الإثنين 25 نوفمبر 2024

تحقيقات

عادل إمام.. هل كان زعيما أم خلية نائمة؟ أفلام لاذعة لنظام مبارك ثم هاجم الثوار في التحرير

  • 31-1-2019 | 14:44

طباعة

على مدار يقرب نصف قرن .. قدم الفنان الكبير عادل إمام للسينما والدراما المصرية العديد والعديد من الأعمال الفنية، والتى تنوعت بين الكوميديا والأفلام التى تحمل أراء وتحليلات سياسية .. وعلى مدار هذا المشوار.. اختلف الكثيرين  حول مواقف عادل إمام السياسية وتحليلها .


فعندما نشاهد حوارات عادل إمام التي كانت تدافع بشدة عن مبارك وعائلته قبل الثورة، والتي قال في إحداها عبارة تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي وهي: "عمل إيه مبارك؟"، وترى أنه نفسه الذي قام ببطولة سلسلة أفلام لاذعة للنظام، تفضح الفساد السياسي والاقتصادي في مصر أبرزها الأفلام التى قدمها مع وحيد حامد وأخرجها شريف عرفة مثل أفلام:"اللعب مع الكبار" و"الإرهاب والكباب"، و"طيور الظلام" و"النوم في العسل".


وعلى مدار فترة حكم مبارك إلى ثورة 25 يناير اختلف الكثيرون فى تفسير هذا التناقض بين خطاب عادل إمام السينمائى وخطابة السياسى، وردد البعض أن  النظام السابق كان يعتمد على هذا النوع من الأعمال، كمتنفس للشعب ومحاولة لإخراج الغضب الذى بداخلهم، مثل فيلم "اللعب مع الكبار" الذي ناقش قضية فساد المسؤولين، باعتبار أن رؤية هذا النوع من الأفلام يشعر المتلقى بنوع من الراحة".


وكان قد صدر من عدة سنوات كتاب للناقد السينمائي أحمد يوسف عنوانه «سياسة عادل إمام... رسائل من الوالي»، في معارضة لعنوان فيلمه «رسالة إلى الوالي»، وإشارة إلى أن الكثير من أعمال «الزعيم» كانت تحمل رسائل سياسية من الحاكم وليست إليه،على الرغم من كثرة الكتب التي تناولت السيرة الفنية لعادل إمام، إلا أن هذا الكتاب يستعيد المشهد العام الذي شهد تحولات عاصفة منذ منتصف السبعينات، ويرى المؤلف، وهو ناقد ومترجم سينمائي معروف، أنه بقدر ما اكتسبت أفلام عادل إمام خلال الثمانينات من شعبية هائلة، فإنه كان يتم تجاهلها من جانب النقد الجاد باعتبارها أفلاماً «سوقية» لا تليق بالمثقفين، على رغم أنها كانت على أقل تقدير تستحق التحليل الاجتماعي في التأثير «السياسي» الذي تحققه.


 فقد كانت، وفق المؤلف «تمثل منبراً ماكراً تمارس الجماهير من فوقه نوعاً من الديموقراطية الساذجة من خلال سخرية عادل إمام من الواقع، وكانت هذه الجماهير هي حزب عادل إمام غير الرسمي، ولم يكن غريباً بالطبع أن يتعامل الإعلام الرسمي مع هذه الأفلام بالتعالي المصطنع، أو حتى بالحط من شأنها أحياناً، حتى إنه لم تتم في تلك الفترة دعوة بطلها ولو لمرة واحدة لمناسبة رسمية أو مهرجان ثقافي، وكان النجم الشعبي يعلن آنذاك أنه لا ينتظر جائزة سوى عشق الجمهور له».


فجأة، ومع فيلم «اللعب مع الكبار» - يقول المؤلف - بدأت بالفعل حقبة اللعب مع الكبار، فبدا كما لو أن أصحاب السياسة الرسمية، والمثقفين الذين يسيرون في ركابها، قد اكتــشفوا الدور الذي يقــــوم به هذا النـــجم والتأثير الذي يمارسه على جمهوره، فتحوَّل موقفهم تجاهه من النقيض إلى النقيض، فكأنهم أدركوا أنه يمكن «توظيف» نجوميته لمصلحتهم، ليجعلوه ينطق بأفكارهم ومفاهيمهم المغلوطة، أو المسطحة بفرض حسن النيات، عن قضايا حيوية .


ومن جانب آخر نرى أيضا على العديد من هذه الأفلام التى قدمها حرضت بشكل أو بأخر على فكرة الترويج للقيام بثورة مثل ثورة ٢٥ يناير، ففى فيلمه "إحنا بتوع الأتوبيس" الذى أنتج عام 1979، عن قصة وسيناريو وحوار فاروق صبرى وإخراج حسين كمال وبطولة العبقرى عبد المنعم مدبولى تناول أحداث حقيقة نُشرت فى كتاب «حوار خلف الأسوار» للكاتب الصحفى جلال الدين الحمامصى، وأثار هذا الفيلم ضجة فى الأوساط السياسية والفنية آنذاك، لأنه يحتوى على 20 مشهد تعذيب طلبت الرقابة حذفها، لكن الكاتب رفض، ومُنع عرضه لفترة إلا أنه عُرض بنهاية الأمر.


