في كواليس الحياة الفنية لنجوم الزمن
الجميل الكثير من الطرائف والمفاجآت التي لا يعلمها الكثيرون، فالجمهور يرى فقط ما
يطرح على الشاشة، وما يعرض على المسرح، لكن خلف الكواليس ما يفوق ذلك جمالاً
وطرافة، في ذكرى رحيلة أميرة البسمة الفنانة زينات صدقي نروي بعض الطرائف من
كواليس مشوارها الفني.
إبن زينات صدقي
لكل فنان طبيعة خاصة وعادت اشتهر بها
في حياته وعمله، ومن المعروف عن الموسيقار محمد عبد الوهاب وسوسته الشهيرة وحرصه
على وضع منديل على أنفه، وعدم مقابلة أي صديق أو قريب مصاب بالبرد أو الأنفلونزا، ولكن
بالبحث في سيرة الفنانة زينات صدقي الشخصية وجدناها تفوق عبد الوهاب في مجال
الوسوسة، فقد عرف عنها عدم مصافحة أي شخص سواء من فريق العمل أو خارجه، ووصل بها
الحال ألا تأكل أو تشرب خارج المنزل، وفي أوقات الإستراحة عند تصوير أي فيلم يجتمع
العاملون ليتناولوا جميعاً الغداء أو العشاء، لكن زينات لم تنضم أبداً إليهم ..
وفي عام 1938 طلب المخرج أحمد بدرخان من زينات المشاركة في فيلم "شئ من لا
شئ" مع المطرب عبد الغني السيد وعبد الفتاح القصري والسيد بدير وصفا الجميل،
وكانت تلك هي المرة الأولى التي تلتقي فيها فنياً مع صفا الجميل، وما أن التقت به
واقتربت منه وكان الفارق بينهما يقترب من عشر سنوات إلا أنهما صارا صديقين
واعتبرته إبناً لها، ومن الطريف أنه الوحيد الذي سمحت له زينات بأن يشاركها
الطعام.
سقوط زينات على الأرض
بدأ نجم زينات صدقي يلمع بعد دورها في
الفيلم السابق، خصوصاً أنها خرجت فيه من دور الخادمة وأثبتت مقدرتها على تقمص
أدوار البنت الأرستقراطية، وفي عام 1940 طلبها المخرج فؤاد الجزايلى لتشارك في
فيلم "تحت السلاح" مع أحمد علام وبديعة صادق، وفي الفيلم جسدت زينات دور
صديقة البطلة "أمينة" التي تثبت براءة البطلة عندما شك زوجها في سلوكها.
وأتقت زينات الدور بتلقائيتها وعفويتها الجميلة، وما أن انتهى المخرج من تصوير آخر
مشهد في الفيلم إلا وأطلقت زينات صرخة عالية وراحت تتأوه مع الصراخ وسقططت على
الأرض مغشياً عليها .. وكانت زينات قد شعرت بآلام كثيرة في البطن ولكنها تماسكت
حتى ينتهي التصوير، والتف حولها فريق العمل وتم نقلها إلى مستشفى قصر العيني، وبعد
الفحص قرر الأطباء حاجتها إلى إجراء عملية جراحية لاستئصال الزائدة الدودية،
وعلاوة على وساوس زينات الطبيعية فقد كانت أيضاً تكره المستشفيات، لكنها وافقت
مجبرة على إجراء العملية، وما أن علمت والدتها السيدة "حفيظة" بذلك إلا
وأسرعت إلى المستشفى لرؤيتها إبنتها، وعندما علمت بدخول زينات غرفة الجراحة سقطت
هي الأخرى مغشياً عليها وأصيبت بصدمة عصبية أثرت عليها وجعلتها لا تقدر على السير.
في بيتنا سليمان بك نجيب
بعد تمام الشفاء خرجت زينات من مستشفى
قصر العيني ومعها والدتها التي كانت في حجرة مجاورة لها، وقد خرجت الأم على كرسي
متحرك ، فهي لم تصب بالشلل وإنما جعلتها الصدمة والخوف غير قادرة أن تعود لحياتها
الطبيعية وأن تظل على الكرسي المتحرك، مما جعل زينات تشعر بالذنب وترفض أي عمل
فني، وتجلس بجانب والدتها لرعايتها .. وفي أحد الأيام فؤجئت زينات بضيف عزيز يطرق
بابها وكان سليمان بك نجيب، الذي كان قد أعجب بآدائها من قبل وسأل عنها ليعرف أنها
توارت عن الأضواء وأخبره إسماعيل يس بأنها رفضت أيضاً العمل معه، لذلك ذهب إليها سليمان
نجيب ليقنعها بعودتها إلى الفن، وعبر لها عن ثقته فيها كفنانة مبدعة وطلب منها أن
تخرج معه لمقابلة محمد عبد الوهاب للعمل في فيلمه القادم، ولم تصدق زينات نفسها
بأنها ستقف أمام عبد الوهاب، وشجعتها والدتها كي تذهب مع سليمان نجيب.
عبد الوهاب يصفق لزينات صدقي
شاركت زينات صدقي في فيلم ممنوع الحب بطولة محمد
عبد الوهاب وقد أسند مخرج الفيلم لزينات دور هام وهو دور الخادمة التي تنقل صورة
مزيفة عن الزوجين لعائلتيهما حتى تم الوفاق بين العائلتين، وبعد أن انتهت زينات من
تصوير أحد المشاهد، فؤجئت بتصفيق وثناء من الموسيقار محمد عبد الوهاب على حسن
أدائها، إلا أنها ابتسمت وشكرته من بعيد وانصرفت دون أن تصافحه، وهنا نادى عليها
عبد الوهاب وقال لها : يبقى اللي سمعته عنك صحيح يا زينات .. لا بتاكلي مع حد ولا
تسلمي على حد .. أنا كنت فاكر اني مزودها شوية بالوسواس اللي عندي ، طلعتي انتي
موسوسة عني بكثير!! اعتذرت زينات لعبد الوهاب وأكدت أنها عادة تأصلت فيها ولا تقصد
إهانة إحد، فطمأنها عبد الوهاب بأنه أيضاً مثلها، لكن وسواسه له حدود، وأنه يأكل
ويشرب في العمل والحفلات، وابتسمت زينات ووعدته بمحاولة الحد من الوسوسة، كان ضمن
الحضور في الكواليس سليمان نجيب الذي لم يكن له دور في الفيلم، ولكن سعادته كانت
فقط في إعادة زينات للعمل خصوصاً أنه كان يعلم أنها تعول أمها وأسرتها الصغيرة.