قال الدكتور جمال شقرة،
أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس، إن ثورة 1919 لها مكانة خاصة في
تاريخ مصر ولدى الشعب المصري، مضيفا أن المصريين هم من علموا الدنيا فكرة الثورات
ورغم أنهم شعب صبور لكنه قادر على التحدي والثورة إذا أهينت كرامته.
وأوضح شقرة، في تصريح لـ"الهلال
اليوم"، أن قبل ثورة الشعب في مارس 1919 بسنوات بعيدة كان الغضب قد تراكم ربما
منذ أواخر القرن التاسع عشر بعدما تآمر الغرب لضرب تجربة محمد علي بتوقيع معاهدة لندن
1840 وفشل الثورة العرابية ووقع الاحتلال البريطاني عام 1882، وهو ما أصاب المجتمع
بصدمة وأخذ الشعب يوائم الأمور حتى انفجر الغضب.
وأضاف أن الأحداث المباشرة
التي أدت للثورة هي إعلان الحماية البريطانية على مصر عام 1914 واعتراف بقية الدول
بهذه الحماية التي سلبت الاستقلال المصري، وقبل الحرب العالمية الأولى تفاوضت
بريطانيا مع المصريين للوقوف بجانبها أثناء الحرب مقابل منح مصر الاستقلال وانتهت
الحرب وبدأ المصريون يتناقشون حول التحرك من أجل الاستقلال.
وأكد أن رجال السياسة في
مصر فضلوا تكون وفد –ليس حزبا- لمقابلة المعتمد البريطاني السير ريجنالد ونجت ويطالبه بأن تفي بريطانيا بوعدها وتمنح مصر
الاستقلال، وتكون من 3 أشخاص هم سعد زغلول وعلي شعراوي وعبد العزيز فهمي، فالتقوا
ونجت ودار بينهم حوارا سيئا برفض بريطانيا السماح لمصر المشاركة في مؤتمر باريس للصلح
وأنها غير مصر غير قادرة على حكم نفسها بنفسها.
وأوضح أستاذ التاريخ الحديث
أن سعد زغلول رد على هذه الإهانات بأحقية الشعب المصري في الاستقلال وأن بين
المصريين المتعلمين والمثقفين وليست دولة من الهمج إنما دولة مركزية، مشيرا إلى
المعتمد البريطاني قال للوفد باسم من تتحدثون ومن فوضكم، وانتهت المقابلة وخرج سعد
زغلول ورفاقه في حالة سيئة.
وأشار إلى أن الشباب تفتق
ذهنه إلى فكرة جمع التوكيلات في ورقة مكتوب عليها "وكلت أنا الموطن المصري_
ويكتب اسمه_، سعد زغلول ورفاته من أجل الحصول على استقلال مصر استقلالا
تاما"، مضيفا أن سعد زغلول حرص على إضافة كلمة "بالطرق السلمية" في
التفويض، وجمعت التوكيلات في أجولة وألقيت أمام باب المعتمد البريطاني.
وأضاف شقرة أن المعتمد البريطاني
بلغ حكومته أن مصر ستقوم بثورة فقالوا له اضرب بيد من حديد مصر مهمة لنا، وبعدها
نفي سعد زغلول ورفاقه، وانفجرت الثورة رافضة لنفيهم ومطالبة بحق مصر في المشاركة
في مؤتمر الصلح في باريس لكي تحقق مصيرها، وخاصة أن بريطانيا كانت ستسمح لصربيا
وبلغاريا والبحر الأسود بالاستقلال، وكانت مصر أحق بذلك.
ولفت إلى الثورة كانت عنيفة
وشارك فيها الفئات من طلاب المدارس والمشايخ والقساوسة والفلاحين والمحامين
والسيدات بهدف الحصول على الاستقلال، مضيفا أن الثورة لم تحقق هذا الهدف فظلت مصر
تحت الاحتلال حتى بعد إعلان رفع الحماية البريطانية في تصريح 28 فبراير 1922 ظلت
التحفظات الأربعة.
وعن نتائجها، أوضح أنها مصر
تحول نظامها السياسي بعد ذلك من سلطنة إلى ملكية دستورية وتشكلت لجنة لإعداد دستور
1923 واستمر كفاح الشعب المصري ضد الاحتلال حتى قيام ثورة 23 يوليو عام1952 والتي
تحقق الاستقلال بعدها بالجلاء الانجليزي عن مصر وخروج آخر جندي إنجليزي في 1956.