الثلاثاء 14 مايو 2024

رسائل التأنيب والتأديب بقصر الاتحادية

27-12-2018 | 23:06

منذ أمد بعيد والدولة المصرية تكابد معاناة كبيرة في شرح مواقفها وبقيت حبيسة ركن المدافع عن نفسه طويلا وتحملت القيادة المصرية والدبلوماسية الخارجية شقاء تقديم التفسير والمبررات لدول لم تكن تفهم ظروفنا ولا تدرك على أرض الواقع حقائق كان إدراكها خير للجميع.

 

وللمرة الأولى تغادر مصر مقعد المبررة الشارحة إلى مقعد صاحبة الكلمة العليا ، غادرت موقع الدولة المرتبكة المتهمة إلى موقع الدولة ذات المرجعية في قضايا منطقتها ليتخلي كل من يمارس دور المنتقد المعلم عن أدائه ليجلس في مقعد المتعلم الراغب في الاستزادة من الخبرة المصرية .

 

هذا هو ما خرجت به من انطباع عن المؤتمر الصحفي للرئيس السيسي مع نظيره الفرنسي ماكرون حيث تحدث الرئيس من موقع القوة التي منحها إياه الشعب المصري فتكلم كرئيس منتخب بإرادة المصريين لا يساوم لا يناور لا يخشى إلا الله تكلم الرئيس بكل قوة ليخرج مصر من دائرة الاتهام التي يحاول الغرب دائما أن تظل مصر قابعة فيها فهي الطريقة الوحيدة التي تسمح بالتدخل والتوجيه والإملاء.

حاول ماكرون أن يمارس دور المعلم في درب الديمقراطية وحقوق الإنسان فتلقى الدرس جيدا من قيادة مصر التي عاجلته بما يدور في خلده ويظن أن مصر تخشى الخوض فيه.

لقد تحركت مصر من خانة المستمع إلى خانة المتكلم الواثق وهذا حصاد طبيعي متوقع لسياسة الشفافية التي انتهجها الرئيس السيسي لحكمه ولم يعد في عهده لدى مصر ملف تخفيه أو قضية تطلب عدم نقاشها ، فمصر اليوم قيادة وحكومة وشعبا تتشارك المسئولية بشجاعة وصبر ودأب حثيث نحو تغيير الواقع وبناء المستقبل لذا كانت المفاجأة مدوية أمام ماكرون الذي ما لبث أن أعلن صاغرا أمام إرادة المصريين بقوله" لن نملي على أحد وندرك متطلبات الأمن القومي المصري" .

 هكذا تسدل مصر الستار بعد سجال طويل على ملفات كانت بمثابة ثغرات في جدار الأمن القومي ينفذ منها من يشاء إلى من يشاء ليفعل مايشاء .. لم تعد مصر تلك الدولة الرخوة بل باتت أبية قوية متماسكة قادرة على الرد ، الحجة بالحجة والدليل بالدليل.

كان الرئيس السيسي حاسما في الحديث عن الحقوق والحريات وأنه ليس لدينا ما نخشاه وهنا تذكرت كم كان البعض يريد القفز بإجراءات استثنائية تجاه أعداء مصر إلا أن الدولة المصرية كانت تتجرع الصبر وترياق الحكمة حين سارت في إجراءات قانونية مع من تدرك أنهم قتلة لا يستحقون حتى اللوم والحساب لا لشئ سوى أن تكون مرفوعة الرأس كما رأيت وسمعت الرئيس السيسي اليوم.

لم يعد أمام المعادين اليوم إلا احترام مصر واحترام إرادة شعبها وحان وقت وقف العبث السياسي تحت ستار حقوق الإنسان والحريات فالوقت وقت شراكة حقيقية وقت مراجعات استراتيجية مع مصر وشعبها لذلك أدعو الغرب اليوم إلى الرجوع إلى الوراء واستعادة أرشيف خطاب الدبلوماسية المصرية التي لقيت عنتا كبيرا وهي تحذر من إرهاب سيمس الجميع ، وحين نبهت إلى خطورة إسقاط الأنظمة بالقوة وحين دعت إلى ضرورة التكاتف في ملف الهجرة غير الشرعية .. صم الجميع آذانه معتقدا أن مصر تعاني قضية داخلية إلى أن باتت النيران في جوف بيوتهم فبات الاستماع إلى صوتها أكثر طلبا وأشد نصحا .

 

إن مصر باتت اليوم قائدا يستمع إليه ومستشارا مؤتمنا يؤخذ بكلامه محل الجد وبتنا على أعتاب شراكة دولية حقيقية قائمة على الندية والمصلحة مع عالم كان ظنه أن يستقطب مصر لتدور في فلكه ..حفظ الله مصر وأيد قيادتها بالنصر المبين.

 

  

    Dr.Radwa
    Egypt Air