الخميس 28 نوفمبر 2024

3 أحكام للدستورية العليا في أول أبريل

  • 1-4-2017 | 11:33

طباعة

حكمت المحكمة الدستورية العليا بجلستها المعقودة في 1 أبريل 2017 برئاسة المستشار عبدالوهاب عبد الرازق.

أولًا: عدم دستورية قرار محافظ الإسكندرية رقم 98 لسنة 1996، وسقوط قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمرفق مياه الإسكندرية رقم 109 لسنة 1996، وتحديد اليوم التالى لنشر هذا الحكم تاريخًا لإنفاذ آثاره.

وأقامت المحكمة حكمها استنادًا إلى أن الثابت بالأوراق أن قرار محافظ الإسكندرية رقم 98 لسنة 1996 المطعون فيه، لم يُنشر فى الجريدة الرسمية "الوقائع المصرية" بالمخالفة لنص المادة (188) من الدستور الصادر عام 1971، ومن ثمّ فإن تطبيقه على الشركة المدعية قبل نشره، يزيل عنه صفة الإلزام، فلا يكون له قانونًا من وجود لمخالفته المواد (64، 65، 188) من ذلك الدستور، متعينًا لذلك القضاء بعدم دستوريته برمته، وبسقوط قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمرفق مياه الإسكندرية رقم 109 لسنة 1996، لارتباطه بقرار المحافظ المشار إليه ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة، لينهدم بجميع أحكامه تبعًا للقضاء بعدم دستورية هذا القرار.

ثانيًا: حكمت المحكمة بعدم دستورية صدر البند (2) من المادة (561) من قانون التجارة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1999 فيما نص عليه من أنه "وللمحكمة، عند الضرورة، أن تأمر باتخاذ الإجراءات اللازمة للتحفظ على شخص المدين"، وعبارة "بالتحفظ على شخص المفلس"، الواردة بنص البند (1) من المادة (586) من القانون ذاته.

وأقامت المحكمة حكمها استنادًا إلى أن نص المادة (54) من الدستور احتفى بالحرية الشخصية، رافعًا إيّاها إلى مصاف الحقوق اللصيقة بشخص المواطن، والتى لا تقبل بصريح نص الفقرة الأولى من المادة (92) من الدستور تعطيلًا ولا انتقاصًا، كما لا تنفصم البتة عن شخص الإنسان، ولا يُؤذن بمفارقتها إيّاه، منتهجًا فى ذلك قِيَم المجتمعات الديمقراطية، التى تلتزم بأطر وضوابط الدولة القانونية، جاعلًا من الحرية الشخصية رافدًا أساسيًا لغيرها من الحقوق والحريات، تشاركها السبب والعلة، وتقاسمها الهدف والغاية، متشددًا فى حمايتها، آمرًا بصونها، مانعًا - بمقتضى نص المادة (99) من الدستور - تقادم جرم العدوان عليها، ناهيًا عن المساس بها، إلا لجريمة جنائية مُتلبس بها، أو لمقتضى أمر قضائى مُسَبّب يستلزمه تحقيق تجريه الجهة القضائية المختصة فى غير أحوال التلبس بها، بما يوجب أن يتضمن النص المقرر للإجراءات المقيدة للحرية تعيينًا لهذه الإجراءات، وأحوال تطبيقها وأسبابها، ونطاقها وأُطرها وضوابطها الحاكمة لها، مع كفالة الحقوق الدستورية لمن تتخذ قبله أى من هذه الإجراءات، وأخصها إبلاغه بأسباب ذلك، مع إحاطته كتابة بحقوقه، وكفالة حقيه فى التقاضى والدفاع بأُطرهما التى عينها الدستور، وحرص على تضمينها نص المادة (54) منه، شاملة الحق فى التظلم أمام القضاء من هذه الإجراءات، والفصل فيه خلال أسبوع من تاريخ اتخاذ الإجراء، وهى ضمانات أوجب الدستور على القانون التزامها، وأن يكون النص المقيد للحرية محققًا لها، وإلا وقع فى حومة مخالفة الدستور.

وحيث إن المقرر قانونًا أن تطبيق التدابير التحفظية، بحكم أو أمر قضائى، لا يكون إلا على من تتوافر فيه مظاهر خطورة إجرامية تهدد المجتمع، فلا يحق التدخل بتدابير الدفاع الاجتماعى لمواجهة أفراد لم يرتكبوا جريمة، أو لم تبد عليهم مظاهر خطورة إجرامية، مما مؤداه أنه ولئن كان السماح بإنزال التدبير التحفظى ينطوى على افتئات على حرية الشخص، إلا أنه يتعين خضوع هذه التدابير، فى أحوال توقيعها لمبدأ الشرعية الدستورية.