ومن أفلامه السياسية المهمة أيضًا فيلم "الغول" الذى أنتج عام 1983، للمخرج سمير سيف، وهو من بطولة عادل إمام، نيللي، صلاح السعدني، ويصور الفيلم سيطرة رجال الأعمال على المجتمع، ومُنع الفيلم من العرض بداخل مصر وخارجها، بحجة تعرضه لأجهزة الدولة واتهامه لها بالتواطؤ مع رجال الأعمال على حساب مصالح الشعب، وتشجيعه للثورة ضد أصحاب رؤوس الأموال، كما اعتبر البعض أن مقتل «الغول» يشبه حادثة المنصة واغتيال السادات.


وفى فيلمه "طيور الظلام" الذى تدور أحداثه من خلال 3 أصدقاء يختار الأول العمل كمحامٍ مع النظام الفاسد بينما يعمل الثانى كمحامٍ للتيار الإسلام، بينما يكتفى الثالث بوظيفة حكومية، ومن خلال سيناريو رائع للكاتب وحيد حامد يرسم فيه شبكة العلاقات بين القوى السياسية ولعبة الانتخابات النيابية فى مصر، وقد شارك فى بطولة الفيلم يسرا وجميل راتب.


كما تناول فى فيلمه "الواد محروس بتاع الوزير" حياة المتسلقين للحياة السياسية حول محروس الفلاح البسيط الذى يستغل أنه من نفس قرية أحد الوزراء ليعمل لديه، لكن بدلاً من مساعدة الوزير يتسبب فى العديد من المشكلات الكوميدية له، ويستغل قربه منه فى الحصول على مزايا وفوائد تجعله يدخل مجلس الشعب . 


وهناك عدد كبير من أفلام الزعيم استطاع من خلالها أن يطرح ويتناول ويناقش أفكارًا سياسية ومنها الأفوكاتو لرأفت الميهى الذى تناول فيه فساد رجال الأعمال ورفاهية وجودهم داخل السجون وفى النوم فى العسل لشريف عرفة والكاتب الكبير وحيد حامد تناول  فكرة الكبت والقهر الذى يعيشه المجتمع فى التعبير عما يشعر به من معاناة ومن ضمن أفلامه السياسية أيضًا فيلم "المنسى" للكاتب الكبير وحيد حامد والمخرج شريف عرفة.


وعلى الرغم من كل هذه الأفلام احتل اسم عادل إمام المراتب الأولى فيما يسمى "باللائحة السوداء لأعداء الثورة المصرية"، لاسيما وأنه ظل لوقت طويل من المحسوبين على نظام مبارك. ولم يشفع له عند منتقديه ظهوره في فيديو يؤكد فيه مساندته لشباب الثورة، وأنه كان من الممكن أن ينزل معهم إلى الشارع"، كما أن أفلامه التي انتقدت النظام لم تشفع له أيضا.


لا أحد ينسى لعادل إمام مواقف شجاعة في ذروة الأحداث التي ارتكبتها جماعات إرهابية في مصر بداية تسعينيات القرن الماضي. فعلى الرغم من التهديدات بقتله آنذاك، إلا أنه قام ببطولة أفلام فيها انتقاد حاد لهذه الجماعات مثل كفيلم "الإرهابي" الذي أخرجه نادر جلال. زيادة على ذلك نستحضر زيارته الشهيرة لمدينة أسيوط في صعيد مصر من أجل عرض مسرحية "الواد سيد الشغال". وسبق العرض تلقيه تهديدات بالقتل في حالة عرضها في منطقة الصعيد الذي نشطت فيها آنذاك جماعات إرهابية.


وعند قيام ثورة ٢٥ يناير أدخل الزعيم الكثير فى حيرة أكبر بسبب موقفه من االثورة، حيث أعلن بعد قيام ثورة يناير أنه لم يكن يتوقع قيام ثورة شباب تفاجئ العالم كله، إلا أنه توقع عدم استسلام هؤلاء الشباب وتنحي الرئيس السابق حسني مبارك.


وقال “الزعيم” الذي دافع في السابق بشدة عن مبارك وهاجم المتظاهرين في ميدان التحرير قبل أن يغير موقفه بعد تنحي مبارك إنه “توقع منذ البداية أن يتنحى حسني مبارك من منصبه، وألا يستسلم الشباب ويظلون على موقفهم حتى تتحقق مطالبهم”، مشيرا إلى أن “موقف الحق دائما الأقوى وله الغلبة في أي وقت وكل مكان”.


وأضاف إمام في اتصال هاتفي مع إحدى القنوات الفضائية وقتها: "إنه لم يكن يتوقع أن تقوم ثورة 25 يناير ويقودها الشباب”، مشيرا إلى أنه “تفاجأ بها مثل العالم كله، لكنه كان سعيدا بها للغاية لأنها حققت مطالب الشعب في الحرية والديمقراطية”.


وشدد إمام على أن “ما حققته ثورة شباب 25 يناير في 18 يوما، إنجازا كبيرا للديمقراطية والحرية”، معربا عن “تفاؤله بأن الحياة المصرية ستكون أفضل خلال الفترة المقبلة”.


ولفت إمام “إلى الدور البارز الذي قام به الجيش المصري خلال فترة الثورة”، مؤكدا أنه “يتفهم جيدا مطالب الشعب المشروعة”.


وكان الفنان عادل إمام قد هاجم في وقت سابق ثورة يناير، واصفا إياها بالعمل الغوغائي”، ليتراجع عن تصريحاته لاحقا، نافيا أن يكون قد أطلقها.


من واقع قراءة مشوار عادل إمام والتحليل أكثر وأكثر، يصعب تحديد موقفه السياسى من خلال أعماله الفنية وتصريحاته الصحفية ومواقفه، التى مازل من الصعب تحديدها .


    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة