليم فى تنفيذ الدور.. وعن المشاهد التى صورها المخرج أحمد راشدى لفيلم "لا"، فقد استغلها ودمجها فى فيلم تسجيلى بعنوان "أغنية الواد" عند رحيل العندليب وعرض الفيلم بسينما مترو فى 16 مارس 1981 ويحمل أفيش الفيلم صورة حليم.
انتظرونا فى الجزء الثالث..