قال الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان إن لقاءات الزعماء السياسيين اللبنانيين التي جرت خلال الأيام القليلة الماضية في العاصمة الفرنسية باريس "لم تؤد إلى إنجاز تشكيل الحكومة الجديدة".
وكان رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري قد توجه إلى باريس يوم الخميس الماضي في زيارة عائلية، غير أنه اغتنم وجود رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع هناك لعقد لقاء ثنائي معه تناول مشاورات تشكيل الحكومة، كما عقد لقاء مماثلا مع وزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي كان موجودًا هناك أيضا في نفس الوقت.
وعولت مصادر سياسية متعددة على لقاءات الحريري مع جعجع وباسيل لحلحلة أزمة تعطيل تشكيل الحكومة المستمرة منذ تسعة أشهر، والتي تتمثل في عقبتين أساسيتين هما: توزيع الحقائب الوزارية على القوى السياسية المعنية بالتأليف الحكومي، والتمثيل الوزاري لكتلة اللقاء التشاوري (النواب الستة السُنّة حلفاء حزب الله) في الحكومة، خاصة أن الحريري أعلن أنه سيحسم موقفه من الملف الحكومي خلال أيام قليلة.
من ناحية أخرى، اعتبر النائب فادي سعد (عن حزب القوات اللبنانية) أن تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة أصبح بمثابة "مقامرة بمستقبل لبنان ومصير الناس"، محذرا من خطورة التدهور السريع الذي يشهده الاقتصادي اللبناني، خصوصا بعد تخفيض وكالة موديز الدولية للتصنيف الائتماني للبنان، وما يتردد عن تجميد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته إلى لبنان جراء هذا الوضع.
من جانبه، أكد عضو كتلة التنمية والتحرير (الكتلة النيابية لحركة أمل) النائب علي عسيران أن مجلس النواب "سوف يتحمل مسئولية البلاد، طالما قامت المماطلة والشروط والشروط المضادة الصغيرة من هنا وهناك، وهي مبنية على أسس خاصة وليست وطنية".
وقال: "الكل يجمع على أن هذا الحال (الفراغ الحكومي) لا يمكن أن يدوم طويلا، ولذلك فإن مجلس النواب بقيادة رئيسه نبيه بري سوف يشرع فيما هو متوجب علينا وعلى المسئولية التي أنيطت بنا في هذا المجلس، خاصة في ضوء كثرة المتبارزين على السلطة والمغانم في لبنان الذي أصبح دولة فاشلة، وها هم ليسوا قادرين على أخذ أي قرار جدي لصالح الشعب".
من جهته، شدد عضو كتلة لبنان القوي (الكتلة النيابية للتيار الوطني الحر والمتحالفين معه) النائب أسعد ضرغام على أن هذا الأسبوع "سيكون حاسما" بالنسبة لمسألة تشكيل الحكومة، مشيرا إلى أن وزير الخارجية جبران باسيل ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري سيكملان المشاورات المتعلقة بالتأليف الحكومي بعد أن عادا إلى لبنان.
ولفت إلى أن تشكيل الحكومة يتطلب من جميع القوى السياسية "تقديم التنازلات"، مشيرا إلى أن تكتل لبنان القوي قدم بالفعل التنازلات اللازمة، وهو حاليا معني بمسألة توزيع الحقائب الوزارية على القوى التي سيشملها التأليف الحكومي، ومن ثم يمكن التفرغ لاحقا لإيجاد حل مشكلة تمثيل كتلة اللقاء التشاوري.
من ناحيته، اعتبر عضو هيئة الرئاسة في حركة (أمل) خليل حمدان أن الخطر الإسرائيلي تجاه لبنان والمخاطر الناجمة عن الأزمة الاقتصادية "لم تعد احتمالا أو مجرد كلام بل إنها تنذر بشؤم كبير"، داعيا المعنيين إلى مواجهتها بالوعي وتحمل المسئولية وتشكيل حكومة فاعلة، "لأن كل يوم يمر دون تشكيل هذه الحكومة هو خسارة تلحق الضرر بالشعب اللبناني الذي يعيش أزمة اقتصادية خانقة".
وطالب حمدان جميع القوى السياسية بالقيام بخطوات سريعة للنهوض بلبنان، "فهو يستحق التضحية والتنازل من أجل حمايته والمحافظة عليه وطنا نهائيا لجميع أبنائه"، معتبرا أن حركة أمل وحزب الله (الثنائي الشيعي) قدما كل التسهيلات من أجل الوصول إلى حكومة يتمثل فيها الجميع وفقا لقواعد العدل.
بدوره، حمّل عضو كتلة الوفاء للمقاومة (الكتلة النيابية لحزب الله) النائب نواف الموسوي، رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، مسئولية تأخير تشكيل الحكومة، "نظرا لرفضه تمثيل النواب السُنّة المستقلين"، في إشارة إلى النواب الستة السُنّة حلفاء الحزب والذين يطلقون على أنفسهم كتلة اللقاء التشاوري.
وقال: "المستعجل على تشكيل الحكومة، أو الذي يتساءل متى ستتشكل الحكومة، أو أين قرار تشكيل الحكومة، عليه أن يعلم أن هذا الموضوع عند رئيس الوزراء المكلف، فمن الأمس كان بإمكانه أن يشكل الحكومة من خلال تعيين وزير يمثل كتلة النواب السُنّة الذين هم خارج كتلة تيار المستقبل".