وحيث إن نصي المادتين (561/2)، (586/1) من قانون التجارة، إذ يجيزان التحفظ على شخص المحكوم عليه بشهر إفلاسه، ولو بحكم غير نهائى، ودون أن يكون متهمًا بإفلاس بالتدليس أو بالتقصير، فإنهما ينطويان على تقييد الحرية الشخصية لمن حُكم بإشهار إفلاسه بغير انتهاج الوسائل القانونية التى كفلها الدستور، ودون الالتزام بالقيود والضوابط الدستورية التى تحكم تقرير أى من الإجراءات المقيدة للحرية وأحوالها وفقًا لنص المادتين (54، 92) من الدستور، بحسبان إطلاق رخصة الحكم بالتحفظ على شخص المدين المفلس يعد فى حقيقته تقييدًا لحريته، دون جرم قارفه، على نحو يعطل حق المشمولين به فى النفاذ إلى ألوان الحياة وأشكالها فى مجتمعهم، ويعوق اندماجهم فى القيم التى يؤمنون بها، وكانت وسائل منع المحكوم بإشهار إفلاسه من الإضرار بدائنيه تجد مشروعيتها الدستورية فى كل إجراء يكفل حقوق الدائنين، دون المساس بالحرية الشخصية للمحكوم بشهر إفلاسه إلى حد مصادرتها، كما هو الحال فى التحفظ على شخصه المقرر بالنصين المار ذكرهما، طالما لم ينسب إليه ارتكاب فعل أو امتناع تؤثمه نصوص جرائم التفالس بالتدليس أو بالتقصير.

وحيث إنه متى كان ذلك، فإن النصين المطعون فيهما على النحو المتقدم ذكره، يكونان مخالفين لأحكام المواد (54) و(92) و(94) من الدستور، بما يوجب الحكم بعدم دستوريتهما فى حدود نطاقهما المتقدم.

ثالثًا: حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى التي انصبت على المادة (12) من لائحة شئون العاملين بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة الصادرة بقرار رئيس مجلس إدارة الهيئة رقم 5 لسنة 2000 والتي كانت تنص على أنه " لا يجوز حساب مدة خبرة عملية زائدة على مدة الخبرة المطلوبة لشغل الوظيفة عند التعيين أو إعادة التعيين، ويكون حساب مدة الخبرة العلمية للحاصلين على مؤهلات عليا (الدكتوراه والماجستير ودبلومات الدراسات العليا التى مدتها سنتان) طبقًا للقواعد التى تقررها لجنة شئون العاملين بالهيئة ".

وأقامت المحكمة حكمها استنادًا إلى أن المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم فى المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويستوى فى شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هى وحدها التى تتحرى توافر شرط المصلحة فى الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها. 

ويجب أن تتوافر المصلحة ليس فقط وقت رفع الدعوى، وإنما يتعين أن تظل قائمة حتى الفصل فيها. متى كان ذلك، وكان النزاع المردد أمام محكمة الموضوع ينصب على طلب المدعى فى الدعوى الموضوعية ضم مدة خبرته العملية التى قضاها بموجب عقد مؤقت إلى مدة خدمته بالهيئة، وكان وزير الاستثمار ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة قد أصدر القرار رقم 140 لسنة 2016 بلائحة شئون العاملين بالهيئة، ونصت المادة الثالثة من ذلك القرار على أن "تلغى لائحة شئون العاملين بالهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة الصادرة بقرار مجلس إدارة الهيئة رقم 5 لسنة 2000 وتعديلاته"، كما نصت المادة (136) من تلك اللائحة على أن "تحتسب مدة الخبرة العملية للعامل الموجود بالخدمة وقت العمل بأحكام هذه اللائحة، التى تزيد على مدة الخبرة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة على أساس أن تضاف إلى بداية أجر التعيين عن كل سنة من السنوات الزائدة قيمة علاوة دورية بحد أقصى خمس علاوات من علاوات درجة الوظيفة المعين عليها العامل، وبشرط أن تكون تلك الخبرة متفقة مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها العامل وفقًا للضوابط التى يضعها مجلس الإدارة فى هذا الشأن، وأن يتقدم العامل للرئيس التنفيذى بطلب لحساب هذه المدة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ العمل بأحكام هذه اللائحة".

وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة قد طبقت حكم المادة (136) من لائحة شئون العاملين بالهيئة الصادرة بالقرار رقم 140 لسنة 2016 على "سمير محمد خليل عامر" المدّعى فى الدعوى الموضوعية، وتمت تسوية حالته على مقتضى ذلك النص، ومن ثم فقد تحققت له غايته منها، الأمر الذى تصير معه المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى المعروضة منتفية، وهو ما يتعين معه القضاء بعدم قبولها.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة