أعلنت لجنة الأمم المتحدة المستقلة للتحقيق في الانتهاكات المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال احتجاجات الفلسطينيين المعروفة بمسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار أنها ترى أن هناك أسبابا معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن الجنود الإسرائيليين ارتكبوا انتهاكات للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان خلال هذه المظاهرات، التي يمكن أن ترقى بعضها إلى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
جاء ذلك على لسان رئيس اللجنة، الأرجنتيني سانتياجو كانتون، اليوم الخميس، بمناسبة صدور تقرير اللجنة، التي تضم في عضويتها سارة حسين من بنجلادش وبيتي مورونجي من كينيا، تزامناً مع انعقاد أعمال الدورة الأربعين لمجلس حقوق الإنسان.
وأضاف رئيس لجنة الأمم المتحدة المستقلة أنه يجب على إسرائيل أن تباشر التحقيق في هذه الانتهاكات على الفور، موضحاً أن قناصة الجيش الإسرائيلي أطلقوا النار على أكثر من ستة آلاف متظاهر أعزل على مدى أسابيع متتالية في مواقع الاحتجاجات على امتداد السياج الفاصل.
وذكرت اللجنة، في تقريرها، أنها حققت في جميع حالات القتل التي وقعت في المواقع المخصصة للتظاهر على امتداد السياج الفاصل أيام الاحتجاج الرسمية، مضيفة أن التحقيق شمل الفترة الممتدة من بداية الاحتجاجات وحتى 31 ديسمبر 2018، وبلغ عدد الفلسطينيين الذين قتلوا خلال التظاهرات في هذه الفترة 189 قتيلاً.
وخَلُصت اللجنة الأممية إلى أن قوات الأمن الإسرائيلية قتلت 183 من هؤلاء المتظاهرين بالرصاص الحي، من بينهم 35 طفلا و3 مسعفين وصحفيان يرتدي خمستهم زياً واضح الدلالة.
ولفتت اللجنة، في تقريرها، إلى أن السلطات الإسرائيلية لم تستجب إلى الطلبات المتكررة من اللجنة للحصول على المعلومات والدخول إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة.
لكنها تابعت اللجنة أنه وفق تحليلاتها للبيانات المتوفرة، فإن قوات الأمن الإسرائيلية أصابت بالرصاص الحي 6106 فلسطينيين بجروح خلال تواجدهم في مواقع الاحتجاجات أثناء تلك الفترة، كما جُرِحَ 3098 فلسطينياً بشظايا أعيرة نارية وبرصاص معدني مغلف بالمطاط أو أصيبوا مباشرة بقنابل الغاز المسيل للدموع، في حين أصيب أربعة جنود إسرائيليين بجروح خلال هذه المظاهرات وقُتِلَ جندي إسرائيلي واحد في يوم الاحتجاجات ولكن خارج نطاق المواقع المخصصة للتظاهر.
من جانبها، قالت سارة حسين عضو اللجنة إنه لا شيء يبرر قتل أو جرح الصحفيين والمسعفين والأشخاص الذين لا يشكلون أي تهديد مباشر بالموت أو بإصابة الأشخاص الذين يحيطون بهم بجروح خطيرة، مؤكدة أن الأخطر هو استهداف الأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة.
ونوهت بأن حياة العديد من الشبان قد تغيرت إلى الأبد إذ تعرض 122 شخصا من بينهم 20 طفلا، إلى بتر أطرافهم وذلك منذ مارس الماضي، مشيرة إلى أنها ترى أن هناك أسبابا معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن القناصة الإسرائيليين أطلقوا النار على صحفيين ومسعفين وأطفال وأشخاص ذوي إعاقة وهم على علم جلي بكينونتهم.
وفي هذا الصدد، جاء في التقرير أن إطلاق النار المُتعَمَد على المدنيين الذين لا يشاركون مباشرة بالأعمال العدائية، وما لم يكن ذلك دفاعا مشروعا عن النفس، يعتبر جريمة حرب، مشيرة إلى أنها ترى أن هناك أسبابا معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن عناصر من قوات الأمن الإسرائيلية في معرض ردهم على المظاهرات قتلوا وجرحوا مدنيين لم يشاركوا مباشرة في الأعمال العدائية ولم يشكلوا تهديدا مباشرا.
وأضاف التقرير أن هذه الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأشارت اللجنة الأممية إلى أنها نظرت في الادعاء الإسرائيلي بأن الاحتجاجات على امتداد السياج الفاصل هي غطاء لأنشطة إرهابية لجماعات فلسطينية مسلحة، مؤكدة أنها رأت أن هذه التظاهرات مدنية الطابع ولها أهداف سياسية واضحة، وأنه بالرغم من اتسام بعض الأعمال بدرجة كبيرة من العنف إلا أنها خلصت إلى أن هذه التظاهرات لم تمثل أي عمل قتالي أو عسكري.
من جانبها، قالت عضو اللجنة بيتي مورونجي إن اللجنة ستحيل في ملف سرّي المعلومات ذات الصلة إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان لإطلاع آليات العدالة الوطنية والدولية على هذه المعلومات، وأكدت أن المحكمة الجنائية الدولية على اطلاع بهذا الأمر.
ومع اقتراب تاريخ الذكرى السنوية الأولى لمسيرات العودة الكبرى، دعت اللجنة كافة الأطراف المعنية إلى التحلي بضبط النفس، وشددت على أنه يجب ألا تتكرر عمليات القتل والتشويه التي جرت على نطاق واسع في 30 مارس الماضي؛ إذ قُتِلَ 18 شخصا وجرح أكثر من 700 شخص بإطلاق النار، وفي 14 مايو حين قتل 60 شخصا وجرح أكثر من 1100 شخصا بإطلاق النار.
ودعت اللجنة إسرائيل إلى إجراء تحقيقا حياديا ومستقلا على الفور، يتوافق مع المعايير الدولية في جميع عمليات القتل والإصابات المرتبطة بالاحتجاجات لتحديد ما إذا كانت جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية قد ارتكبت.
وشددت على دعوتها لمنظمي التظاهرات وحماس، السلطة الفعلية في غزة، إلى ضمان سلمية مسيرة العودة الكبرى كما هو مقرر لها أن تكون.
يشار إلى أن تقرير اللجنة الأممية المفصل سوف يُرفَع إلى مجلس حقوق الإنسان في 18 مارس المقبل 2019 خلال انعقاد الدورة الحالية الأربعين للمجلس.
وكان مجلس حقوق الإنسان قد فوض اللجنة في مايو 2018 للتحقيق في جميع الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وذلك في سياق الاحتجاجات واسعة النطاق التي بدأت في 30 مارس 2018 في قطاع غزة.