الجمعة 3 مايو 2024

في ذكرى رحيله.. حسين صدقي اتخذ السينما ساحة لعرض معارك الحياة

16-2-2019 | 17:29

منذ نشأتها كانت السينما وسيلة للترفيه والتثقيف والإرشاد والتوعية، فقد عمل روادها على أن تكون أداة لنصح المجتمع وإظهار مخاطر الشر ونهايته، وأن تكون أيضاً وسيلة لتنمية الروح الوطنية وحب العمل والدفاع عن الوطن وإعالة المساكين والمنكوبين، تلك كانت رسالة السينما التي عمل الفنان حسين صدقي الذي تمر ذكرى رحيله اليوم على إرسائها لأبناء المجتمع.

 

من المؤكد أن النشأة والتكوين أثرت كثيراً في حياة ومشوار حسين صدقي الذي امتهن التمثيل، وكأنما الحياة دفعت به ليكون راهباً في السينما وواعظاً فيها، ولم يدع صدقي للفضيلة بزي الواعظ، بل كان النجم الوسيم الوحيد في عصره، وظهر بكامل أناقته في كل أدواره .. فقد بدأت رحلته الفنية بالعمل في فرقة جورج أبيض المسرحية ثم فرقة فاطمة رشدي، لينطلق منها إلى عالم السينما مع الفنانة أمينة محمد في أول فيلم من إنتاجها وهو فيلم "تيتاوونج" ليقوم بدور محام يدافع عن راقصة اتهمت ظلماً بالقتل.

 

ويبدو أن الحظ كان قد ابتسم للنجم الصاعد حسين صدقي، فقد شارك في بداياته السينمائية بثلاثة أفلام عام 1937 حيث قام بدور المحامي في فيلم "الحب المورستاني" أمام أمينة محمد وعرض الفيلم بسينما النهضة في 28 فبراير 1937، وقام ببطولة اثنين منها وهما "عمر وجميلة" وعرض في 11 نوفمبر 1937 ثم "تيتاوونج" وعرض في 27 نوفمبر من نفس العام ، واللافت للنظر أن أول أدواره وثالثها كانت محام تدور حول نصرة المظلوم، ثم يأتي عام 1938 ليشارك صدقي في فيلم ساعة التنفيذ مع يوسف وهبي.

 

ولتأكيد مفاهيمه عن رسالة السينما في النصح والإرشاد، فقد شارك حسين صدقي في عام 1939 ببطولة أربعة أفلام ومنها فيلم "العزيمة" الذي يعد من علامات السينما المصرية، حيث يدعو الفيلم شباب الوطن إلى عدم الاتكال على الحكومة في توفير الوظائف، ودعوة الشباب لامتهان العمل الحر سواء في التجارة أو الصناعات الصغيرة ، ونجح الفيلم نجاحاً ساحقاً وقد شاركته البطولة السيدة فاطمة رشدي.

 

ولأن البداية كانت مؤثرة في اتجاهاته الفنية، فقد اتخذ حسين صدقي شاشة السينما ساحة لعرض معارك الحياة، فالحياة في نظره كانت معركة بين الخير والشر، بين الكسل والعمل، بين البسالة والتخاذل وبين الكفاح والتواكل، لذا استكمل صدقي مشواره السينما حاملاً هموم المجتمع، فقد طرح عواقب الاستغلال في فيلم العريس الخامس"، وطرح قضايا أطفال الشوارع في فيلم "المساكين" و "الأبرياء"، وشد من عزيمة العمال لنهضة وإتقان العمل في فيلم "العامل" ووضح أسس الانتماء الوطني في فيلم "الجيل الجديد" و"نحو المجد" ، وأظهر مساوئ الاستعمار في فيلم "يسقط الاستعمار" ، وألقى الضوء أيضاً على العديد من المشاكل الاجتماعية وحلولها في أفلامه "آدم وحواء والبيت السعيد والمصري أفندي" .. وأظهر صدقي مساوئ الصهيونية في فيلم "وطني وحبي" الذي تم تصويره في بحيرة طبرية وما ارتكبته الصهيونية في حق الشعب الفلسطيني.

 

وكما بدأ رحلته السينمائية بدور محام أنهاها أيضاً بدور المحامي في فيلمه الأخير "أنا العدالة" عام 1961، ليعتزل السينما وينزل إلى ميدان الواقع، حيث رشح نفسه في انتخابات البرلمان ليفوز باكتساح عن دائرة المعادي، ويطرح أمام البرلمان قضايا كثيرة تهم المجتمع وتساعد في التنمية .. تلك كانت حياة حسين صدقي الشخصية والسينمائية .. وبقي أن نؤكد أنه تعمد أن يشرك أحد رجال الدين في اجتماعاته الخاصة بمناقشة قصص وسيناريوهات أفلامه التي أنتجها، لتطرح للجماهير نقية بمباركة رجال الأزهر ولتحقق أهدافها في خدمة المجتمع.

    Dr.Randa
    Dr.Radwa